كتب: رغد البني( صحيفة تشرين)
في مراتب متأخرة حلت سورية ضمن مؤشرات عالمية تقيس وضع التجارة والإجراءات الجمركية، فتقرير التنافسية الأخير يؤكد انحداراً في الأداء الجمركي من حيث النفاذ للأسواق المجاورة وإدارة الجمارك وكفاءة الاستيراد والتصدير والشفافية في إدارة الحدود والأداء اللوجستي وتوافر خدمات النقل. ورغم تفهم قطاع الأعمال السوري للوضع الجمركي في سورية بعد أن استنفد صيحاته لتخفيض الرسوم وضبط الكم الهائل من الفساد، فإن الوضع بعد الأزمة في سورية لم يعد كما قبلها.
فحجم الاستيراد والتصدير عبر الحدود الجمركية تقلص بحدود كبيرة، ولم تكن الأزمة وحدها الفاعلة في هذا المجال بل إن صدور قرارات أخرى كان لها أثر مزدوج في تقليص الحركة التجارية عبر الجمارك استيراداً وتصديراً لمصلحة نشاط التهريب، إذ تشير أرقام المديرية العامة للجمارك إلى انخفاض الإيرادات الجمركية منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الثالث منه إلى 37,386 مليار ليرة، مقابل 46 ملياراً للفترة نفسها من عام 2012 و68 ملياراً للفترة نفسها من العام 2011.
كما تبين أن القيمة الإجمالية للبضائع وصلت هذا العام إلى 620 مليار ليرة استيراداً وتصديراً وترانزيتاً، مقابل 924 مليار ليرة العام الماضي بنسبة تراجع بلغت 31٪ للوزن و32٪ للقيمة و18٪ للرسم الجمركي ومقابل ذلك، فإن التحرك الأبرز على صعيد تقليص العقبات الجمركية، والحد من التهريب وحل مشكلات شريحة واسعة من المستوردين أعلنت عنه الحكومة مؤخراً من خلال مشروع مرسوم تعديل الرسوم الجمركية بهدف ترشيد التعرفة وإعادة تنسيقها ضمن مجموعة قليلة من المعدلات وتلبية للتوجهات بتقليص شرائح الرسوم الجمركية.
يشير تقرير التنافسية الأخير لعام 2012 الذي اعتمدته هيئة تنمية الصادرات أساساً لدراسة أعدتها مؤخراً عن تبسيط الإجراءات الجمركية، إلى أن سورية تأخرت في مشروع النفاذ للأسواق المحلية والأجنبية وجاءت في المركز 122-132 أي أنها بقيت ضمن نقاط الضعف الشديد وهذا يفرض عليها بذل المزيد من الجهود من أجل الارتقاء، فلا تزال معدلات التعرفة الجمركية مرتفعة مقارنةً مع بقية دول العالم إذ بلغت 12% في حين تبلغ 0% في دول مثل هونغ كونغ وسنغافورة والدانمارك وتبلغ 5,1% في تركيا.
وتركزت نقاط القوة في نطاق النفاذ للأسواق المحلية في عدد التعريفات الجمركية المميزة المطبقة على المستوردات التي تبلغ 12 تعريفة وتالياً أخذت سورية المرتبة 37-132 كما أنه لا يوجد أي تعريفات جمركية كمية. واحتلت سورية المرتبة 59-132 في مؤشر التعريفات الجمركية المطبقة على الصادرات التي تبلغ 5,6% بالمتوسط في حين يبلغ هامش التفضيل في الأسواق المستهدفة 49,8%.
ويشير التقرير إلى أن سورية تراجعت بشدة في مؤشر كفاءة إدارة الجمارك فلا يزال عبء الإجراءات الجمركية مرتفعاً في تسهيل دخول وخروج البضائع وأخذت فيه سورية المرتبة الأخيرة 132-132 مع الإشارة إلى أن التخفيض في عدد الأيام اللازمة للإفراج يؤدي إلى زيادة التجارة بنمو 4% وتالياً فإن تصحيح درجة هذا المؤشر يساعد في تحسين ترتيب سورية في تقرير التنافسية نوعاً ما، كما تراجعت سورية في مؤشر الخدمات الجمركية وأصبحت في المركز 119 وبقيمة مؤشر منخفضة بلغت 1.3، وتراجعت في مؤشر كفاءة إجراءات الاستيراد والتصدير 4 مراتب لعام 2012 وأصبحت في المركز 91- 132 كما تأخرت في مؤشر كفاءة عمليات التخليص الجمركي 19 مرتبة.
وتعليقاً على ذلك، يقول الباحث الاقتصادي إياد أنيس محمد: إن وجود سورية في مرتبة متدنية في تقرير التنافسية له اعتبارات مختلفة منها ما هو متعلق بعمل الجمارك ومنها يعود لنقص في المعلومات لدى مؤسسات البنك الدولي التي لا نثق بها كثيراً وإن أصابت، والمتتبع لعمل الجمارك يجد أنها شهدت عدة محاولات لتطوير الأداء والانتقال بعملها إلى الأتمتة وتطبيق الأساليب الحديثة ولكن تعدد القوانين الناظمة وتشعبها وتشتتها وكثرة التعليمات التنفيذية أتاح لمن أراد التلاعب إيجاد عدة تفاسير للقواعد والإجراءات الناظمة للتعرفة الجمركية وقنوات مرور فيما بين الكودات المتبعة عالمياً وتفسيراتها المحلية.
إضافة إلى مهارة قطاع التخليص الجمركي في النفاذ بين بنود التعرفة لتخفيض الرسوم الجمركية على بعض المواد بشكل كبير جداً وبالشكل الذي يحقق أرباحاً كبيرة يتم توزيعها على التجار والمخلصين والموظفين في الكشف والمراقبة على دخول هذه البضائع ومن يراقبهم أيضاً، وتالياً نمت هذه الظاهرة خلال الفترات الماضية وطورت نفسها واخترعت وسائل وأساليب مبتكرة وفي الوقت نفسه قوبلت بمحاولات دائمة من الجهات الحكومية وإدارات الجمارك المتعاقبة لفكفكة هذه المجموعات وحققوا بعض التقدم.
ضغط وتوحيد
آخر تطور حصل في مجال مكافحة التهرب الجمركي وتيسير إجراءات الاستيراد والتصدير، كان مشروع مرسوم أقره «مجلس الوزراء» بغرض تعديل الرسوم الجمركية بهدف ترشيد التعرفة وإعادة تنسيقها ضمن مجموعة قليلة من المعدلات وتلبية التوجهات بتقليص شرائح الرسوم الجمركية. ويتضمن مشروع تعديل الرسوم الجمركيةـ حسب مصادر مطلعة في الجمارك العامة ـ إلغاء شريحة الصفر، والإبقاء على شريحة 1% وعلى شريحة أخرى خاصة بمادة السكر مع رفعها من 2% إلى 3% وضغط شرائح 3% و5% و7% بشريحة واحدة لتصبح 5%، وضغط شرائح 10% و15% و20% بشريحة واحدة لتصبح 15%، وضغط شرائح 30% و40% و50% و60% و80% بشريحة واحدة مقدارها 50%، فلا تزيد أعلى شريحة عن هذا الحد. وبيّن عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق أبو الهدى اللحام أنه لا توجد مشكلات على البضائع التي تقل رسومها عن 1% لا بالتخليص ولا بالجمارك، لكن المشكلة بالبضائع التي تبدأ رسومها من 5 % ولا تنتهي عند 70% حيث توجد اجتهادات على تصنيفها وتبويبها، وإن الرسوم المرتفعة تدفع التجار لأساليب غير مشروعة للتهرب، فالتاجر الذي كان يستورد بضاعته من الصين كان يرسلها إلى دبي كمرحلة أولى ثم يدخلها إلى سورية عن طريق دبي وليس الصين وذلك بسبب ارتباط سورية باتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى مع دبي وتالياً فالتاجر يستفيد من ميزات هذه الاتفاقية.
منوهاً بأن المرافئ والبواخر والنقل تؤثر بقيمة البضاعة وترفعها إلى حدود كثيرة، ومن هنا فالتاجر قد يقلل نفقاته بطرق قد تضره أحياناً كأن لا يستعين بمخلص جمركي مرخص فبعض الوسطاء أو الوكلاء يقومون بأعمال التخليص بأجور تقل عن أجور المخلصين ولكن يخلطون قيم البضائع وكميتها ببعضها وكثيراً ما تمر هذه الأساليب على موظفي الجمارك، أما في حال أتمتة الجمارك فيمكن التأكد من صحة البيان الجمركي على الكمبيوتر.
وبيّن الباحث الاقتصادي إياد محمد أن ما أقره مجلس الوزراء في مجال التعرفة الجمركية يمكن أن يساعد على مكافحة الفساد وتخفيف التهرب من الرسم الجمركي، ويتمثل في تقسيم البنود الجمركية واختصارها من مجلدات كبيرة إلى 6 أو 7 شرائح لبنود التعرفة الجمركية واضحة وصريحة لا يمكن تأويلها والاجتهاد فيها وهذا الإجراء مهم جداً وسيطور أداء الجمارك جداً، إضافة إلى العمل على دراسة جادة لتوحيد الرسوم الجمركية مع دول الجوار ليتم القضاء على التهريب للبضائع فيما بين الدول وهذا انتقال حقيقي إلى معالجة الأسباب بدلاً من معالجة النتائج.
ويؤكد الاستبيان الذي أجرته هيئة تنمية وترويج الصادرات، أن 79% من المستوردين يقرون بارتفاع تكاليف النقل في بلد المنشأ، وأن قطاع الأعمال يعاني من مشكلات حقيقية يأتي في مقدمتها ارتفاع تكاليف النقل التجاري ويشمل تكاليف النقل المباشرة مثل الشحن والتأمين والتكاليف غير المباشرة مثل الجرد والتخزين، كما يؤكد الاستبيان مشكلة القيود على المواصفات وهو ما يستدعي العمل على اعتماد المواصفة الدولية للسلعة، واستمرار القيود على معاينة البضائع ومطابقتها والمبالغة في الشروط الصحية وتكرار الإجراءات الجمركية في كل منفذ جمركي والقيود الفنية على دلالة المنشأ ومن هنا لابد، حسب التقرير، من التوصل إلى حل سريع لموضوع قواعد المنشأ نظراً لأهميته في الحد من العراقيل التي تواجه التجارة.
أنظمة تتيح التلاعب
مدير المدينة الصناعية في عدرا زياد بدور يؤكد ضرورة أن تكون الأمور واضحة من حيث البنود والتعرفات الجمركية، إذ يوجد آلاف البنود الجمركية في الوقت الذي تُقسم فيه دول العالم البضائع في الجمارك إلى مسموحة وممنوعة من دون الحاجة إلى البنود الموجودة لدينا، لذا لابد من توحيد البنود الجمركية ووجود نافذة واحدة للتخليص الجمركي مع ضرورة تسهيل إجراءات التخليص الجمركي، فالمصدّر مطالب بثمانية أوراق لإتمام العملية التصديرية وهي الفاتورة التجارية ولائحة مفردات وشهادة منشأ وسجل تجاري ووثيقة انتساب لاتحاد المصدرين وشهادة صحية أو شهادة معاينة وبوليصة شحن، كما أن إتمام العملية التصديرية يحتاج أسبوعين وأحياناً شهراً.
ويرى المحلل الاقتصادي إياد محمد أن أي قصور في أداء الجمارك وتنسيقها مع بقية الجهات الحكومية تجد تأثيراته مباشرة، ومن الأمثلة على قصور الأداء وخلال الأزمة الحالية تبين أنه لا يوجد تنسيق فيما بين المصرف المركزي والجمارك في موضوع إجازات الاستيراد وتمويل المستوردات والتغذية الراجعة للمعلومات التي تفيد بضبط موضوع تمويل المستوردات الضرورية فقط وليس الكمالية منها، ومن الطبيعي أن سياسة الحماية الاقتصادية ورفع الرسوم على بعض البنود يؤثر في انتشار الفساد لكون الأنظمة تتيح التلاعب وهناك تعاون خارجي من ناحية تزوير الوثائق المطلوبة للجمارك والاقتصاد.. فنرى أن التلاعب نادر في موضوع المواد الأولية والمواد التي رسومها الجمركية مقاربة لـ 1%.
أثر سلبي على التجارة
وفي هذا الصدد يشير تقرير تبسيط الإجراءات الجمركية الصادر عن هيئة تنمية الصادرات إلى وجود مشكلة رئيسة لدى قطاع الأعمال السوري يتعين التصدي لها وهي أن السلطات الجمركية لا تفرج عادة عن البضاعة من التخليص إلا عند حل جميع القضايا وسداد الرسوم والضرائب المستحقة وكثيراً ما يصعب استكمال تصنيف البضائع لأغراض التعرفة الجمركية على الطبيعة مثلما هو الحال بالنسبة للمواد الكيميائية التي قد تتطلب تحليلاً مطولاً في المختبرات كما أن المنازعات قد تطول بشأن التقدير الصحيح للقيمة.
ويبين التقرير أن الشواغل والمشكلات التي تعوق السداد والإفراج النهائيين لها أثر سلبي في القدرة التنافسية للتجار وتنبغي إزالتها وإن فصل إجراءات الإفراج عن إجراءات التخليص من شأنه أن يعمل بالإفراج عن البضائع.
أما في ظل الإجراءات الجمركية التقليدية الحالية في إدارة الجمارك العامة في سورية فتخضع البضائع للمراقبة عند الوصول إلى الحدود أو في ميناء الدخول ويتم تخزينها عادة في مخزن أو على رصيف إلى حين تقديم المستورد أو وكيله المخلص الإقرار والمستندات الداعمة للتخليص في مكتب جمركي وقد تستغرق هذه العملية عدة أيام وربما أسابيع إذا حدثت منازعات أو مخالفات ومع ذلك تظل البضائع في الحجز الجمركي إلى حين أداء جميع الفحوصات وتلبية كل المتطلبات بما في ذلك سداد الرسوم والضرائب.
ويشير الاستبيان إلى أن نسبة المستوردين الذين تحدثوا عن تعقيد في إجراءات التخليص الجمركي وصلت إلى 94%، ووصلت نسبة الذين أشاروا إلى اعتماد الجمارك على الإجراءات الورقية التقليدية إلى 92% والذين تحدثوا عن صعوبة في تصنيف البضائع لأغراض التعرفة الجمركية 82% ومن هنا تجب إعادة النظر بالتصنيف الجمركي لأنه يخلق عراقيل منظورة أمام الصادرات السورية.
وأشار 89% من المستوردين إلى وجود قيود على معاينة البضاعة ومطابقتها، والنسبة ذاتها للذين تحدثوا عن تكرار الإجراءات الجمركية في كل منفذ جمركي، وأكد 76% منهم انتشار ظاهرة المدفوعات غير الرسمية في الصادرات والواردات "الرشاوى" ذلك أن الفساد يمثل عائقاً كبيراً في وجه التجارة حسب التقرير.
منع الترانزيت الداخلي
عضو مجلس إدارة جمعية المخلصين الجمركيين معن علوان بدأ حديثه بالإشارة إلى الأثر السلبي الذي أحدثه قرار ترشيد الاستيراد في تدفق البضائع إلى الأسواق بالطرق النظامية وعبر البوابات الحدودية، فالقرار الذي منع الكثير من المستوردين من الحصول على إجازات الاستيراد فتح أبواب تهريب العديد من المواد وزاد من تدفق البضائع المهربة ، كما أن القرار تسبب بإيقاف عمل العديد من المخلصين الجمركيين والتجار وتقليل نسب البضائع التي ترد إلى المرافئ البحرية، رغم أن البضائع تقلصت بشكلها الطبيعي منذ بداية الأزمة بشكل تلقائي. وتالياً فإن هذا القرار كان له أثر مضاعف بانحسار الحركة التجارية. وأشار كذلك إلى قرار آخر صدر مؤخراً عن اللجنة الاقتصادية بمنع الترانزيت الداخلي وتخليص البضائع المستوردة في أول مركز جمركي تصل إليه باستثناء المواد الأولية والآلات اللازمة للصناعة، علماً بأن المراكز الجمركية التي تصل إليها البضائع من خارج سورية معروفة وأغلبها يعتمد على منفذي اللاذقية وطرطوس فقط.
وقال: في سورية أمانات جمركية حدودية كاللاذقية وطرطوس وجديدة يابوس ونصيب وباب الهوى إضافة لأمانات جمركية داخلية مثل حلب وحماه ودمشق وغيرها، وكان يحق للتاجر سابقاً تخليص البضاعة في أي أمانة جمركية حسب مصلحته، ولكن هذا القرار عطل كل الأمانات الداخلية رغم أن بعضها في وضع آمن ولاسيما أمانة دمشق، وحصرها ببعض الأمانات الحدودية وأهمها اللاذقية وطرطوس يأتي بعدها أمانة جديدة يابوس ونصيب اللتان تأتيهما البضاعة حسب مناسبة الظروف.
الأرقام تؤكد ذلك
وهذا فعلاً ما تؤكده أرقام مديرية الاقتصاد في اللاذقية التي تظهر نشاطاً في منح إجازات الاستيراد في تلك المحافظة مقارنة ببقية المحافظات، فقد منحت المديرية 1363 إجازة استيراد من بداية العام الجاري حتى نهاية أيلول الماضي بقيمة 91 مليار ليرة. كان العدد الأكبر منها لتجار اللاذقية، فمنحت 1150 إجازة استيراد لهم بقيمة 87 مليار ليرة، و101 إجازة استيراد لتجار حلب بقيمة 3 مليارات ليرة، و84 إجازة استيراد لتجار حمص بقيمة 711 مليون ليرة، و16 إجازة استيراد لتجار ادلب بقيمة 164 مليون ليرة، و12 إجازة استيراد لتجار الرقة بقيمة 5 ملايين ليرة.
وكذلك الحال في مرفأ طرطوس، فعلى الرغم من الأزمة التي مر فيها المرفأ تمشياً مع الأزمة في سورية فإن تخليص البضائع فيه أبقاه بوضع أفضل من غيره، فالمرفأ يستقبل - حسب مصادر مطلعة فيه - من 5 إلى 6 بواخر محملة بمختلف البضائع الواردة إلى السوق المحلية أو الترانزيت إلى دول الجوار.
وأوضح علوان أن القرار المذكور لم يعطّل الأمانات الجمركية فحسب، بل عطل الموظفين العاملين فيها من مخلصين جمركيين وعمال تفريغ وتحميل وعمال نقل، منوهاً بأن دمشق وحدها فيها 6 أمانات جمركية جرى تعطيلها بموجب هذا القرار وهي أمانة جمارك دمشق والمنطقة الحرة في دمشق والمنطقة الحرة في عدرا والمعرض والمنطقة الحرة في المطار ماعدا الأمانات الجمركية الموزعة في بقية المحافظات.
ولفت إلى أنه من شأن مشروع تقليص الرسوم الجمركية أن يقلل من التهريب، ولاسيما أن التجار يلجؤون لهذا الأسلوب في الأغلب بسبب اختلاف الرسوم الجمركية بين سورية ودول الجوار، وبعضهم يتلاعب بشهادات المنشأ فيغير اسم البلد الذي استورد منه البضاعة إلى اسم بلد آخر ترتبط سورية معه باتفاقيات تبادل تجاري حر للاستفادة من الإعفاءات والمزايا بموجب هذه الاتفاقيات.
مستعيرو التوقيع
وأشار علوان إلى معاناة أخرى تتعلق بمن سماهم مستعيري "التوقيع" وعلى الرغم من كل القرارات الصادرة عن مديرية الجمارك لردع مثل هذه الظاهرة والحد من انتشارها فإنها ما زالت قائمة وبشكل قوي، عاداً أن انتشار من يستعيرون التوقيع من أسوأ ما يتعرض له الاقتصاد الوطني وإدارة الجمارك فمستعير التوقيع لا هوية له ولا قيود ولا أنظمة تنطبق عليه لأنه ليس مرخصاً من إدارة الجمارك وليس منتسباً لجمعية المخلصين، لكنه يستعير خاتم مخلص جمركي مجاز يختم به بيانه الجمركي ويقوم بتسجيل البيان وإتمام اجراءاته التصديرية لحين تحميل البضاعة وعند ظهور أي مشكلة في البضاعة أو البيان يتنصل من المسؤولية وتقع على عاتق التاجر والمخلص المختوم باسمه البيان ولكنه يعود ليستعير خاتماً جديداً ويمارس عمله في أمانة جمركية جديدة.
مبيناً أن الكثير من التجار يفضلون التعامل مع مخلصين غير مرخصين ليس لأنهم غير مرخصين بل طمعاً بالأجر الرخيص الذي يطلبونه منهم علماً بأن التكاليف الرخيصة على مستعيري الترخيص سببها مجازفتهم بالبضائع ومصلحة التاجر فهم يقللون كمية البضائع المدونة أو يغيرون البند ليقللوا الرسوم ويوفروها لجيوبهم.
وتحدث الباحث إياد أنيس محمد عن تطوير عمل الجمارك كنظام عمل بالقول: لابد من أن يتركز هذا العمل على عدة محاور أولها تنظيمي من خلال تطوير العلاقة فيما بين الضابطة الجمركية وإدارة الجمارك، إضافة إلى التطبيق الحقيقي للتفتيش الالكتروني في الجمارك بالتوازي مع موضوع زيادة الأتمتة والتقنية في التعاملات وتطوير أنظمة التحقق من وثائق المستوردات والصادرات وتدقيقها مع نتائج الشهادة الجمركية التي تعد أكثر مصداقية ووثوقية وتتكامل هذه الإجراءات مع اختصار بنود التعرفة الجمركية ومن المناسب حالياً خلال فترة الأزمة أن يتم تطوير الأنظمة لتطبيقها بعد انتهاء الأزمة فوراً.
مشيراً إلى أهمية أن تكون العلاقة واضحة ومباشرة في التقاضي بالأمور الجمركية كي لا يسعى المخالف إلى التهرب من العقوبات في دهاليز القضاء، وكلما كانت الإجراءات القضائية واضحة انضبط الفاسدون أكثر، ومن ناحية أخرى فإن تبعية الجمارك لوزارة المالية لم تطور عملها بشكل فعلي، لذا لابد من تحويلها إلى هيئة مستقلة والعمل على تطوير وتأهيل الموارد البشرية بشكل يحقق دخلاً محترماً للموظف مترافقاً مع سياسة الثواب والعقاب الحقيقية وتخفيف المحسوبية في تنقّل وعمل الموظفين.
كما أعطى المشاركون في البحث، الذي أجرته هيئة تنمية الصادرات، رأيهم بالإصلاحات المطلوبة لتسهيل التجارة عبر الحدود من خلال تخفيض تكلفة النقل خاصة تكاليف المعاملات المرفئية والجمركية ولاسيما تخفيض رسوم الكشف والمعاينة في المنافذ الجمركية ورسوم العبور وإلغاء الضرائب غير النظامية عبر نقاط العبور وإلغاء نظام القوافل إلى جانب إجراء دراسات تفصيلية بشأن تكاليف النقل والشحن والعمل على دعم تكاليف الشحن، واعتماد السياسات التي تؤمن زيادة المنافسة بوسائل النقل من خلال تشجيع إقامة شركات النقل واعتماد خطوط الشحن البري والبحري المنتظمة والمنافسة.