بعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عامًا من الأزمة، يجد السوريون أنفسهم مجبرين على تغيير عاداتهم الاستهلاكية بشكل يتنافى مع احتياجاتهم الأساسية.
ومع استمرار تآكل القدرة الشرائية يومًا بعد يوم، أصبح تأمين الاحتياجات الغذائية بالحد الأدنى تحديًا كبيرًا لغالبية الأسر السورية، مما يعكس حجم التراجع في القدرة على الاستهلاك وتلبية المتطلبات المعيشية.
ومن المعروف أن تراجع معدلات الاستهلاك لا تنعكس سلباً على معيشة وصحة المواطنين فقط، بل وكذلك تنعكس سلباً على دورة الإنتاج وعلى الاقتصاد الوطني عموماً!
ماذا تقول الأرقام الرسمية؟!
يوضح الجدول الآتي بيانات الاستهلاك العائلي بحسب المكتب المركزي للإحصاء، وقد أظهرنا نسبة الانخفاض فيها لعيّنة من السنوات بعد إعادة حسابها وفقاً لمتغيرات سعر الصرف الرسمي وفقا لما نشرته صحيفة "قاسيون" المحلية.
يوضح الجدول أعلاه أن الإنفاق الاستهلاكي العائلي انخفض بنسب متفاوتة خلال السنوات المذكورة، وبحسب بيانات الاستهلاك العائلي التي نشرها المكتب المركزي للإحصاء في سوريا، والتي تظهر نسبة الانخفاض فيها لعيّنة من السنوات،، حيث وصلت نسبة انخفاض الاستهلاك العائلي في سورية خلال العام 2022 إلى 35,81% عما كانت عليه في العام 2011، محسوبة بالاعتماد على سعر الصرف الرسمي البالغ 3015 ل.س في عام 2022، وعليه فإن نسبة انخفاض الاستهلاك العائلي هي أعلى بكثير وتقدر بما لا يقل عن 74,19%.
6342% نسبة التضخم بين 2011-2022
وبحسب ما نشرته صحيفة " قاسيون" المحلية تشير البيانات الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء إلى أن معدلات التضخم آخذة بالارتفاع سنة بعد أخرى! فعلى سبيل المثال فإن حساب معدل التضخم التراكمي بين عامي 2005 و2011 قدر بحوالي 48%، أي إن التضخم بين هذه السنوات كان يزيد سنة بعد أخرى بمعدل وسطي سنوياً 6,85% تقريباً، على اعتبار 2005 عام الأساس.
فبعد أن كان معدل التضخم التراكمي المقدر بين عامي 2005 و2011 حوالي 48% تضاعف بشكل غير مسبوق بين عامي 2011 و2022 ليصل إلى حوالي 6342% تقريباً، أي إن وسطي زيادة معدل التضخم سنوياً ضمن هذه الفترة يقدر بحوالي 55,88% تقريباً!
عتبة الفقر وسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي!
إن انخفاض قدرة وإمكانية السوريين على الاستهلاك بهذه المعدلات الكبيرة يعني ضمناً أنهم باتوا غير قادرين على تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية، إضافة إلى دلالته على تجاوز معدلات الفقر عتبات غير مسبوقة، وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية للعام 2022 فإن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى.
وتشير آخر التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في منتصف العام 2023 إلى أن أكثر من نصف السكان في سوريا، ما يقارب 12,1 مليون شخص لم يتمكنوا من الحصول على ما يكفي من الغذاء الجيد أو تحمل تكلفته، وأن ما يقارب 15 مليون شخص بحاجة على الأقل لأحد أشكال المساعدات الإنسانية!