تواجه البنوك العاملة في سورية العام الجاري أزمة حادة جراء النزيف المتسارع لودائعها وتفاقم نسبة القروض المتعثرة لديها.
وكانت هذه البنوك - وعددها 14 بنكا خاصا أغلبها فروع لبنوك عربية- قد استطاعت الصمود في العام الماضي بل وتحقيق أرباح ضخمة، بعدما أدى تراجع قيمة العملة المحلية "الليرة" بـ39% إلى زيادة الأرباح الناتجة عن عمليات الصرف الأجنبي.
وقد حثّ البنك المركزي السوري البنوك المحلية على الحفاظ على كميات كبيرة من العملات الأجنبية، في ظل انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي.
وسجّل بنك الشام - وهو أحد البنوك الإسلامية الثلاثة الموجودة بسورية- ارتفاعا كبيرا في صافي ربحه قدر بـ553% في 2011، وأوضح الخبير المالي ومدير الأصول المقيمة بالأردن طلال السمهوري أن الكثير من البنوك الخاصة بسورية احتفظت بالكثير من الدولارات مما حقق لها أرباحا استثنائية.
قروض متعثرة
غير أن ارتفاع الأرباح لدى البنوك السورية يقابله انخفاض دخلها التشغيلي وتقلص في قيمة أصولها، وهو ما سيبرز أكثر في 2012.
وقد اضطر بنك الشام لرصد مخصصات توازي صافي ربحه لتغطية قيمة القروض المتعثرة التي تحملها العام الماضي.
وكانت بنوك سورية تستفيد من طفرة في الإقراض بعدما وضعت الدولة حداً لاحتكارها للقطاع المصرفي قبل عشر سنوات، كما أن هذه البنوك استغلت ضعف نفاذ الخدمات البنكية في بلد يقطن فيه 20 مليون نسمة.
ويشير بنكيون إلى أن عملاء مصارف سورية يحولون مدخراتهم إلى الدولار ويخفونها أو يهربونها إلى أسواق بلدان مجاورة أكثر أمنا كلبنان والأردن وتركيا، ويقول مصرفي ببنك لبناني كبير: إن بنوك سورية تخضع لضغوط متصاعدة قد تعصف بالصغيرة منها إذا استمر النزيف في العائدات التشغيلية، وربما تحدث اندماجات أو إفلاسات في صفوف البنوك إذا انحدرت البلاد أكثر نحو الحرب الأهلية.
ويقدر مصرفيون نسبة القروض المتعثرة بما لا يقل عن 10% من إجمالي قروض البنوك الخاصة، أي ما يناهز 254 مليار ليرة (4.3 مليارات دولار)، وقد طلب عدد متزايد من الشركات المقترضة توقيع اتفاقات لإعادة هيكلة طويلة المدى لديونها لمدة خمس سنوات بعدما أدت الاضطرابات إلى عجزها عن سداد ديونها.
وكانت قيمة أصول البنوك السورية الخاصة والحكومية تقدر قبل الأحداث بتريليوني ليرة (43 مليار دولار)، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بحجم الأصول البنكية بدول مجاورة، وتستحوذ البنوك الحكومية الأربعة على حصة الأسد من القطاع المصرفي.
آثار العقوبات
وتزيد العقوبات الغربية ضد سورية من معاناة البنوك، حيث جعلت العقوبات التي اتخذتها شركة سويفت العالمية ضد هذه الأخيرة بشأن نظام تحويل الأموال عبر العالم، من الصعب على البنوك السورية إجراء عمليات تحويل العملات الأجنبية.
وصار عدد أكبر من عملاء بنوك سورية يلجؤون إلى بنوك لبنان والأردن لفتح خطابات اعتماد بالدولار وإتمام التحويلات التجارية العادية مع أطراف أخرى في العالم.
المصدر: رويترز