أسوة بدعم يتلقاه المصدرون في الدول المجاورة.. جاءت فكرة دعم الصادرات في سورية... فالدول العربية والأجنبية صارت تباهي ببضائعها وحجم تجارتها بقدر دعمها للمصدرين، وإن كانت فكرة دعم الصادرات وصلت لسورية مؤخراً إلا أنها كانت تقدم الدعم للمصانع والمعامل قبل قولبة فكرة دعم الصادرات بإطارها الأخير المتمثل بإحداث هيئة لتنمية وترويج الصادرات
وكان الدعم يقدم من خلال أسعار المازوت ومواد الطاقة، كما أن الصناعة السورية بقيت محمية لفترة طويلة ما تسبب بتكاسلها عن تطوير نفسها فعانت من الانفتاح الاقتصادي الذي حل ضيفاً ثقيلاً بنظر بعض الصناعيين على البلد مؤخراً.. فأغلقت معامل وأفلست أخرى. ولم يكن من حل إلا بإحداث آلية جديدة لدعم المصدرين.. فكانت البداية القوية مع إحداث صندوق دعم الصادرات ولو أن معوقات كثيرة وقفت بوجه تقديم الدعم المادي للمصدرين في البداية أبرزها الخلاف مع وزارة المالية بشأن مبلغ الدعم ومحدودية الدعم الذي فرض تشميل سلع معينة فيه فكانت البداية مع الالبسة الجاهزة والكونسروة وزيت الزيتون ولم يتجاوز مبلغ الدعم الذي قدم عن العام 2010 أكثر من 223 مليون ليرة.. ماخلق تذمراً من المصدرين الذين لم يحصلوا على مبلغ الدعم ويعتبرون نفسهم أولى به..
B2B حاورت مدير عام هيئة تنمية وترويج الصادرات حسام اليوسف الذي تسلم مقاليد الهيئة منذ يوم تأسيسها.. واليوم يحاول الوصول مع كادر الهيئة لصيغة مثلى تبرز وجه الهيئة كأقرب مايكون لأرباب العمل.. ليحدثنا عن خطة دعم الصادرات في العام 2011 وتأثير العقوبات على وضع الصادرات والتجارة السورية.
دعنا نبدأ من آخر الأحداث.. اتخذت سورية مؤخراً قراراً بتعليق عضويتها في اتفاقية الاتحاد من أجل المتوسط.. كيف تقرأ هذا الإجراء وماهي تداعياته؟
بالنسبة للاتحاد من أجل المتوسط فلا يوجد اتفاقية تربط سورية بالاتحاد، وإنما هناك مفاوضات على اتفاقية شاملة تحول منطقة البحر المتوسط من اتفاقيات ثنائية مابين الشمال والجنوب إلى اتفايقة مشتركة بين كل الدول، يعني كانت الاتفاقيات عبارة عن شراكات مثلاً بين الاتحاد الأوروبي ولبنان والاتحاد الأوروبي ومصر والاتحاد الأوروبي والمغرب، ووفق اتفاقية الاتحاد من أجل المتوسط تصبح الاتفاقية مشتركة مع الجميع، وقد كان لسورية تحفظات شديدة على هذه الاتفاقية لأن إسرائيل أحد الدول الموجودة فيها، فإذا صار هذا الانفتاح فيعني دمج إسرائيل بالمنطقة، علماً أن المفاوضات تتضمن توحيد شهادة المنشأ بين كل الدول وتوحيد المواصفات والمقاييس وتوحيد إجراءت التجارة وضخ الاستثمارات، وتبادل المعلومات وفيها فوائد كثيرة لكن يوجد فيها غاية غير معلنة وهي دمج إسرائيل بالمنطقة ومن هنا كانت سورية حذرة جداً حيال هذه الاتفاقية.
كانت سورية حذرة لدرجة أننا لم نسمع بهذه الاتفاقية إلا عند تعليق عضوية سورية فيها؟
لا.. أنا واحد من الذين شاركوا بمفاوضات الانضمام لهذه الاتفاقية في العام 2007 وكنا نجتمع كل سنة 4 مرات، وكانت وزارة الخارجية السورية هي من ينسق هذا العمل، وحينما فرضت دول الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد سورية، ردت سورية بتجميد عضويتها في هذه الاتفاقية التي لم تقر أصلاً وكانت مجرد مفاوضات للوصول للاتحاد من أجل المتوسط، علماً بأن هذه الاتفاقية انطلقت في برشلونة عام 1995 وبدأت سورية بالمفاوضات في العام 2008 وكان المفروض أن تتحول لاتفاقية موحدة في العام 2010، والاجتماعات لازالت مستمرة لكن لم تنته ولم نصل بعد لموضوع الاتفاقية.
مامدى تضرر الاتحاد الأوروبي والدول المنضمة لهذه الاتفاقية من تعليق العضوية السورية؟
القرارات التي تأخذ في هذه الاتفاقية هي بالإجماع، وحينما تكون سورية الحلقة المهمة بالربط بين أوروبا والدول العربية والشرق الأوسط انسحبت من هذا الاجتماع فهذا يسبب مشاكل كبيرة بخصوص انسياب البضائع مثلاً وصار هناك حلقة مفقودة.
ومذا عن تداعيات قرار تعليق اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا؟
صادراتنا إلى تركيا هي 5% من الصادرات السورية بمقدار 600 مليون دولار، وبخصوص مايقولوه الصناعيون السوريون عن تخوفهم من أن تعيق تركيا استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعة هو كلام غير دقيق لأن المواد الأولية رسومها 1% وهي ليست عبء على الصناعي السوري أصلاً وخاصة أن هذه المواد معفاة بالأصل من الرسوم، والمواد الكمالية هي التي عليها رسوم فقط. وبالعموم فإن التجار متفاوتين دوماً بآرائهم فمرة يرحبون بالوجود التركي وأخرى يتذمرون من تعليق اتفاقية التجارة الحرة معه، لكن الموضوع جدلي إلى الآن ولم تبين آثاره بعد.
هل تتوقع انتعاش الصناعة السورية بعد تعليق الاتفاقية؟
بالتأكيد، ستنتعش الصناعة السورية لأنها كانت تعاني من الوجود التركي وخاصة بالنسبة لصناعة المفروشات ومشتقات الحبوب والألبسة إلى حد ما وخاصة صناعة الجينز، ولايوجد صناعة سورية معتمدة على تركيا. والعقوبات السورية لاتشمل الاستثمار التركي.
خطة الدعم:
تأخرتم في إقرار خطة دعم الصادرات لعام 2011 وأنتم تنتظرون اجتماع المجلس الأعلى للتصدير. كيف تبرر الأمر؟
نحن انطلقنا في 1/1/2010 كمرحلة تجريبية، وبالعام 2011 قلنا هل نستمر أم لا نستمر وحينها زارنا النائب الاقتصادي السابق عبد الله الدردري بحضور السيدة لمياء العاصي حينما كانت وزيرة للاقتصاد وبعدها قررنا ان نستمر بنفس الآلية في العام 2011، وبناء عليه طورنا الآلية وأدخلنا عليها العديد من التغييرات ورفعناها وطلبنا إقرارها ولم تقر، ولكن نحن عرضنا أمام وزير الاقتصاد في غرفة صناعة حلب خطة العام 2012 وسيبدأ العمل فيها مع بداية العام 2012.
ماهي أبرز ملامح خطة الهيئة للعام 2012؟
تعتمد آلية الخطة الجديدة على منح نقاط للمصدر وهذه النقاط توزع على السوق المستهدف فإن كان كذلك يأخذ نقاط عالية ومالم يكن مستهدف لا يأخذ نقاط، وثانياً إذا كان الشاحن سوري يأخذ نقاط عالية من أجل أن نشجع على بناء أسطول سوري وإن كانت وسيلة الشحن الأجنبية لايأخذ نقاط، والمعيار الثالث يعتمد على عدد العمال فكلما زاد عدد العمال المسجلين بالـامينات الاجتماعية يأخذ المصدر نقاط، وأيضاً القيمة المضافة في السلعة فكلما ازدادت يحصل المصدر على نقاط أعلى، ومجموع هذه النقاط يجب أن يكون 100 فإذا كان القيمة المضافة أكثر من 90% وكان الشاحن سوري والسوق مستهدف وعدد العمال أكثر من 250 عامل يصل عدد النقاط إلى مئة ونقسمهم على 10 فيكون الناتج 10% وهذه هي النسبة المئوية التي يحصل عليها المصدر وهي أقصى نسبة يمكن الوصول إليها.
لكن بظل ظروف الأزمة فإن نسب التصدير انخفضت وجزء كبير من الصناعيين سرح عماله وقلة هم الذين يشغلون أكثر من 250 عامل، ألا تجعل الظروف الجديدة معايير الدعم صعبة التحقق؟
التصدير حالياً أفضل من أي عمل آخر.. ولايوجد أي تأثير عليه فالدولار في ارتفاع ووصل لـ 60 ليرة، فالقطعة التي كان يبيعها المصدر بـ 50 ليرة صارت اليوم بـ 60 ليرة وهو يحصل على فرق ارتفاع الدولار عن الليرة، والتصدير صار مربح ولم يعد يحتاج لأي دعم، وبالنسبة للعقوبات على الحوالات المالية فهي لاتعيق التصدير أيضاً لأن كل المصدرين لديهم حسابات في الخارج وتمويلهم بالغالب من السوق غير النظامي وأكثر من 90 % منهم يتعاملون بهذه الطريقة، فالتصدير ربحه كبير ولاتشوبه أية اضرار ولم يتأثر بالركود الحاصل في البلد.
ماهو المبلغ الذين رصدتموه للدعم؟
رصدنا مليار ليرة لعام 2012. وآلية الدفع لاحقة فالهيئة ترى نسبة الصادرات والنقاط المأخوذة وبناء عليه تحدد قيمة الدعم، وهذا المبلغ يمكن أن نستهلكه كلها ويمكن أن ينقص أو يزيد ونأخذ زيادة من وزارة المالية. والحكومة الآن تتجه نحو سياسة ضخ الأموال في السوق لتحريكه ومن هنا لانتوقع إشكاليات جديدة مع وزارة المالية كتلك التي واجهناها مؤخراً، والأزمة لن تؤثر على مبلغ الدعم.
قنوات تصديرية جديدة:
هناك تخوف من عدم تجديد الأوربين لعقود السوريين مايفرض عليهم الاتجاه لأسواق أخرى. ماهي الأسواق التي تحاولون استهدافها بعد أن فقدنا الأسواق الأوروبية والتركية وربما العربية؟
لم نفقد أي سوق، والتجار متخوفين فقط ولهم الحق في ذلك، وللآن لم نصل لشيء حسي أو فعلي يقول بأن الزبائن العرب والأجانب توقفوا عن الاستيراد من السوريين، والعقوبات تشمل القطاع الحكومي فقط وللآن لم تنفذ بشكلها الكامل، ونفذت بحق وزارتي النفط والدفاع.. وحتى لانضخم الموضوع فتأثير القطاع الخاص بالأزمة يكاد يكون معدوم بالنسبة للصادرات، وأهم صادرات القطاع الخاص السوري هي الصناعات الغذائية والنسيجية ولنفرض أنه تم تعليق الجافتا فهذا يعني إعادة فرض الرسوم وبناء عليه لايصير حظر، فالبضائع التركية لم يحصل عليها حظر وهي لازالت تدخل وتخرج من سورية لكنها تدفع رسوم تصل إلى 30% وإذا علقنا الجافتا والاتفاقية مع تركيا والاتحاد الأوروبي فإن صادراتنا مواد غذائية ليس عليها رسوم نهائياً لأنها استهلاكية وبناء عليه لاتخوف عليها، وبالنسبة للصناعات النسيجية فرسومها للدول العربية أقل من 10% ولدول الخليج 3% فبالتالي سيبقى الأثر المحدود جداً. وعموماً لانريد استباق الأحداث فالعقوبات لم تظهر بشكل جلي بعد.
لكن التجار لايقولون هذا.. هم دائماً متخوفين.
التجار دائماً هكذا وللهيئة تجارب مع تخوفهم وتذبذب آرائهم، قلنا لهم في خطة الدعم السابقة سنعطيكم نسبة دعم قدرها 5% فأبدوا انزعاجاً غير طبيعي ورفعناها لـ 7% فكانوا راضين ثم عادوا ليقولون ماذا تفعل هذه النسبة، ثم قلنا 10% وأيضاً لم يرضوا ولو رفعنا النسبة لـ 100% لقالوا أعطونا فوق ذلك. والتجار دائماً يطلب وهذا معروف وهذا حقه ولكن بالنهاية يوجد سياسة تنموية للبلد يجب أن تمشي.
نعود لسؤالنا.. ماهي القنوات التصديرية الجديدة التي تطمحون للوصول إليها؟
لدينا أسواق صديقة وثابتة وأساسها العراق ولبنان، وحتى الأردن وتركيا تعتبر دول أساسية فنحن نصدر للاخيرة 5% وهذا رقم كبير بالنسبة لنا ونستورد منها 10%، ونصدر للعراق 26% ومستورداتنا منها محدودة جداً. وسيستمر التصدير للعراق ولبنان وإيران.
كيف يمكن أن نطور علاقتنا التجارية مع العراق ولبنان؟
نحن لدينا خطة لتطوير العلاقات مع هاتين الدولتين لتتحول شراكتنا معه لوحدة اقتصادية أو سوق مشترك ولامانع من ضم إيران، إذ يمكن لهذا الإقليم أن يشكل سوق مشترك ومتكامل اقتصادياً ويمكن أن يواجه أي مشكلة تتعرض لها أي دولة.
دليل الصادرات السوري
ماهي خطتكم لدعم المعارض؟
نحن مستمرون بدعم المعارض وندعم نسبة الاشتراك فيها بنسبة 50% فمثلاً طلبت منا رابطة الألبسة والنسيج مؤخراً دعم مشاركتها لمعرض جدة ونحن بناء عليه سنذهب للمعرض ونحجز مساحة 1200 متر، وإذا دفعنا المتر بـ 400 دولار سنبيعه للمصدرين السوريين بـ 200 دولار فنكون دعمناهلا 50% ولانعطي الكاش لأحد.
كيف تقيمون الفائدة من المعرض الدائم بعد سنة على هذه التجربة؟
المعرض حقق عدة فوائد فهو يحقق مشاركة جميع الشركات السورية ضمنه بالمعارض الخارجية كالمعارض الإسلامية ومعرض العراق والكويت وتركيا ومصر، وحينما يأتي وفد رجال أعمال أو وفد تجاري نأخذه لزيارة هذا المعرض وقد كان الزخم أكبر في السابق والزيارات اليوم محدودة نوعاً ما، والمعرض أيضاً مقر لرجال الأعمال لينظموا اجتماعات مع زبائنهم القادمين من الخارج فيه. واتفقنا على هذا الموضوع.
ماذا تترجون من دليل الصادرات السوري، وما رأيك بهذه المبادرة؟
دليل الصادرالت السوري هو دليل للتعريف بالمصدرين والشركات والمنتجات السورية، وبقدر مايكون هذا الدليل لائق ومتكامل وغني بالمعلومات يحقق الغاية المطلوبة منه، ونحن نراه بمستواه رفيع يليق برجال الاعمال والمنتجات السورية ويقدم صورة إيجابيية تعكس سمعة المنتجات السورية الجيدة، وهيئة تتعاون مع شركة CMMS التي تعتبر صاحبة الفكرة والمبادرة بإصدار هذا الدليل، ونحن صراحة لدينا دليل لأعضاء الهيئة فقط وهو ليس بحجم دليل الصادرات السوري، علماً بأن دليلنا سيكون أيضاً مضمناً ضمن دليل الصادرات السوري. والهيئة ستدعم الدليل مادياً ولوجستياً وستسهل عمله إلى أقصى حد ممكن.
حاورته رغد البني