خاص B2B-SY
في الوقت الذي تعيش فيه البلاد أحلك ظروفها، وبينما وصل الوضع المعيشي لأصعب وأسوأ حالاته، جاءت عودة سورية للجامعة العربية، المتزامنة مع انفتاح كبير على دمشق منذ وقوع كارثة الزلزال، بمثابة "إنعاش" لآمال السوريين المندثرة بواقع أفضل، فهل بالفعل ستحيي هذه العودة بعد غياب دام اثني عشر عاماً، الاقتصاد السوري؟!
اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية عودة سورية إلى مجلس جامعة الدول العربية، ذات منعكسات سياسية واقتصادية واجتماعية إيجابية في جميع المجالات، وعلى كافة الصعد، ليس فقط على سورية دولةً وشعباً، بل أيضاً –وبصورة نسبية- على جميع الدول العربية الأخرى التي كانت تُقاطع سورية بضغط صهيوني أمريكي غربي خلال السنوات الماضية.
وأضاف الدكتور عابد فضلية، في تصريح خاص لموقع "بزنس2بزنس"، أن هذه العودة هي قبل كل شيء خطوة سياسية دبلوماسية، ولكنها أيضاً خطوة اقتصادية نحو الأمام باعتبار أن الاقتصاد هو الوجه الآخر للسياسة، كونها تُعيد وتُنشط العلاقات التجارية والاستثمارية
"السورية- العربية".
وأكد الخبير الاقتصادي، أن هذا الأمر سينعكس إيجاباً على صادراتنا من السلع الزراعية، وخاصة الخضار والفاكهة الطازجة، وعلى العديد من المنتجات الجاهزة النسيجية، باعتبار أن هذه السلع والمنتجات مرغوبة جداً قي السعودية ودول الخليج العربي الأخرى، الأمر الذي يعني –كتحصيل حاصل- أن ذلك سينعكس إيجاباً أيضاً على القطاع الزراعي والمزارعين والصناعيين والحرفيين السوريين، وكذلك الأمر على المستوردات وأسواق الاستهلاك العربية.
وفي الوقت الذي يتساءل فيه الكثيرون عن موعد هذه التطورات، أشار الدكتور فضلية، إلى أنه من الصعب إعطاء وقت محدد لذلك، لأننا بصدد الحديث عن علاقات دولية، ولكنه أشار في ذات الوقت، إلى أن الرؤية المنطقية الأرجح هي أن العلاقات التجارية ستنشط بالتأكيد خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة، أما الأنشطة الاستثمارية العربية في سورية فربما ستتطور وتتحسن بشكل تدريجي وبوتيرة موازية لوتيرة تطور وتحسن العلاقات السياسية والدبلوماسية ومع تطور الزيارات العائلية والأنشطة السياحية.
وأكد فضلية، أن كل ذلك سينعكس إيجاباً على مستوى الأسعار وحركة الأسواق السورية، ولكن بشكل غير مباشر، قائلا: إن تنشيط الإنتاج الزراعي والصناعي والحرفي، سيؤدي حتماً إلى تحسن الأنشطة الأخرى (تجارة، اتصالات، نقل، شحن ..الخ) ما يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، وإلى التشغيل المجدي للأيدي العاملة الحالية في جميع الأنشطة.
وبالتالي سيؤدي إلى مزيد من الرواتب والأجور وسبل الدخل الأخرى، وإلى تحقيق الأرباح وتشغيل رؤوس الأموال، وزيادة في القوة الشرائية عموماً وعلى المستوى الاقتصادي الكلي، وهذا ما سيؤدي عملياً إلى زيادة العرض السلعي في الأسواق السورية، إنتاجاً واستيراداً، الأمر الذي بدوره سيتمخض عنه –منطقياً- حالة أفضل من المنافسة واعتدال الأسعار.
من جهته، أكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية محمد نادر العمري، لموقع "بزنس2بزنس"، أن الأهمية الاقتصادية لعودة سورية إلى الدول العربية، ستظهر بشكل تدريجي وليس بشكل سريع ومباشر، وذلك نتيجة عدة اعتبارات، أولها التلويح الامريكي بقانون قيصر.
وأشار العمري، إلى أن الاتفاقيات التجارية، وفتح الحدود البرية، والترانزيت وكذلك خطوط الطرق، كلها ستسهم في دعم الاقتصاد السوري تدريجيا.
وأضاف: اعتقد بأن لغة المصالح بدأت تفرض نفسها بقوة على بعض الدول العربية بما فيها السعودية، التي تمتلك مشروع اقتصادي، هذا المشروع يتطلب تعاون دول المنطقة وتحويل المقاربة في المنطقة، من مقاربة الاشتباك إلى مقاربة التشبيك في العلاقات.