تتسارع وتيرة صدور التقارير التي ترصد وتتناول الوضع الاقتصادي والمعيشي في سوريا، فيما تحمل تلك التقارير في معظمها نظرة تشاؤمية للمرحلة المقبلة على البلاد، إذ إن تحذيرات وتوقعات الخبراء الاقتصاديين تقود نحو الإجماع بأن التضخم سيصل إلى ذروته في شتاء هذا العام، وأن الغذاء والطاقة سوف يدفعانه نحو الجموح.
فحسب آخر الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، فقد بلغ معدل التضخم في سوريا 163.1 بالمئة في عام 2020 فيما حذر باحثون سابقاً من أن الوصول إلى مرحلة التضخم الجامح، وهو الشكل الأكثر ضررا للاقتصاد بسبب الارتفاع السريع والمتواصل في المستوى العام للأسعار، ما يؤدي إلى فقدان المال لقيمته الشرائية.
في هذا الإطار، أشارت الدكتورة رشا سيروب، عميدة كلية الاقتصاد السابقة بالقنيطرة، أن التضخم العام بدأ يتجاوز حدوده العامة في اقتصادات الدول المتقدمة منذ أوائل عام 2021، مدفوعة بسياسات التحفيز النقدي "التيسير الكمي"، وخطط الإنقاذ التي لجأت إليها حكومات دول العالم في محاولة للحد من آثار انتشار فيروس كورونا.
ونتيجة لتخفيف تأثير التحفيز خلال الوباء، لجأت البنوك المركزية إلى أدوات السياسة النقدية البديلة “أسعار الفائدة”، في محاولة لإبطاء التضخم. ولكن هذا الإجراء استغرق وقتا أطول من المتوقع قبل أن تنتعش سلاسل العرض، ولكي يعود جانب العرض في الاقتصاد إلى طبيعته.
سيروب، قالت لصحيفة "الوطن" المحلية، أن نتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا،وتأثيرها على إمدادات الطاقة والغذاء، بلغ التضخم العام مستوى جديدا أعظم كثيرا من المتوقع، وعلى هذا فإن توقعات التضخم في المستقبل سوف تخضع لقدر كبير من التكهنات وعدم اليقين، وخاصة إذا تفاقم الصراع الروسي الأوكراني، وقد يبلغ التضخم ذروته مع بداية الشتاء.
وبيّنت سيروب، إلى أن تغير المناخ يجعل المعروض العالمي من الغذاء أكثر تقلبا، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة الأسعار، كما سيؤدي التحول الأخضر "الجفاف"،على رفع تكاليف الطاقة، والتي من المتوقع أن تخلّف جميعها تأثيرا كبيرا على الاقتصاد في بداية الشتاء من هذا العام، وسوف يدفعان التضخم العام في سوريا إلى الجموح "التضخم الجامح".
ووفقا لسيروب، فإن معدل التضخم العام يبلغ حاليا ضعف معدل التضخم الإجمالي، وبذلك فإن أسعار الفائدة القصيرة الأجل لابد أن تكون أعلى كثيرا من أجل الحد من التضخم؛ ولكن الساسة سوف يتدخلون في الاقتصاد لتخفيف المخاطر الناجمة عن هذا الارتفاع، الذي لن يسفر إلا عن الحفاظ على نمو الاقتصاد الاسمي بسرعة، وبالتالي الإبقاء على التضخم لفترة أطول.