قالت الباحثة الاقتصادية الدكتورة رشا سيروب، إنه وبالرغم من عودة الأمان للكثير من الأراضي السورية، استمر التراجع في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأكثر من 13% بين عامي 2015 -2022، الذي تزامن مع ارتفاع مُعدلات الفقر سنوياً لتصل إلى 55%.
وأضافت سيروب لصحيفة تشرين : كان من المُفترض أن ترتكز السياسات الاقتصادية خلال سنوات الاستقرار النسبي، على انتشال أكبر عدد من الفُقراء، لتجاوز خط الفقر الوطني، درءاً لخطر الانتكاس.
وتابعت : لكن ومع الأسف، استمر النهج الحكومي في زيادة حدة الفقر، عبر اتباع سياسات تقشفية تحت مُسمى “ترشيد الإنفاق الحكومي”، ليكثر الحديث مؤخراً عن تخفيض الإنفاق على ما تبقى من خدماتٍ مجانية أساسية (الصحة، التعليم، الدعم الاجتماعي)، التي تُشكل درع الحماية وصمام الأمان، للحد من الوقوع في براثن الفقر، في ظل ارتفاع التضخم الجامح بأسعار السلع الغذائية، التي تُقارب الـ 130% على أساسٍ سنوي.
واكدت سيروب، عدم صوابية بعض الاجراءات الحكومية الذي بدل أن يقوم بتحسين واقع الخدمات وترميم الفجوة بين الواقع والمأمول اتجهت لتخفيفها، ما انعكس انخفاضاً بالإنفاق العام في عام 2015 من 23.4% و5.6% و42.9% بالنسبة للتعليم والصحة والدعم على التوالي إلى 8.7% و5.4% و29.2% على التوالي في العام 2022.
واوضحت الباحثة ان العلاقة بين التعليم والصحة والنمو الاقتصادي علاقة طردية، أي (كلما ارتفع الإنفاق على الصحة والتعليم يزداد النمو الاقتصادي)، بينما هي علاقة عكسية بين الصحة والتعليم والفقر، أي (كلما انخفض الإنفاق على الصحة والتعليم يزداد الفقر)، في وقت تستمر به السياسات الحكومية بتعزيز انسحاب الدولة من دورها الاجتماعي، تحت ذرائع مالية بحتة وحجج غير مُستندة على أساس موضوعي.
وتابعت سيروب: إن الإنفاق على الصحة والتعليم ليس إنفاقاً جارياً غير مُنتج، بل هو في الواقع إنفاقٌ استثماريٌ طويل الأمد، يؤدي إلى تقدم الدولة وضمان السلم المُجتمعي، كما أنها سلع عامة لا يجوز استبعاد أحد منها، وتوافر الخدمات للجميع يعكس بالضرورة مصالح جماعية للمُجتمع قبل الأفراد، فيما الحفاظ عليها هو من المسؤوليات الأساسية للدولة.