تواجه محافظة حمص وريفها أزمة مياه حادة أصبحت شبه دائمة، حيث بدأت هذه الأزمة قبل أكثر من عشر سنوات في بعض القرى وما زالت تتفاقم حتى اليوم دون أي جهود رسمية جدية لحلها. تعاني معظم المناطق الريفية في المحافظة من نقص في مياه الشرب، حيث تخضع لبرنامج إرواء يقتصر على ساعة مياه واحدة كل 10 أيام، فيما تصل مدة قطع المياه في بعض القرى إلى الشهر الكامل.
فالأزمة قديمة ومزمنة وباتت متكررة في تفاقمها كل عام مع حلول فصل الصيف وازدياد درجات الحرارة، وهو ما يدفع المواطنين مرغمين إلى تعويض النقص عبر شراء الماء من الصهاريج التي تبيعها بأسعار مرتفعة وكيفية، لا رقيب عليها!
فإلى متى سيستمر هذا الحال؟وإلى متى ستستمر الجهات المعنية بصم آذانها؟ وعلى الرغم من الاعتراف الرسمي بالمعضلة، وبحجم انعكاساتها السلبية على حياة المواطنين، إلا أنه لا حلول تذكر، مما يدفعنا إلى التساؤل هل التنسيق بين مؤسستي المياه والكهرباء صعب لهذه الدرجة؟
واقع مأساوي.. مدة قطع المياه تصل إلى الشهر في بعض القرى!
ووفقا لما نشرته صحيفة " قاسيون " المحلية تعاني معظم المناطق الريفية في محافظة حمص من قلة مياه الشرب، فقرى سكرة وأبو دالي وتل أحمر على سبيل المثال لا الحصر، كانت تخضع لبرنامج إرواء ساعة مياه واحدة خلال عشرة أيام، أما الآن فقد أصبحت ساعة مياه كل خمسة عشر يوماً، رغم تركيب غاطسة جديدة للبئر الذي يزود هذه القرى بالمياه، حسب حديث الأهالي!
وعند السؤال عن سبب ازدياد المدة كان التبرير بعدم توفر محروقات، وكمية المحروقات المخصصة للبئر لا تكفي شهراً كاملاً! وحال باقي القرى لم يكن أفضل طبعاً، ففي بعضها وصلت مدة قطع الماء إلى الشهر، مثل قرى خربة الحمام- بلقسة- بعيون- لفتايا، والقائمة تطول، وكذلك هي الحال في أحياء المدينة نفسها التي تعاني من شح المياه وزيادة فترات التقنين المائي المترافق مع زيادة فترات التقنين الكهربائي!
وكما جرت العادة فالأعذار دائماً موجودة وجاهزة، عدم توفر المحروقات الكافية لتشغيل المضخات، الأعطال المتكررة التي تصيب الغاطسات والنقص في بعض مستلزمات تشغيلها الأخرى مثل الزيوت، إضافة إلى أن شبكة المياه في العديد من القرى والبلدات أصبحت متهالكة بسبب طول عمرها الزمني.
بالإضافة إلى كل ما سبق فإن التقنين الطويل للتيار الكهربائي المطبق يعتبر مسبباً رئيسياً لاستمرار أزمة المياه، وخاصة في الظروف الحالية، وقد بات من الواضح أن مؤسسة المياه كرست ذلك كذريعة مناسبة لتريحها في التنصل من مسؤولياتها تجاه استمرار وتفاقم أزمة المياه، كإصلاح الأعطال التي تصيب منظومة الضخ، أو تغذية بعض المحولات بالتيار الكهربائي، أو حتى اللجوء إلى الطاقة المتجددة للاستغناء عن التيار الكهربائي عبر الشبكة الرسمية، أو حتى مخاطبة مؤسسة الكهرباء لتنظيم ساعات وصل التيار الكهربائي بالتوازي مع فترات ضخ المياه، أو البحث عن أية حلول مناسبة للمواطنين الذين أرهقهم شراء المياه مجهولة المصدر وفقا لما نشرته "قاسيون"!
فهل تنظيم ساعات ضخ المياه وساعات تقنين التيار الكهربائي بتلك الصعوبة التي تعجز عنها الجهات المعنية؟! فما الحل هنا؟ وهل يمكن الاستغناء عن الماء مثلاً؟
وهل تأمين خط تواصل بين مؤسستي الكهرباء والمياه مستحيل لهذه الدرجة؟
وإلى متى سيبقى الإضرار بمصلحة المواطن بعيدة عن المحاسبة؟!
فليست مشكلة المواطن عدم توفر المحروقات لتشغيل الآبار، ولا عطب الغاطسات وسوء البنية التحتية وترهلها، ولا حتى التقنين الكهربائي الجائر، فكل هذه القضايا تعتبر افتراضاً من مسؤوليات الجهات المعنية في مؤسستي الكهرباء والمياه والمحافظة، وخلف كل هذه الجهات مسؤوليات وواجبات الحكومة نفسها!