اختلفت وجهات النظر في الحكومة حول المنظومة التي تقدم بها المصرف التجاري السوري مؤخراً إلى اللجنة الاقتصادية حول استجرار واستهلاك دعم المحروقات والتي بين فيها المصرف ما تعانيه سورية من مشاكل في إدارة الوقود سواء من حيث الشراء المباشر أو الاستجرار بالقسائم التي تتم مناقشتها كل عام بحثاً عن طرق بديلة مع الأخذ بالحسبان دعم أسعار المحروقات الشديدة الانخفاض في سورية مقارنة مع غيرها من دول الجوار الأمر الذي يشجع على التهريب بأشكال مختلفة.
كما أخذت الدراسة بالحسبان المازوت الأخضر الذي يعد الأغلى سعراً من العادي والذي دفع بالكثير من المواطنين إلى استهلاك المازوت الأرخص في مركباتهم رغم مخالفته للبيئة.
وأكدت مصادر مطلعة في المصرف التجاري لصحيفة الوطن أن الدراسة أو المنظومة قد تقدمت بمقترحين كحل جذري للمشكلة أولهما إما زيادة أسعار الوقود والذي لا يمكن أن يتحمله المواطنون في سورية أو ضبط طرق الشراء ومعرفة من يمارس عمليات التهريب وهو الحل الأسلم برأيهم.. وذلك بأن يكون لكل شركة أو مواطن حسب عمله وحاجته كمية معينة لاستجرار الوقود حتى سقف الدعم من الحكومة وكل ما يزيد عنه يشترى بسعر غير مدعوم حيث تشمل الآلية التصريح المسبق لكل راغب بالدعم وتحديد السقف المسموح له والموثق والمصدق عليه من الجهات المختصة على شكل استمارة وما يقترحه المصرف هو إضافة شرط وجود لوحة بلاستيكية بارزة للعيان عليها رقم فقط لدى البائع بحيث ترتبط بحسابه أما المشتري فيسدد القيمة عبر جواله الخاص به واعتبر المصرف أن هذه الطريقة ستغني عن كل الحلول المعقدة والمكلفة المقترحة بخصوص استعمال البطاقة الذكية.
تقنية استنباط الخلل
وأشار المصرف ضمن دراسته إلى اقتراح تطبيق هذه الآلية عن طريقه مبدئياً ومع غيره من المصارف العامة والخاصة القادرة على التعامل بهذه التقنية (USSD) والتي تستطيع استنباط جميع أنواع الخلل في حال حدوثه وخاصة أن هناك فرقاً بين الاستهلاك المنزلي وغيره من الاستعمالات والذي يعتمد الأول فيها على الرقم الوطني للشخص كبديل من العقار أو ما شابه ذلك وأشارت الدراسة إلى إمكانية وضع سعرين أو ثلاثة لمادة المازوت الأول مدعوم بـ15 ليرة سورية والآخر نصف مدعوم بـ25 -45 ليرة سورية والأخير غير مدعوم نهائياً بسعر 80-90 ليرة وفق ما تراه الحكومة مع تأكيد منع شراء المازوت المدعوم بأنواعه دون جوال سوري يرتبط بحساب المصرف التجاري الذي بدوره يرتبط مع محطات الوقود.
وأوضحت الدراسة أن فتح حساب لأي مواطن لا يأخذ سوى دقائق في المصرف التجاري أو غيره من المصارف وأنه في حال نجاح واستقرار العملية نكون بذلك قد وفرنا على الدولة مليارات الدولارات التي تتكبدها حالياً في حالات السمسرة من أي شخص سواء أكان مدعوماً أو غيره وستكون هناك جهات مختصة لمتابعة الموضوع والتحقيق فيه.
أما من جهة الدولة وحسب الدراسة فسيكون دخل الدولة أكبر بكثير في حال تطبيق الدراسة حيث سيمنع على أي محطة إعادة التزود بالوقود المدعوم من غير الحسابات المغذاة من أصحاب الاستحقاقات لكل نوع فيه.. أما باقي المازوت فلا يباع إلا بالسعر الحر غير المدعوم وبالمقابل ستستفيد الدولة من تحصيل الرسوم والذمم غير المدفوعة في مختلف الجهات المرتبطة بالمصرف ما يعني ربطاً أكبر للعمليات الضريبية.
فرصة مطابقة
واعتبر المصرف أن منظومته المطروحة هي فرصة ذهبية لوزارة المالية من أجل مطابقة حسابات كل شركة صناعية استجرت الوقود بطاقتها القصوى في المحركات وغيرها مع واقع التصريحات الضريبية. أما عن المكاسب التي ستحقق في حال تطبيق المنظومة فيتجلى أبرزها في إيجاد حل جذري ونهائي لمشكلة الدعم حيث يصبح الدعم من حق مستحقيه فعلياً ويمكن تعميمها على جميع أنواع الدعم المقدم من الحكومة على باقي المواد كالسكر والرز دون الدخول بمتاهة الشيكات والاستثمارات المعقدة وغيرها من الطوابير التي يعانيها المواطن وخاصة أيام الشتاء.. إضافة إلى الوفر المادي الكبير الذي يعود على خزينة الدولة.. كما أن تطبيق المنظومة سيؤدي إلى تغيير السياسة النقدية والضريبية المتبعة حالياً لتكون مقدمة لغرض الضريبة المباشرة على المبيعات والتخلص من ضريبة الدخل المقطوع التي تتسبب بالكثير من التجاوزات.
وزارة النفط
وبالعودة إلى رأي الوزارات والجهات المعنية أكدت مصادر خاصة لـ«الوطن» أن وزارة النفط قالت: إن الحل الأفضل هو توحيد سعر المازوت للجميع لأنه لا يمكن السيطرة على عمليات التهريب إلا بهذه الطريقة إضافة إلى ضرورة إلغاء الدعم على المحروقات والتعويض عنه عن طريق إعطاء مساعدات بطرق أخرى للأسر والعائلات التي تستحق الدعم.
وبالأرقام أوضحت وزارة النفط أن الاستهلاك الكلي لمادة المازوت قد بلغ حتى نهاية عام 2011 نحو 7.5 مليارات ليتر أي بنسبة زيادة 114% عن الاستهلاك في عام 2010 مؤكدة أن الاستهلاك يتوزع على الشكل التالي:
قطاع السكان (التدفئة) 40% أي 2.9 مليار ليتر.
وقطاع النقل 40% أيضاً أي بكمية تصل إلى 2.9 مليار ليتر أيضاً.
أما قطاع الزراعة فيحتاج إلى نحو 12% أي بحدود 883 مليون ليتر.
و8% للقطاع الصناعي والخدمي أي 588 مليون ليتر من المازوت.
وذكرت الوزارة أن هناك نحو 60% من العائلات يفترض أن يكون استهلاكها يتراوح بين 0-500 ليتر سنوياً على حين إن العائلات التي يتجاوز استهلاكها 1000 ليتر لا يزيد عددها على 12% من إجمالي العائلات.
على حين قدرت وزارة الزراعة حاجتها للقطاع الزراعي بنحو 1.2 مليار ليتر والآليات الزراعية 0.5 مليار ليتر ومع ذلك تم افتراض كمية لا تتجاوز 0.88 مليار ليتر للقطاع الزراعي وكذلك الحال للقطاع الصناعي حيث قدرت الكمية المستهلكة بـ0.4 مليار ليتر وفق تقديرات وزارة الصناعة ولحظ القطاع الخدمي كمية تقل عن 0.2 مليار ليتر مازوت.
إضافة لذلك أوضحت وزارة النفط أنه تم تأمين الاحتياجات وبنسبة 60% من المصافي والباقي عبر الاستيراد الخارجي وقد بلغ وسطي السعر للمادة المستوردة ما مقداره 40 ليرة سورية لليتر. وبهدف ترشيد استخدام المازوت والحد من التهريب اقترحت وزارة النفط فيما يخص القطاع السكني أن يتم اعتماد شريحة استهلاك حتى 400 ليتر سنوياً وبالسعر الحالي 15 ليرة سورية لليتر لكل عائلة ويتم بيع الكميات المتبقية بسعر آخر تتم زيادته تدريجياً وصولاً إلى سعر التكلفة.
أما القطاع الخدمي فيقدر استهلاكه بـ188 مليون ليتر سنوياً وهو يشمل الفنادق والمطاعم والمشافي والسفارات وغيرها ولا مبررات لدعم هذا القطاع.
وزارة الاتصالات
وزارة الاتصالات قالت وجهة نظرها مبينة أن هذه المنظومة قد تؤدي إلى مشكلة إذا كان عدد كبير من هذه العمليات سيتم ضمن خلية واحدة.
إضافة إلى أهمية دور الوزارة في التنسيق مع شركات الخلوي لإعطاء الأولوية لخدمة الـUSSD ومختلف أنواع التشريعات الممكنة في هذا المجال مع دراسة إمكانية الضغط على تلك الشركات لتقديم الخدمة بشكل مجاني أو شبه مجاني على الأقل خلال الفترة الأولى. الأمر الذي دفع بوزير الاتصالات للتساؤل والقول: ما دام الأساس هو الدعم فهل سيستمر..؟
وكيف سيتم إجبار المواطن على فتح حساب جار واستخدام الجوال، علماً أنها طريقة جيدة لكنها تعاني من بعض الإشكالات الفنية، إضافة إلى أن هناك فئة كبيرة ممن تستحق الدعم ولا تحسن استخدام الجوال.
وأكد الوزير ضمن مقترحاته أن وجود أكثر من سعر لنفس المادة هو إشكالية في السوق ولها مخاطر، إضافة إلى أنه لا نستطيع إجبار المواطنين على استخدام وسيلة محددة في استلام الدعم إضافة إلى غيرها من الإشكاليات.
وزارة المالية
وزارة المالية رأت أن هناك مشكلتين لتطبيق المنظومة وكل منهما تشكل عبئاً كبيراً على الدولة، الأولى مشكلة إسعافية بالمرحلة الحالية إضافة إلى مشكلة البعد الاقتصادي لدعم المواد وخاصة أن آليات استخدام الدعم غير سليمة علماً أن استخدام التقنيات شيء جميل لكن الوقت حالياً غير مناسب مع الأخذ بالحسبان احتكارية المصرف التجاري وزيادة عمل شركات الخلوي وزيادة أرباحها ومن ثم المعلومات الأسرية ومخاطر ذلك على المجتمع. مع الإشارة إلى أن فكرة دعم المازوت لم تعد تستخدم بالعالم وعلينا أن نراعي البعد الاجتماعي.
وزارة الاقتصاد
قالت وزارة الاقتصاد إن الدراسة المطروحة تقدم أحد الحلول الموضوعية والبديلة لتحديد كيفية استجرار واستهلاك ودعم المحروقات التي تشكل عصب الحياة الاقتصادية إضافة إلى أنه تعمل على تشغيل عدد من العاملين من حيث إدخال البيانات وتنظيمها و... و.
ورأت الاقتصاد أن أثناء تطبيق هذه الدراسة سنواجه العديد من السلبيات أولها: الصعوبة في تحديد سقف الدعم لكل أسرة ولكل قطاع وخاصة أن هناك استهلاكاً محدداً لكل قطاع فالقطاع المنزلي 34% وللنقل 4% وللزراعة 8% وللري 7% أما باقي القطاعات فتشغل نحو 11% من الخطة السنوية لمادة المازوت وأن اعتماد المشروع (الدراسة) على شبكة الخلوي سيعرض الشبكة إلى مشكلات لأنه سيكون هناك آلاف الاتصالات ستتم في الوقت نفسه، إضافة إلى تعذر وضع مؤونة نقدية في المصرف التجاري من العديد من الأسر، ومن الصعوبة اعتماد المصرف التجاري فقط للحاجة إلى ملايين الحسابات تشمل كل أسرة وكل قطاع وكل آلية وكل محرك لذلك لا بد في حال الموافقة إشغال جميع المصارف بذلك.. كما انتقدت وزارة الاقتصاد آلية تعدد أسعار الوقود من مدعوم وغير مدعوم.. إلخ وارتأت الوزارة أن تطبق هذه الدراسة بشكل تدريجي واعتماد أسلوب قسائم الوقود لجميع القطاعات كمرحلة أولية من شركة محروقات لطباعة واعتماد وزارة الإدارة المحلية للتوزيع.