عندما غادرت سوريا في عام 2011، كان امتلاك مليون ليرة سورية (حوالي 20 ألف دولار في ذلك الوقت) يعد من علامات الرفاهية. كان من يملك هذا المبلغ يُعتبر مليونيراً، وكان بإمكانه شراء شقة سكنية متوسطة الحجم في بعض المناطق أو ضواحي العاصمة دمشق مثل دوما، المعضمية، أو حرستا.
لم يكن ذلك فحسب، بل كان بإمكان المواطن السوري أن يشتري سيارة جديدة أو سيارتين مستعملتين، بالإضافة إلى إمكانية بدء مشروع صغير أو متوسط مثل سوبر ماركت أو متجر لبيع الأجهزة الإلكترونية.
لكن بعد 14 عاماً من مغادرتي، تغيرت الأمور بشكل دراماتيكي. ففي جولة سريعة في أسواق دمشق، فوجئت برؤية أرقام الأسعار وقد تكاثرت بشكل غير مسبوق، حيث وصلت إلى أرقام تتجاوز الستة أصفار مقابل معطف أو حتى حذاء!
لا تكفي لأسبوع
يقول أحمد الصباغ وفقا لموقع "الجزيرة نت" إن المليون ليرة سورية (تساوي حاليا نحو 85 دولارا فقط) باتت لا تكفي لسد تكاليف معيشة عائلة مكونة من 4 أو 5 أفراد لأسبوع أو 10 أيام، وذلك لتلبية الحد الأدنى من متطلبات تلك المعيشة.
وفي حديثه وهو يشتري بعض المواد الغذائية من سوق الشيخ سعد في حي المَزة، يضيف الصباغ "انظر وحدك إلى لوحات الأسعار في الأسواق لتعرف ماذا أقصد.. فالمليون ليرة اليوم من الممكن أن تشتري لك بضعة لترات من المازوت للتدفئة ولتسخين المياه للاستحمام، وكيلوغراما من اللحم وآخر من الفروج وزيت وسمنة وبعض المواد التموينية الأخرى".
وأشار الصباغ إلى أنه يعمل كمعلم وراتبه لا يتعدى 400 ألف ليرة شهريا (حوالي 34 دولارا) فقط، وهذا الراتب لا يكفي للمعيشة حتى بالحد الأدنى لولا المساعدات التي تأتيه من أخيه وأخته المقيمَين في أوروبا.
يقول محمد الجمال وهو مغترب سوري منذ 10 سنوات عاد لسورية للجزيرة نت إن الأسعار على واجهات المحلات معظمها بات بمئات آلاف الليرات فمعطف بـ600 و700 ألف والأحذية حتى على البسطات باتت أسعارها بربع مليون ونصف مليون، وأشار إلى أن هذه كلها بعد التخفيضات التي تتسابق معظم المحلات في الإعلان عنها على واجهاتها.
ولفت إلى أن من الممكن أنه يستطيع الشراء كونه مقيما في الخارج، أما مَن هم يعيشون في داخل سوريا ويقبضون أجورهم بالليرة فهم الذين يعانون بالشكل الأكبر.