استغرب عدد من التجار والباحثين الاقتصاديين عدم ورود مادة القمح بقائمة المواد المسموح تمويلها عن طريق المصارف الخاصة، حيث إن منع استيراد القمح سيرفع كلف جميع المواد الغذائية التي تعتمد على الطحين مثل خبز السندويش والكعك والحلويات والمعكرونة والبرغل وأي مادة من مشتقات الطحين.
واعتبر أحد الباحثين الاقتصاديين أنه حينما احتج الصناعيون على صدور قرار برفع سعر مبيع الدقيق المنتج من القمح والمبيع لأصحاب المخصصات والباعة وجميع معامل الصناعات الغذائية ليصبح 33515 ليرة سورية، كان الرد من مديرية الأسعار بوزارة الاقتصاد أن القرار لن ينعكس على أسعار المواد لكون أصحاب المعامل من القطاع الخاص يشترون من مطاحن القطاع الخاص التي تستورد هذه المادة من الخارج، وحينما بيّن البعض أن رفع سعر القمح سيؤدي لمنع استيراده تم إنكار هذا الأمر، إلا أن صدور قرار استثنى تمويل القمح من المواد الممولة، يؤكد أن المتوقع حصل وتم تعليق استيراد القمح لأنه لن يتم تمويله والمصارف الخاصة لن تبيع التجار دولاراً لاستيراده، وإن كانت بعض التجار لديهم مدخراتهم من القطع الأجنبي لاستيراد القمح فهي لن تكفي لشرائه أكثر من مرة واحدة فقط، لأن التاجر سيبيع القمح بالليرة وليس بالدولار الذي اشتراه به.
وأضاف: إن كانت الحكومة تريد توفير القطع الأجنبي فلها حق ذلك على أن تبيع القمح بالسعر الذي ينصف التاجر جراء تكاليف الاستيراد، علماً أن سعر كيلو القمح عالمياً هو 14 ليرة وتكاليف نقله تصل إلى ثلاث ليرات ما يعني أن تاجر الجملة تكلف على الكيلو 17 ليرة، والمطاحن الخاصة تشتريه منه وتبيعه بسعر 27 ليرة للكيلو.
وبيّن أن الحكومة الحالية أعلنت بأنها تشاركية ولم تستشر غرف الصناعة والتجارة قبل رفع أسعار القمح، أضف إلى ذلك أنه لا يحق لأي حاكم بنك مركزي بالعالم أن يحدد قائمة المواد التي يسمح أو لا يسمح بتمويلها.
وكذلك أكد نائب رئيس غرفة صناعة دمشق عصام زمريق لـ«الوطن» أنه حتى لو أعلنت وزارة الاقتصاد أنه لا دخل للقطاع الخاص برفع الأسعار إلا أن مطاحن القطاع الخاص حينما تر أن التسعيرة ارتفعت فسترفع السعر من تلقاء نفسها، مؤكداً أن الكثير من المؤسسات صارت تشتري الطحين من القطاع الخاص بـ33 بدلاً من 28 ليرة، ولو أن قرار رفع الأسعار كان مقتصراً على القطاع الحكومي لكان ينبغي أن يبقى بين الحكومة ومطاحنها دون إشهار القرار للعلن.
يذكر أن قرار رفع الأسعار جاء حسب مصادر وزارة الاقتصاد بهدف تخفيض العجز التمويني.
من جهة أخرى سجلت جمعية حماية المستهلك اعتراضها على الطريقة التي تم فيها رفع سعر الدقيق التمويني، مؤكدة أن هذا الرفع ورغم مبررات وزارة الاقتصاد أدى إلى إيجاد حجة لرفع أسعار المنتجات التي يدخل في تصنيعها الدقيق.
وأكد رئيس الجمعية الصناعي عدنان دخاخني لـ«الوطن» أن قرار رفع أسعار الدقيق سلبي وانعكس بشكل كبير على كل المنتجات التي يدخل الطحين فيها، رافضاً ما قالته وزارة الاقتصاد والتجارة إن هذا القرار يمس الطحين الذي يوزع لدى الدولة ومؤسساتها أي المخابز الرسمية، وإنه للطحين المستورد وليس للمحلي.
وكانت وزارة الاقتصاد رفعت أسعار الدقيق إلى 33515 ليرة للطن، بهدف تخفيض العجز التمويني أي إن مبرره حسابي ويعود إلى الحسابات ما بين شركة المطاحن ومؤسسة الحبوب، لكن في حال تم بيع صفقة من المطاحن للقطاع الخاص فإن القرار حدد سعر المبيع، وإن سعر الدقيق التمويني لايزال أقل من سعر مطاحن الخاص الذي يتراوح ما بين 35 إلى 40 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد وذلك حسب النوع أو طريقة التعبئة (معبأ أم فرط).
وتساءل دخاخني ما دام الموضوع شأناً داخلياً فلماذا يتم الإعلان عنه بهذه الطريقة؟ مؤكداً أن الأفران الخاصة وجدت في هذا القرار حجة ومبرراً لرفع أسعار منتجاتها، إذ ارتفع سعر كيلو الخبز السياحي بنحو 10 ليرات، كما ارتفعت أسعار المعجنات ما بين 10 إلى 20 ليرة للكيلو.
وسجل دخاخني اعتراض جمعية حماية المستهلك على الطريقة والأسلوب التي تم فيها السعر خلال هذه الفترة، رابطاً بين رفع سعر الدقيق من جهة والبنزين من جهة ثانية، الأمر الذي انعكس على المواطن وذوي الدخل المحدود بشكل مباشر، ما وضع المواطن تحت وطأة الاستغلال البشع لرفع الأسعار نتيجة السياسات الخاطئة المتبعة، على حد تعبيره.
وقال دخاخني: هناك كثيرون يستهلكون المنتجات التي يدخل فيها الدقيق وهي من إنتاج القطاع الخاص بسبب حالة صحية معينة كالخبز المخصص لمرضى السكري أو لاتباع برامج الريجيم وحالات أخرى، كما أن هناك استهلاكاً كبيراً للكعك، والمنتجون وجدوا المبرر لرفع الأسعار لأن الحكومة قامت برفع أسعار الدقيق.
ورفض محللون اقتصاديون هذا الأسلوب الذي سيؤدي إلى رفع قيمة الدعم التي يتم نشرها عن مادة الخبز، فبدلاً من احتساب الكلفة 21 ليرة للكيلو سيتم احتساب كلفة القمح 26 ليرة للكيلو وبذلك تكون كلفة الدعم أعلى بمقدار 25% على الدفاتر عندها ترتفع كلفة الخبز المدعوم على الورق. وسيؤثر هذا الإجراء في أسعار القطاع الخاص.