أشارت صحيفة محلية إلى أن تنامي واستفحال ظاهرة الدروس الخصوصية والمعاهد الخاصة، لتصبح ضرورة كسوق وبورصة، تتمحور مسبباتها بشكل أساسي بسبب خفض الإنفاق العام التي انعكست سلباً على القطاع التعليمي، مروراً بالخصخصة وتعزيز انتشارها وتوسعها، عدا عن الأجور!
وقالت صحيفة قاسيون: أصبحت المدارس عاجزة عن توفير أهم مستلزمات العملية التعليمية فيها، كوسائل الإيضاح والقرطاسية وبقية الاحتياجات الشبيهة، إضافة إلى التجهيزات العلمية والعملية والتقنية، وإلى جانب ذلك تفتقر معظم القاعات الدراسية إلى الإنارة الجيدة والتدفئة والتهوية، وشروط الراحة النفسية التي يحتاجها الطلاب، إضافة إلى الاكتظاظ الشديد في القاعات الدراسية!
وتابعت: أثرت العطل الطويلة التي شهدناها خلال الأعوام الماضية، بغض النظر عن مبرراتها، على حسن استكمال المناهج الدراسية، هذا في حال استكملت، فالكثير من المدارس كانت عاجزة عن استكمال المناهج، وخاصة لطلاب الشهادات (الإعدادية والثانوية)!
وتابعت الصحيفة: أما ما يتعلق بقرارات وزارة التربية خلال الأعوام السابقة، فقد اتسمت بالعشوائية والتخبط، كقرارات تعديل المناهج المستمرة، التي لم تحقق الفائدة المرجوة منها للطالب والتطوير النوعي الذي تحتاجه منظومة العملية التعليمية، لتأتي أيضاً قرارات أتمتة الامتحانات وإلغاؤها، أو تقليص مدة امتحانات الشهادات وتقريب مواعيدها... إلخ!
وأضافت: كذلك كان لوزارة التعليم العالي دور كبير في تكريس بورصة الدروس الخصوصية، لأن معيار دخول الجامعات عبر سياسات القبول الجامعي، من خلال آليات المفاضلة العامة المتبعة، يتوقف على العلامات المحققة بنتيجة امتحان الثانوية العامة فقط، وهذا المعيار غير صحيح وغير كافٍ في ظل واقع الترهل والتراجع في العملية التعليمية في المرحلة ما قبل الجامعية!
وقالت الصحيفة: ليس هذا وحسب بل الأسوأ من ذلك كله هو أجور المعلمين التي أوصلتهم إلى حدود الجوع، كحال كل أصحاب الأجور، والتي لا تتناسب مع ارتفاعات أسعار الأساسيات الضرورية من غذاء ولباس وغيرها!
وتساءلت الصحيفة: كيف يمكن للمعلم، الذي أنهكه التفكير بتأمين مستلزمات الشهر من خبز وغذاء ودواء، أن يقف بكامل قواه وذهنه ليقدم المعرفة لطلابه في الصف، إضافة إلى المهام الموكلة إليه من وضع أسئلة وتصحيح ومحصلات وسجلات و...؟!مضيفة: فالمعلم مستنزف في الوقت والجهد حتى الرمق الأخير، لقاء أجرٍ زهيد لا يتناسب مع جهده وتعبه من جهة، ولا يتوافق مع ضروراته المعيشة من جهة أخرى!
مقالت: من الطبيعي أن يبحث هؤلاء عن عمل آخر لتأمين مصدر دخل إضافي يساعدهم في تأمين متطلبات الحياة اليومية في ظل الظروف الاقتصادية المتردية، بما في ذلك طبعاً اللجوء إلى الدروس الخصوصية، حتى أن بعضهم عزفوا عن التدريس في المدارس الرسمية، وتوجهوا نحو المدارس والمعاهد الخاصة، أو تفرغوا كلياً للدروس الخصوصية!
وأضافت: كل ما سبق يؤثر سلباً على أداء المعلمين الذين يبقون طوال الدرس في حالة من الضغط والتوتر، كما يؤثَّر على مستويات فهم الطالب وإدراكه، ويعرقل عملية إيصال المعلومات إليه بيسر وسهولة، والنتيجة هي مزيد من التراجع في العملية التعليمية، وذلك في المدارس الرسمية والخاصة على السواء، وفي المرحلة الجامعية كذلك، وصولاً إلى مرحلة الدراسات العليا!