عززت "الكارثة الكهربائية" الحادة التي نحيا فيها هذه الأيام، ثقافة ما يمكن تسميتها بـ "ثقافة العتمة" التي لم يسبقنا إليها أحد، حتى صار لها طقوسها التي تصاعدت ورسمت خطّها البياني المُبْهم بلا تفسير وبلا إجابات صريحة شفافة، ما عدا شماعة الحرب والإرهاب والاحتلالات التي تهيمن على مقدراتنا وتنهب ثرواتنا ومتلازمات قانون قيصر والحصار الظالم التي نمت مع الأيام، وطول سنوات التغريبة العجاف.
وقالت صحيفة البعث: إن هذا الوضع أعادنا حقيقة إلى عهود غابرة وتسبب بتدهور حياتي واقتصاديٍّ واجتماعي وتعليمي وعلمي وإنتاجي وصناعي وزراعي وخدمي ومؤسساتي كبير غير مسبوق لا يتوافق مع قدراتنا البشرية الخلاّقة الكامنة وإمكاناتنا المادية غير المستثمرة!
وأضافت: أمام هذا الواقع، لم يكن أمامنا إلا التأقلم والتكيف مع الواقع بدل لعن الظلام والظروف، ما أفرز سلوكاً يتناسب مع المستجدات والمتغيرات، فدخلت حياتنا واستوطنت ثقافة الليدات والبطاريات والمولدات والأمبيرات والطاقات البديلة النظيفة التي انتشرت وراجت للتعامل مع ثقافة التقنين الدخيلة على حياتنا، والتي تجاوزت مفهوم تقنين الكهرباء الضيق لتطال تقنين الغذاء والشراب والتنقل والتدفئة والاستشفاء الصحي وتأمين المداخيل الجديدة بابتداع أساليب جديدة مبتكرة للتعاطي مع الثقافة الوافدة، ونتمكن من الإجابة على كل الأسئلة من شاكلة: كيف يمكن أن تلبي احتياجاتك بأقل التكاليف والنفقات!؟
وقالت الصحيفة: صحيح أن القلم والكتابة لم تعد تجدي نفعاً، لأننا نعرف جيداً أن لا أحد يهتم ويقرأ ويتابع لضيق الوقت، أو اللامبالاة الدارجة، أو هذه إمكاناتنا على قاعدة “لا يكلف الله نفساً إلا وسْعها"، لكننا ندرك أيضاً أن الأمر بات يحتاج لقدرة خارقة "ربما" للنهوض من جديد، وإلا لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
وختمت الصحيفة بالقول: مع ذلك وحتى لا نتهم بالسوداوية والتشاؤم، فإننا لا نزال نؤمن ونتطلع بأمل إلى شعاع الضوء الذي لا بد أن يطلع ويسطع، لأنه ساكن فينا، ولأننا مسكونون به، ولأنها سيرورة الحياة والبقاء والانتصار!!