شهدت أسعار العقارات في سوريا انخفاضاً كبيرا تجاوز 30%، نتيجة لتراجع سعر الصرف في السوق السوداء وذلك منذ سقوط النظام الأسد.
وفقًا لرصد مراسل موقع "بزنس 2 بزنس"، يعاني السوق العقاري من وفرة كبيرة في المنازل المعروضة للبيع في محيط العاصمة دمشق، لكن على الرغم من هذه العروض المغرية، لا يوجد طلب حقيقي على العقاراشت، في ظل تعطل عمليات البيع والشراء القانونية في مؤسسات الدولة وغياب استقرار السوق.
سوق العقارات يواجه تحولات جذرية وسط تبدّل خيارات المستثمرين
يشير أصحاب المكاتب العقارية إلى أن تسعير المنازل في السابق كان يعكس ارتفاع الطلب على العقارات باعتبارها الاستثمار الأكثر أمانًا وربحًا، حيث كان يتم تحديد سعر المتر بناءً على سعر الصرف.
وأوضح أحد أصحاب المكاتب لموقع "بزنس 2 بزنس" أن التعامل بالدولار كان محظورًا في الماضي، لكنهم اعتمدوا مصطلحات بديلة مثل "ليرة - بطاطا - بقدونس أخضر"، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تسعير العقارات بشكل مباشر بالدولار.
ويرى خبراء العقارات أن الإقبال الكبير على بيع العقارات حاليًا يعكس رغبة المستثمرين في تحويل أموالهم إلى مجالات أكثر جدوى اقتصادية. فمنهم من يعتبر الذهب خياراً أفضل للاستثمار، بينما يتجه آخرون نحو سوق الأسهم في البورصة.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، مثل فقدان شريحة كبيرة من العاملين وظائفهم واضطرارهم لتغيير أماكن سكنهم، في زيادة حجم العرض العقاري.
تأثير تراجع الصرف على بدلات الإيجار العقاري
أوضح أصحاب المكاتب العقارية لموقع "بزنس 2 بزنس" أن الاستثمار في تأجير العقارات يشهد تغيّرات واضحة نتيجة تراجع سعر الصرف. وبيّنوا أن الأسعار الرائجة لبدلات الإيجار باتت تُحسب وفق سعر الصرف الحالي في السوق السوداء، ما أدى إلى انخفاض قيمتها بالنسبة لليرة السورية.
وأشار أحد أصحاب المكاتب إلى أن المنزل المفروش بمساحة 70 مترًا مربعًا كان يُسعّر سابقًا بـ 100 دولار ويتم تحويل هذا المبلغ إلى الليرة وفق سعر السوق حينها. واليوم، ورغم بقاء سعر الإيجار بالدولار عند 100 دولار، فإن تحويله إلى الليرة السورية يجعل بدل الإيجار أقل بكثير مقارنة بالفترة الماضية، وهو الحال حتى في مناطق المخالفات.
تزايد الحاجة للوحدات السكنية في سوريا بعد عودة المهجرين
بحسب الدراسات العقارية لعام 2010، كانت السوق العقارية في سوريا تحتاج إلى 200 ألف شقة سنويًا لتلبية الطلب الناتج عن الزيادة السكانية. اليوم، ومع عودة المهجرين إلى البلاد بعد الدمار الكبير الذي خلّفه النظام البائد، تشير التقديرات إلى الحاجة إلى حوالي مليوني وحدة سكنية لتغطية الطلب المتزايد. ويُذكر أن العديد من العائدين هم من المغتربين الذين انتهت مشكلاتهم الأمنية مع سقوط النظام ولديهم الإمكانات المالية.
لذلك، أصبح من الضروري الاعتماد على شركات تطوير عقاري دولية تستخدم تقنيات حديثة لإقامة مدن سكنية متكاملة في مناطق مثل جوبر، القابون، داريا، القدم، ومناطق أخرى في دمشق والمحافظات، بما يسهم في سد الفجوة السكنية وتحقيق استقرار أكبر للعائدين.