تواجه الزراعة بجميع أشكالها صعوبات ومعوقات كثيرة في الحسكة بعد الأزمة التي تمر فيها البلاد أدت إلى تغييرات جذرية في خريطة الإنتاج الزراعي فقد بدأت تتقدم بعض الزراعات التي كانت سابقاً ضمن إحصاءات محدودة جداً كالزراعات العطرية مثل الكزبرة والكمون وحبة البركة
وتراجعت زراعة القمح إلى ما دون النصف خلال الأعوام الأخيرة مقارنة مع سنوات سابقة، وواجه الفلاح عقبات كثيرة ومختلفة ارتبط قسم منها بالواقع الأمني الذي تمر فيه المحافظة والقطر بكامله وانعكس ذلك على تأمين مستلزمات الزراعة والإنتاج الزراعي مثل غياب الأدوية اللازمة في عمليات الغربلة والتعقيم للبذار وغياب الكهرباء والمحروقات اللازمة لعمليات السقاية وري المحاصيل وغياب الأمن في الطرقات المرتبطة مع بقية المحافظات التي حالت دون قدرة الفلاحين على شحن محاصيلهم من الأقطان إلى محالج محافظة حماة وغيرها. كما شكلت بعض الآفات الزراعية الطبيعية التي تصيب بعض المحاصيل الزراعية ضربة موجعة أخرى للعملية الزراعية مثلما يحدث في موسم الحبوب الذي تنتشر في مساحات واسعة منه حشرة (زابروس) أو ماضغة بادرات الحبوب وكذلك حشرة (جعل الحبوب الشتوي) التي تصيب جذور النبات وتقف وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وكذلك الفلاح عاجزين أمام انتشار هذه الإصابة ومكافحتها إضافة إلى التأخير في قرار الترخيص الزراعي الذي يسمح بموجبه ببدء عمليات التمويل الزراعي واستجرار البذار.
حيث تشير إحصاءات مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في الحسكة وفقا لصحيفة "الثورة" من خلال المقارنة بين الخطة الزراعية لهذا العام والعام الماضي إلى تدني مستوى نسب التنفيذ بالنسبة للزراعة المروية إلى ما يقارب النصف فقد بلغت المساحات المخططة للقمح المروي لهذا الموسم 367115 هكتاراً نفذ منها فعليا مساحة 138 ألف هكتار فقط وبذلك تكون نسبة التنفيذ 37,5 % بينما كانت نسبة التنفيذ خلال موسم العام الماضي 60%, أما بالنسبة للقمح البعل فقد كانت الخطة الزراعية تصل إلى 408429 هكتاراً لم ينفذ منها حتى الآن سوى 247250 هكتاراً وبنسبة تنفيذ بلغت 60,5 % بينما كانت نسبة التنفيذ في الموسم الماضي 80%, وكذلك بالنسبة لمحصول الشعير المروي لهذا العام فإن الخطة الزراعية المقررة كانت 57069 هكتاراً نفذ منها 16100 هكتار وتالياً فإن نسبة التنفيذ لم تتجاوز 28% وبلغت خطة موسم الشعير البعل 290569 هكتاراً نفذ منها 262200 هكتار وبنسبة تنفيذ 90%.
وتجدر الاشارة الى أن الحكومة كانت قد أقرت في كتابها رقم 16247/1 تاريخ 15/10/2014 الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم الزراعي 2014-2015 المتضمنة (الموافقة على التوصيات والمقترحات المحددة من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي مع التأكيد على ضرورة التوسع بزراعة القمح والشعير ما أمكن ) وفي سياق التوصية للتوسع بزراعة القمح والشعير، فقد أوضحت مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في الحسكة آنذاك أن الخطة التي تم اقرارها تضمنت ضرورة زيادة المساحات الزراعية للقمح المروي عن الأعوام السابقة بنسبة 3,5% حيث اصبحت 68,5 % بدلاً من 65% وبذلك فإن الزيادة بالمساحة الزراعية للقمح لهذا الموسم ستبلغ 39 ألف هكتار، وكذلك فإن الزيادة لموسم الشعير ستصل الى 7% وأصبحت 10,7% بدلاً من 3% في الاعوام السابقة وبذلك فإن الزيادة الفعلية لهذا المحصول ستزيد بحدود 20 ألف هكتار من الاراضي الزراعية, غير أن الواقع اختلف كثيراً عن التوصيات والمقترحات وتناقصت المساحات المزروعة؟!
ويشير المهندس عامر سلو- مدير الزراعة والإصلاح الزراعي بالحسكة إلى أن الإقبال على زراعة محصول الشعير وتراجع زراعة القمح يعودان إلى نجاح زراعة الشعير الذي لا يحتاج كميات كبيرة من الأمطار ولا يحتاج الأسمدة الكيميائية غير المتوافرة أساسا والتوجه إلى زراعة المحاصيل العطرية مثل الكزبرة وحبة البركة والكمون لعدم احتياجها أيضاً كميات كبيرة من الأمطار وعدم حاجتها الأسمدة وكذلك ارتفاع أسعار محاصيلها مؤكداً أن الإقبال على زراعة محصول الشعير والمحاصيل العطرية يأتي على حساب محصول القمح.
يضاف إلى المعوقات والصعوبات الزراعية الناتجة عن الواقع الأمني آفات زراعية أنتجتها الطبيعة في الموسم الزراعي الشتوي الحالي حيث تنتشر على مساحات واسعة حشرة ماضغة بادرات الحبوب (زابروس) وحشرة (جعل الحبوب الشتوي) إضافة إلى انتشار واسع لفأر الحقل أجبرت أعداداً كبيرة من الفلاحين على إعادة حرث وفلاحة حقولهم ثانية بعد زراعتها في بداية الموسم الحالي بسبب انتشار هذه الإصابات ومن ثم إعادة زراعتها من جديد أيضاً خلال الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي رفع سعر بذار الشعير إلى 50 ألف ليرة للطن الواحد في هذه الأيام بعد أن كان سعره في أيام الزراعة الأولى لا يتجاوز 30 ألف ليرة فقط, ويؤكد سلو أن الجولات الميدانية التي قامت بها دائرة وقاية النبات على حقول القمح والشعير في مناطق مختلفة من حقول الحسكة أكدت إصابة المحاصيل بحشرة (زابروس) وماضغة بادرات الحبوب على مساحة /5/ آلاف هكتار وهي الحقول الواقعة في مناطق آمنة فقط ويسمح بالتجول فيها ومعاينتها وكذلك إصابة ما يقارب 700 هكتار بجعل الحبوب الشتوي التي تصيب جذور النبات، إضافة إلى انتشار فأر الحقل منوهاً بمكافحة انتشار فأر الحقل على مساحة 30 ألف هكتار بمادة فوسفيد الزنك المتوافرة لدى مديرية الزراعة في الحسكة وأوضح سلو أنه تم تشكيل لجنة فنية بمشاركة اتحاد الفلاحين ومركز البحوث العلمية في الحسكة لمتابعة واقع الإصابات الحشرية وإعلام وزارة الزراعة بواقع هذه الإصابات الحشرية وحدد سلو جزءاً من أسباب انتشار الإصابة الحشرية بعدم اتباع المزارعين والفلاحين للدورات الزراعية في الحقول وعدم انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات الصقيع في المحافظة في هذا العام التي من شأنها القضاء على أنواع كثيرة من الحشرات الضارة بالمحاصيل.