يشهد القطاع الزراعي في سوريا تراجعاً مخيفاً في زراعة الخضار داخل البيوت المحمية، حيث اضطر أكثر من 40% من الفلاحين إلى التخلي عن الزراعات الشتوية واستبدالها بالزراعات الاستوائية، بسبب الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج.
وأوضح الخبير الزراعي، وسام عيسى، في تصريح خاص لموقع "بزنس 2 بزنس"، أن تكلفة تجهيز البيت البلاستيكي للزراعة ارتفعت بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى عزوف الكثير من الفلاحين عن هذا النوع من الزراعة.
وأشار عيسى إلى أن البيت البلاستيكي الذي أنتج العام الماضي بقيمة 30 مليون ليرة، يحتاج إلى تجهيزات بقيمة 40 مليون ليرة للموسم المقبل، مما دفع الكثير من المزارعين إلى التحول إلى زراعات استوائية مثل الموز.وأكد عيسى أن هذا التحول يمثل خسارة كبيرة للقطاع الزراعي في سوريا، حيث فقدت الزراعة آلاف البيوت البلاستيكية، مما يهدد بتراجع إنتاج الخضار المحلي وزيادة الاعتماد على الواردات.
وأوضح عيسى لموقع "بزنس2بزنس" أن تكلفة مستلزمات الإنتاج الزراعي شهدت ارتفاعات كبيرة هذا العام. ولفت إلى أن سعر ظرف بذار البندورة والخيار ارتفع من مليون ليرة العام الماضي إلى 3 ملايين ليرة هذا العام. كما ارتفع سعر شتلة البندورة المطعمة من 1500 ليرة إلى 7 آلاف ليرة، وسعر كيس السماد من 150 ألف ليرة إلى 750 ألف ليرة.
وأضاف عيسى أن تكلفة برميل الرش ارتفعت من 70 ألف إلى 450 ألف ليرة، وأجور النقل من 50 إلى 150 ألف ليرة. كما زادت أجرة العامل اليومية من 20 إلى 70 ألف ليرة، وسعر لفة النايلون الواحدة من 3 إلى 6 ملايين ليرة. وأخيرًا، ارتفع سعر طرد الفلين من 35 إلى 95 ألف ليرة.
و أشار الخبير الزراعي لموقع " بزنس2بزنس" إلى أن خسائر المزارعين نتيجة التنين والأحوال الجوية القاسية كبيرة جدًا، ولا يتم تعويض الأضرار إلا إذا كانت جسيمة، وحتى في هذه الحالة، تكون التعويضات قليلة ولا تغطي جزءًا بسيطًا من الخسائر.
وحذر من تراجع عدد السيارات المحملة بالخضار الشتوية مثل الباذنجان، الفليفلة، الخيار، البندورة، الفاصولياء، والكوسا التي كانت تملأ أسواق الهال، داعيًا الجهات الحكومية إلى الالتفات إلى هذه المشكلة. كما أكد أن الموز لا يمكن أن يكون بديلاً عن البندورة والخيار.
ودعا عيسى إلى تمويل مستلزمات الانتاج من قبل المصرف الزراعي وفق الأسعار الرائجة، وضخ أموال كبيرة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الفلاحين واعادتهم إلى الزراعة، ووقف التوجه نحو الزراعات الاستوائية، لافتا إلى أن منظر السهول الساحلية كان المشهد الغالب للبيوت البلاستيكية بينما المشهد اليوم لمزارع الموز والفواكه الاستوائية.
وبين الخبير الزراعي أن بعض الفواكه الاستوائية تصل سعر الغرسة الواحدة إلى فوق 2 مليون ليرة، وسعر الكيلو منها 250 ألف، وبعض الفواكه مذاقها غير مستحب لدى الشعب السوري، ومع ذلك سعره مرتفع بسبب القيمة الغذائية التي يحملها، وعندما تصبح هذه المزارع في الخدمة سنكون أمام مشكلة تصريف هذه المنتجات في الأسواق المحلية والخارجية.