قال الدكتور سليمان موصلي أستاذ الأسواق المالية في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق لـ«الوطن»: «إنه مقابل العائد الذي يتوقعه المستثمر على السهم هناك مخاطرة وتختلف درجة هذه المخاطرة من سهم إلى آخر، وتتحدد درجة المخاطرة عادةً من خلال معامل البيتا (الذي يقيس درجة تأثير المخاطر المنتظمة في مجمل السوق في كل سهم من الأسهم الداخلة فيه)».
وبيّن موصلي أنه إن ارتفع معامل البيتا للسهم فإنه يوصف بالهجومي، وبالعكس إن انخفض معامل البيتا للسهم فإنه يوصف بأنه سهم دفاعي، وعادةً ما تقوم كل شركة بحساب معامل البيتا الخاص بسهمها الذي يتأثر بالسلسلة الزمنية للسنوات الداخلة في نطاق الحساب والدراسة التي تربط بين عوائد السهم وعوائد السوق، حيث يختلف عادةً هذا المعامل من فترة إلى أخرى.
وأوضح موصلي أن أسواق المال العالمية تقوم بنشر معامل البيتا كل سهم مع نشرها لسعر السهم عادةً، وبرأيه أن هناك ضرورة وحان الوقت أيضاً لتقوم سوق دمشق للأوراق المالية بنشر بعض بيانات التحليل الأساسي ومنها معامل البيتا لكل سهم، إضافة إلى بيانات التداول التي يتم نشرها حالياً بغية لفت انتباه المستثمرين إلى فرص استثمارية أكثر في السوق، مع العرض بأن شركات الوساطة تقوم حالياً بتغطية جزء من هذا الجانب.
وأكّد موصلي أنه أمام من يستطيع الاستغناء عن فائض نقدي على المدى الطويل فرصة استثمارية ولاسيما عندما تكون القيمة السوقية للأسهم منخفضة بشكل كبير عن القيمة الدفترية لها، كما هو الحال في عدد من الأسهم في سوق دمشق للأوراق المالية.
وفي سياق متّصل قال مدير الشركة العالمية الأولى للوساطة المالية سامر كسبار لـ«الوطن»: «تلعب شركات الوساطة دوراً أساسياً في تقديم بيانات التحليل الأساسي للمستثمرين بشكل يومي بناءً على تغيرات أسعار السوق، ويعتبر ذلك من صلب عملها قبل دور السوق بنشر البيانات المالية والتعمق في هذه البيانات المالية ولاسيما التحليل الأساسي للشركات بهدف مساعدة المستثمرين على اتخاذ القرار الصحيح في عملية الاستثمار».
وأضاف كسبار: إن شركات الوساطة تعد عادةً عقب كل جلسة تداول نشرات دورية يومية يتم إرسالها لكل عملاء الشركة تتضمن تحليلاً أساسياً يشمل عوائد السهم والقيمة الدفترية إلى السوقية وبعض النسب المالية الرئيسية في التحليل الأساسي.
وبيّن كسبار أن معامل البيتا هو مقياس مخاطر يقيس مدى تأثر الشركة بالمخاطر الإجمالية للسوق، فإذا كان معامل البيتا لشركة ما أكبر من 1 فهذا يعني أن مخاطر الشركة تفوق مخاطر السوق ومن ثم تتأثر بنسبة كبيرة بهذه المخاطر، وإذا ساوت قيمته 1 فذلك يدل على أن مخاطر الشركة مساوية لمخاطر السوق، وإذا انخفض المعامل عن 1 فهذا يعني أن مخاطر الشركة تقل عن مخاطر السوق.
وأوضح كسبار أن معامل بيتا يقيس عادةً تقلبات الأسعار ولكن يتم حسابه من خلال تقلبات الأرباح، وذلك من خلال مراقبة السلسلة الزمنية لعوائد السهم لعدد من السنوات 2-4 سنوات مثلاً مع تفضيل أن تكون منذ بداية السوق، ويتم حساب عوائد السوق لذات المدّة وثمّ مقابلة عوائد كل سهم مع عوائد السوق وحساب معامل البيتا الذي يقيس مدى ارتباط مخاطر كل سهم بمخاطر السوق.
وأشار كسبار إلى عدم وجود اهتمام من المستثمرين بمعامل البيتا حالياً وتوجههم نحو متابعة الأخبار الاقتصادية وذات الأثر في البيئة الاستثمارية، وأن للصبغة المصرفية لسوق دمشق للأوراق المالية بقطاعاته الأربعة أثراً في هذا المعامل الذي تبرز أهميته في الأسواق العالمية بالدرجة الأولى في القطاع المالي والخدمي (ويشمل المصارف وشركات التأمين) الذي يكون أكثر تأثراً وحساسية للمتغيرات في السوق، يليه القطاع الصناعي الذي يبدو شبه غائب في سوقنا المالية، ويليه قطاع الاتصالات الذي عادةً لا يرتبط ولا يتأثر بتقلبات السوق.
ولفت كسبار إلى أنه لا يحسب معامل البيتا للسوق ككل إلا بشكل محدود جداً في حالة طلب هذه الخدمة بشكل خاص من أحد عملاء شركات الوساطة (عادةً شخصيات اعتبارية)، وتظهر الحاجة له بشكل خاص من الشركات التي لديها اهتمام خاص بإدارة المخاطر (risk management)، ويرجع برأيه عدم وجود معامل بيتا للسوق ككل إلى حداثة السوق، علماً بأنه يمكن حساب معامل البيتا للسوق من البيانات المتوافرة لمدة 36 شهراً، واصفاً معامل البيتا لسوق دمشق بالطبيعي لأن عوائد السوق انخفضت بمقدار انخفاض الأسهم فيه.
وبيّن كسبار أن معامل البيتا قد يختلف من شركة وساطة إلى شركة أخرى حسب الفترة الزمنية التي تم اعتمادها لدراسة معامل البيتا، موضحاً أن السنة الأخيرة تظهر تأثر أسعار الشركات المدرجة في السوق وانخفاضها بنسبة تفوق كثيراً معامل البيتا لها، على حين في سنة افتتاح السوق ساد العكس حيث ارتفعت أسعار الأسهم أكثر بكثير من العوائد التي يحسب على أساسها معامل البيتا، ولكن حساب المعامل لمدة ثلاث سنوات سيجعل النتائج تختلف ومن ثم فإن الفترة الزمنية هي التي تحدد قيمة هذا المعامل وفي حال توفرت سلسلة بيانات لفترة زمنية طويلة فيؤخذ 5 سنوات منها لحسابه، والاختلاف سيظهر فيه كلما اختلفت سنة الأساس في حسابه.
وأشار كسبار إلى أن المستثمرين العاديين لم يسألوه بعد عن معامل البيتا مع العرض بأن المستثمرين في الأسواق العربية والعالمية يهتمون ويتابعون هذا المعامل، ومن جانب آخر تهتم المؤسسات الاعتبارية لدينا بربحية السهم، وحتى الآن ليست لدينا إدارة للمخاطر (risk management) في سوق دمشق أو في الهيئة، رغم أهمية وجود مثل هذه الإدارة الموجودة أصلاً في كل الأسواق المالية العالمية ضمن الهيئات المشرفة على السوق ولاسيما أنه مضى على عمل سوق دمشق ثلاث سنوات وهذا يجعل من المناسب إنشاء هذه الإدارة لما لها من فوائد على السوق.
وأكّد كسبار أن اهتمام المستثمرين في الأسواق المالية العالمية والعربية بمعامل البيتا ترسّخ أكثر بسبب الأزمات المالية التي أضرت باستثماراتهم في هذه الأسواق ومنها الأزمة المالية التي أصابت الأسواق عام 2008، حيث يوضح معامل البيتا للمستثمر مدى تأثر السهم بالسوق وهل هو سهم مستقر أم لا؟ حيث تتجه رغبات المستثمرين نحو الأسهم المستقرة، وهذا يبرر توجه الكثير من المستثمرين في الأسواق المالية العالمية نحو قطاع الاتصالات المستقر أكثر من اهتمامهم بالقطاع المصرفي شديد الحساسية لتغيرات السوق.
ولفت كسبار إلى أنه من أكثر القطاعات حساسية في السوق العالمية ما يطلق عليه شركات (blue ships) وتمثل العقل المفكر للسوق وأغلبها ذات طابع افتراضي تعمل في مجال الإلكترونيات ويتركز دخلها بشكل أساسي من الاختراعات والإبداعات البشرية لذا فإن أسعار أسهمها قد يرتفع أو ينزل بشدة. وأوضح كسبار أن تقلبات المخاطر لدينا ناتجة عن ظروف استثنائية وليست دائمة، وأن أكثر ما يهم المستثمرين لدينا هو أخذ فكرة عن التحليل الأساسي، وأن قراراتهم غالباً ما تتأثر بالخوف والأخبار وحاجتهم إلى السيولة ومن ثم لم تعد محكومة بالمنطق في معظم الأحيان.
وأشار كسبار إلى أن الأسواق المالية العالمية تقوم بحساب معامل البيتا للارتباط بين بعضها بعضاً حيث إن هبوط سوق بنسبة ما يؤثر في بقية الأسواق أيضاً وذلك بسبب وجود شركات عابرة للقارات ولديها استثمارات موزعة في دول أخرى قد تتعرض لأزمة تؤثر بشكل سلبي في مؤشراتها المالية وينتقل الأثر الذي يمكن حسابه أيضاً بمعامل البيتا بين الأسواق.
وأكّد كسبار أنه بسبب عدم وجود الكثير من الاستثمارات الخارجية السورية فإن التأثير في شركاتنا يكون محدوداً نسبة إلى بقية الأسواق التي تداخلت استثماراتها بشكل كبير، حيث لا تزال استثمارات شركاتنا خارج سورية محدودة، وأن التجربة أثبتت بأن المشاكل التي أصابت أسواق دول أخرى أو مجاورة ترافقت بانتعاش السوق السورية، وهذا يقلل من احتمالية وجود ارتباط لسوقنا المالية بالأسواق الإقليمية على الأقل في الوقت الراهن.