مع تجاوز 16 ساعة انقطاع بالكهرباء و أمام عجز المواطن عن تأمين ثمن شرائها .. السوريين يلجؤون إلى شراء « البطاريات المستعملة» بنصف السعر تقريباً لكن بنصف العمر الافتراضي.
ازدهرت تجارة البدائل الكهربائية على أكتاف حاجة المواطن السوري دون رقيب أو حسيب خلال السنوات الماضية و ذلك مع تجاوز ساعات انقطاع التيار الكهربائي 16 ساعة يومياً،فخيار الطاقات المتجددة بات محصوراً بميسوري الحال باعتبارها مكلفة جداً، بينما بقي اللجوء للبطاريات والشواحن والليدات هو الخيار المتاح أمام المفقرين، براتبهم المحدود وأعبائهم المتعاظمة وواقعهم المعيشي السيئ!
وبحسب ما نشرته " صحيفة قاسيون السورية" فقد بتنا نجد العديد من الأنواع المستوردة للبطاريات (من فيتنام، وكوريا، والهند، والصين) هذه الأنواع عالية الجودة والتكلفة أيضاً، إذ تصل لما يقارب الألف دولار أميركي، حيث يرتبط سعرها بتقلبات سعر صرف، ويقتصر اقتناؤها على شريحة محددة من ميسوري الحال!
في حين يتوجه أغلب السوريين للبطاريات محلية الصنع ذات الجودة الأقل، والتي تتراوح أسعارها بين 450 ألف والمليون ليرة سورية للبطارية (100 أمبير)، أما البطارية (150 أمبيرًا) فتتراوح بين 750 ألف ومليون ونصف ليرة سورية.
ونلاحظ أن أقل سعر للبطارية يعادل نحو أربعة أضعاف راتب الموظف، رغم حاجته الشديدة لاقتناء البطارية في ظل الواقع الكهربائي المأساوي، وبدء العام الدراسي وبداية فصل الشتاء!
فمع عجز المواطن المفقر عن تأمين ثمن البطارية، لجأ لشراء البطاريات المستعملة، بنصف السعر تقريباً لكن بنصف العمر الافتراضي، كحل بديل لعدم قدرته على شراء الجديدة! حيث سمحت الحكومة بإنشاء معامل لإعادة تدوير البطاريات التالفة، وإنتاج بطاريات جديدة، ولكنها من جهة أخرى ضيقت على الصناعيين، وعلى المنشآت الصناعية!
فقد كان يجب أن يتم توفير المواد الأولية لهذه المنشآت، وتحديداً مادة الرصاص، من الشركة السورية للمعادن، لكنها لم تقم بواجبها بهذا الإطار على ما يبدو! فقد أشار الصناعي محمد عبد الرحمن عبر جريدة الوطن إلى أن السورية للمعادن لم تزود منشأته بأي كميات من مادة الرصاص!
مع الأخذ بعين الاعتبار، أن السورية للمعادن ليست الجهة الوحيدة التي تقوم بتجميع البطاريات التالفة من أجل الحصول منها على مادة الرصاص، لإعادة تزويد بعض المنشآت العاملة محلياً فيها، بل هي الجهة الأضعف في هذه العملية!
حيث تنتشر الورش المحلية ومجموعات العمال الجوالة في المدن، أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتقوم بشراء البطاريات التالفة من المنازل، وتبيعها إلى تجار يقومون غالباً ببيعها إلى معامل وورشات غير مرخصة، أو خارج سورية بهوامش ربح مرتفعة، حيث وصل سعر طن الرصاص إلى ٢٣٠٠ دولار!
أمام هكذا واقع، يُفرض على المواطن شراء بطاريات ووسائل الطاقة البديلة في ظل سوء التغذية الكهربائية وترديها المستمر، وأمام التضيق على الصناعيين في مجال تصنيع البطاريات محلياً، أو غيرها من منتجات الطاقات المتجددة، فإن المستفيد الوحيد من كل ذلك هم شريحة كبار المستوردين ومحتكري الاستيراد، الذين من مصلحتهم فرض المزيد من التضيق على الصناعيين والمنتجين المحليين، وذلك لتوسيع وزيادة هوامش أرباحهم من جيوب المفقرين من عامة الناس، وعلى حساب الصناعة المحلية أيّاً تكن!
فما ينطبق على منشآت تصنيع البطاريات وإعادة تدويرها يمكن تعميمه على غيرها من الصناعات التي فرضتها الأزمة، كألواح الطاقة الشمسية أيضاً!
فكثيراً ما سمعنا أن معامل الألواح المحلية ستنطلق في عملها وإنتاجها، وصولاً لتغطية احتياجات السوق المحلية منها، ولكننا لا نرى سوى المنتجات المستوردة في الأسواق عملياً، برداءة مواصفاتها وارتفاع أسعارها!
ويبدو أن الحال سيبقى على ما هو عليه من التضييق على الإنتاج المحلي، ومن استمرار الأزمات وتفاقمها وتعمقها، والتي تستفيد منها شريحة أصحاب الأرباح، من المستوردين والنافذين والناهبين والفاسدين، على حساب الإنتاج والمستهلك والاقتصاد الوطني!