متغيرات عديدة يشهدها الاقتصاد السوري في كل لحظة كما هو حال المشهد السوري عامة بالنظر إلى العوامل المتعددة والمتغيرة - بدورها - التي تتحكم بهذا المشهد ولا سيما الاقتصادي منه بحيث لا تتيح المجال في كثير من الأحيان لنقاش وتحليل معطيات المرحلة أو الفترة الماضية حتى تكون معطيات جديدة جديرة بالبحث والنقاش قد برزت من جديد.. ومن هنا جاء مفهوم اللحظة الراهنة التي تبنته صحيفة الثورة عنوانا ومنطلقا لحواراتها ولقاءاتها مع أصحاب الشأن والمعنيين في مختلف القطاعات متناولة فيه تحليل اللحظة الراهنة بكل تنوعها ومعطياتها.. بكل أبعادها.. سلبياتها وايجابياتها حتى تكون بين يدي القارئ جواباً شافياً لكل تساؤلاته وتوضيحاً على لسان المعنيين لكل استفساراته حول ما خفي وما ظهر.. ما أشكل منه على المواطن وما اتضح.. وبالنتيجة اللحظة الراهنة هي قراءة تقدمها صحيفة الثورة لكل قطاع من القطاعات في لحظته الراهنة.
اللقاء الأول من اللحظة الراهنة في صحيفة الثورة كان مع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور همام الجزائري بعد أن كثر الحديث عن نواحٍ عدة ترتبط بعمل وزارة الاقتصاد أو نشاطاتها إن كان ما يتصل منها بالتجارة الخارجية استيراداً وتصديراً أو المشاريع المتوسطة والصغيرة مروراً بعقلنة الدعم والجدل العميق الذي يحمله هذا العنوان في مضمونه وصولاً إلى حماية المنتج المحلي وتحفيز الصناعة الوطنية.
ثلاثة محاور لعمل وزارة الاقتصاد
وزير الاقتصاد قدم في بداية اللقاء عرضاً عاماً لنشاط الوزارة ضمن المشهد الاقتصادي السوري عامة قائلاً: إن عمل الوزارة ونشاطها خلال الفترة الماضية اقتصر فقط على منح اجازات الاستيراد اما اليوم فإن دورها يتمثل بثلاثة محاور أولها التجارة الخارجية وتتمثل بالاستيراد والتصدير والمحور الثاني الشركات الصغيرة والمتوسطة بعد ان بات هذا الملف في عهدة الوزارة وهي الجهة الوصائية عليه واصفا هذا الملف بالمهم لكون الوزارة تشكل نسبة 90% من الشركات العاملة في سورية حيث لا منشآت كبيرة اليوم كما بات من الضروري العمل على مسألة سلاسل الانتاج في صعيد عمل هذه الشركات والتي باتت تتبلور من خلال اعتماد السياسات الاقتصادية والتعديلات البنيوية والتكيف مع الازمة ومنها -على سبيل المثال- التعديلات على الاسعار والمنح الانتاجية والتعويض المعيشي والاصلاح المؤسساتي عبر اعطاء مؤسسات التدخل الايجابي دورها المطلوب.
التجارة الخارجية.. الملف الشائك
أما المحور الثالث فيتمثل بملف جديد تعمل عليه الوزارة حاليا تحت مسمى السياسات الاقتصادية حيث يبقى الغالب ضمن هذه السياسات هو ملف التجارة الخارجية واصفا اياه بالملف الشائك مبينا ان اجازات الاستيراد هي عبارة عن منظومة في طريقة منحها تقوم على مستويين يتمثل الاول في تعليمات لترشيد الاستيراد فرضتها الازمة ولجأت اليها اللجنة الاقتصادية المصغرة حيث تعتمد الوزارة في منحها آلية تقوم على عدة خطوات أولاها عملية انتاج الرقم الاحصائي وقد أصبح لدى الوزارة معطيات تتضمن الرقم الضريبي والبند الجمركي وبلد المنشأ والمصدر والنوع والقيمة، أي لديها مخزون احصائي من هذه المعلومات بدءا من تاريخ 1/9/2014 ولغاية يوم امس عبر جداول تحتوي الاجازات والممول منها والمنفذ منها فعليا منوها بأنها منظومة كانت متبعة في الوزارة الا انها غير منظمة واكد الوزير انه عمل منذ توليه وزارة الاقتصاد على تنظيم هذا الملف عبر الرقم الإحصائي واعتماد المعايير الملائمة لها في منح اجازات الاستيراد لتعكس حالة الازمة التي تعيشها البلاد.
كما اعتمدت الوزارة من ضمن هذه المعايير على تخفيض الرقم الكلي لإجازات الاستيراد الممنوحة يوميا الا ان الاقتصار على هذا المعيار فقط اجراء خاطئ على اعتبار ان تخفيض حجم الاستيراد سوف يؤدي الى تخفيض حجم الاقتصاد وهي معادلة صعبة يجب ايجاد الحلول المناسبة لها وهو امر يستدعي العمل و التوازي على زيادة حصة مستلزمات الانتاج وهو يتحقق من اجازات الاستيراد الممنوحة لرفع حجم الانتاج المحلي وزيادة عدد المعامل وتحقيق المنافسة بين هذه المعامل بعد زيادة عددها، حيث تنخفض اسعار السلع المحلية ويزداد حجم التصدير واصفا هذه المعادلة بالمعادلة الصعبة حيث تتطلب القيام بعملية التحويل البنيوي في السياسة الاقتصادية باتجاه الصناعي والمزارع لأن أي سلعة تنتج محليا تضيق مجال الاستيراد.
ويستتبع ذلك -بحسب الجزائري- خطوة تطوير المؤسسات عبر لجنة حماية الانتاج المحلي الوطني وقد بدئ بتطبيقه على الارض واعتماد قواعد المنشأ لتحديد السلع التي تورد من الدول العربية وتأخير دخولها الى السوق المحلي حيث يحتاج الموضوع الى تكاتف جهود عدة مؤسسات وخاصة منها وزارة الزراعة في موضوع الفروج المنتج محليا ليتحقق تحول استراتيجي في انتاجه ولكنه تحول تدريجي وصعب في حماية السلعة المحلية لأن التجار اكثر من الصناعيين نتيجة الازمة والضرر البنيوي في الصناعة مشددا على اعتماد مبدأ التضييق بدلا من المنع لأن الموضوع ذو حساسية في السياسة الاقتصادية.
ترميم قطاع الدواجن
كما بين الوزير ضمن هذا السياق ان الاعلاف تشكل اهم المستوردات بنسبة 10% من إجماليها مع الانتباه الى عدم استيراد الخلطة الجاهزة وانما مكونات هذه الخلطة لتشغيل المعامل والتقليل من استيراد أي من هذه المكونات عندما يرتفع حجم انتاجها محليا مؤكدا أن قطاع الدواجن قد رمم بشكل كامل حاليا وقد بات العمل يتركز على سلسلة الانتاج في قطاع الالبان والاجبان وهندسة هذا القطاع وترميم صناعته عبر اعفاء استيراد الابقار من الرسوم الجمركية ولترميم الثروة الحيوانية حيث ترتبط حماية الصناعة الوطنية بتشغيل العمال وقد صدرت القرارات الخاصة بهذه السلسلة من الانتاج الحيواني ووضع الاطار التأييدي لها والحاضن لصناعتها لتخفيف الطلب على القطع الاجنبي عبر التخفيف من الطلب على اجازات الاستيراد ضمن هذا القطاع ويضيف الوزير: إن الاستيراد هو المصدر الرئيسي للطلب على الدولار والتصدير هو المصدر الرئيسي للعرض من الدولار الامر الذي دفع الى العمل على تعزيز الصادرات وتدبير المستوردات باتجاه مستلزمات الانتاج ما يسهم في تعزيز سعر صرف الليرة السورية وهو تحول لمصلحة المزارع والصناعي في نهاية المطاف لافتا الى ان دور الاقتصاد يجب ان يتواكب مع انتصارات المؤسسة العسكرية وتمسكها بالارض.
واشار الجزائري الى محور الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي باتت الشغل الشاغل للوزارة بعد ان قامت الحكومة مضطرة الى تصحيح سعر المشتق النفطي معتبرا انه تحول في السياسات الاقتصادية وضمن اطار مبدأ عقلنة الدعم مشيرا الى ان عقلنة الدعم لا تعني اللاعقلانية في تحرير الاسعار ولا رفع او تخفيض الاسعار وليس ازالة الدعم لافتا الى دور قروض تشغيل رأس المال العامل لرفع قدرة الانتاح المحلي عبر تحديد قطاعات انتاجية ووضع منظومة لها استكملت ضوابطها حاليا مع العمل على تمويل المنشآت متناهية الصغر وتوسيع اقراضها عبر الموازنات المستقلة في الادارة المحلية من خلال مكتب التنمية التابع لوزارة الادارة المحلية في اطار البحث عن مصادر تمويل بعيدا عن المالية العامة للدولة وختم بوجوب دعم المزارع والمصنع لكونهما المكونان الاساسيان في العملية الانتاجية وهما الحاملان للاقتصاد الوطني.
لن نترك المجال للألبسة المهربة أن تغلق مصانعنا
وعن الأخطاء في استيراد السلع المماثلة لانتاجنا المحلي كالحمضيات والبندورة والبطاطا اجاب الوزير بان هذا الامر صحيح كونه يتعلق بالسياسات مبينا انه لم يمنح أي موافقة على استيراد البرتقال ولا الفواكه كي نأكل من فواكه بلدنا، ولهذا نجد اليوم في أسواقنا برتقال من الساحل بينما لو استوردنا البرتقال المصري لكانت أسواق دمشق مليئة به لأنه أسرع من البرتقال الساحلي ولا مانع أن يكون سعر البرتقال المحلي لهذا الموسم أعلى قليلا وقد يستفيد التاجر والضمّان وسوق الهال وليس المزارع ولكن عندما نقول للمزارع لا نريد ادخال البرتقال المستورد لمدة عامين هنا يبدأ بالاستفادة وهذا على المستوى الآني، ولكننا نريد ان نعمل على المستوى البنيوي البعيد وهذا أيضا ليس سهلا.
وبالنسبة لايجاد بدائل للسلع المطلوبة من قبل المواطن قال الجزائري ان البديل هو المنتج المحلي وعلينا الانتباه اذا اعتقدنا ان هدف السياسة الاقتصادية هو تخفيض الأسعار آنيا وهذا سهل جدا والموافقات الكثيرة لسلعة تخفض أسعارها ولكنه نهج يؤدي الى الفشل واغلاق المعامل وخسارة الفلاح ، اذن البديل هو السلعة الوطنية وهذا هو المشروع الذي تسعى إليه الوزارة وعليه لماذا نستورد الزيت والسمن النباتي وبامكاننا انتاجه.
وفي رده على سؤال آخر يتعلق بنسبة السلع التي يمكن ترشيد استيرادها وهل هي مؤثرة فعلاً على سعر صرف الليرة، أجاب وزير الاقتصاد انها نسبة ليست كبيرة وقد تم ترشيد اكثر ما يمكن ترشيده فيما يتعلق بالسلع الكمالية وهو بالطبع اجراء من شأنه ان يؤثر على سعر الصرف، مضيفاً ان أهم طلب على الدولار هو الطلب بغرض الاستيراد، أما الطلب الآتي على الدولار فيشكل طرفاً داعماً.
وتوضيحاً لسبب تقديم الدولار للمستورد بسعر مدعوم من الدولة وحين يصل ما استورده للمستهلك يحاسب على سعر السوق السوداء، أجاب وزير الاقتصاد ان ذلك يعود لأسباب عدة اهمها عدم وجود رقابة، ومن ثم لضبط ذلك لا بد من العمل على التنافسية ومكافحة إغراق السوق بالسلع معتبراً كمثال على ذلك الخضروات والفواكه وسواها، مشيراً الى ان توفر مؤسسات التدخل الايجابي هي الاجدر ولها الدور الاساسي في كسر هذه الحالة الملحوظة من خلال طرح المنتجات في منافذها ما يعني ان على الدولة ان تعمل بعقلية التاجر الكبير الذي يتدخل بشكل مباشر من اجل كسر الاحتكار واعادة التوازن الى السوق.
وأما بالنسبة لما يقال عن مستودعات مملوءة ببضائع تعود الى ما قبل الازمة وبعضها رفعت اسعارها لتصل الى سعر الدولار اليوم، أجاب الوزير ان المخازن ليست مملوءة كما يتوقع المواطن في حين ان بعضها يقع خارج المناطق الآمنة كاشفاً عن عملية ترميم للمخازين التي فرغت من بضاعتها ليعود ويؤكد دور مؤسسات التدخل الايجابي.
اما عن ألبسة البالة والتهريب وعدم معالجة هذا الموضوع قال الجزائري ان وزارة الاقتصاد اتفقت مع الجمارك على دخول المحال والتدقيق في الألبسة المهربة والبالة وغيرها لأن الألبسة ممنوع استيرادها لاسيما الألبسة المتوسطة والشعبية التي تنتجها الورش المحلية مؤكدا عدم ترك المجال للألبسة الصينية والتركية لتتسبب باغلاق مصانعنا وبالمقابل فالألبسة مرتفعة الثمن يسمح بدخول قسم بسيط منها لمنع تهريبها وهي ليست للمواطن ذي الدخل المحدود والمتوسط.
ترميم السيولة لمنح القروض التشغيلية
وحول مدى تحقق الوعود بالتحسن في الوضع المعيشي وسعر صرف الليرة السورية وتعافي الاقتصاد الوطني عموما قال وزير الاقتصاد ان الحكومة أقرت تعويض معاشي يقارب 50 ألف ليرة للموظف سنويا وهنا يجب الانتباه لمسألة مهمة للغاية ففي ظل الحرب على سورية وفي ظل محاولة استنزاف مواردها بادرت الحكومة لتعطي تعويضا معيشيا للموظف والسنة الماضية والسنة التي سبقتها كانت كل مراكز الدراسات تقول: كم شهرا ستبقى الدولة تدفع رواتب لموظفيها..؟
في حين ان الدولة السورية لم تتوقف عن اعطاء الرواتب بل تزيد التعويض المعيشي للموظفين وبالتساوي ودون أي حسميات وضرائب فهل هذا أمر عادي..!! ومع ذلك الدولة قالت هذه هي الخطوة الأولى نحو تحسين الوضع المعيشي، متطرقا الى سعر صرف القطع الاجنبي وارتفاعه الاني ووجوب العودة الى بيانات السنة الماضية والتي قبلها كون بداية العام يشهد ارتفاع سعر الصرف ومن ثم يعود للانخفاض والاستقرار مؤكدا ان الطلب هش على سعر الصرف ولم يعد هناك طلبا كثيفا مؤكدا في الوقت نفسه انخفاضه.
وتوضيحاً لعقلنة الدعم في ظل الاوضاع المعيشية وماهي الخطوة التالية، قال الجزائري: إن الدولة تسعى لتحسين الأوضاع المعيشية وتقدم خدماتها العامة من صحة وتعليم وغيرها بقدراتها الذاتية، وبعد اعادة الأمن والأمان يتوجب إعادة اشغال الارض وتوسيع مساحتها بزيادة الانتاج الزراعي والصناعي، فالدولة تحافظ على مؤسساتها وخدماتها العامة ومن بينها محور العمل لرفع المستوى المعيشي مع العمل على حماية الانتاج وترميم السيولة وصولاً لإعطاء القروض التشغيلية ودعم الانتاج والتصدير مشيراً الى أهمية دور المؤسسات الإعلامية لاسيما صحيفة الثورة في التسريع بالخطوات اللاحقة، من خلال الاضاءة على حجم الاضرار والوقوف عليها والعمل على حلها.
ترشيد الاستيراد.. إعلامياً
وحول تعاون وزارة الاقتصاد مع المؤسسات الاعلامية للترويج لترشيد الاستيراد وصف الجزائري علاقة وزارة الاقتصاد مع المؤسسات الاعلامية بالجيدة منوها بارسال مذكرات وبيانات صحفية بين الفينة والاخرى الى الاعلام عن التجارة الخارجية والتصدير والشركات والاستيراد مع الحرص على أن تشكل بمجموعها السياسات الاقتصادية التي تعمل عليها الوزارة اليوم وطلب رأي الاعلام ومساعدته لحماية الإنتاج الوطني، مضيفا بان هناك من يخرج من الصحفيين ليقول أن وزارة الاقتصاد تعطي إجازات استيراد لأشخاص معينين دون غيرهم كما الوزير يقول لهم تعالوا لتشاهدوا أن الوزارة لا تعطي الاجازات الا لاستيراد مستلزمات الإنتاج بينما لن نعطي الاجازة لاية سلعة ننتجها محليا، مشددا على دور الاعلام في تعزيز الاقبال على السلع المحلية عندما يروج لها وبأن نوعيتها جيدة وذات جودة عالية وسعر مناسب، مناشدا الاعلاميين بالمساهمة مع وزارة الاقتصاد في الاشارة الى الخلل ومعالجته بالمقترحات الموضوعية المناسبة.
استيراد المازوت وتوفر المادة
ورداً على سؤال حول المشتقات النفطية التي تم توريدها من قبل القطاع الخاص وتحميله مسؤولية ارتفاع سعر الصرف، وسبب عدم توريد كميات كبيرة من مادة المازوت طالما أن السعر العالمي منخفض، أوضح الوزير أن الذي يحدد أثر استيراد المازوت على سعر الصرف هو الرقم الذي يخرج تحديدا من وزارة الاقتصاد ومديرية الجمارك العامة، فوزارة الاقتصاد تحدد عدد إجازات الاستيراد التي تم الموافقة عليها والجمارك تبين عدد الصهاريج التي دخلت إلى السوق، مستغرباً الارقام التي تطرح حول استيراد القطاع الخاص لنحو 30 الف طن من المازوت بتكلفة تصل الى ما بين 6-7 ملايين دولار.
وأشار الجزائري إلى منح إجازات استيراد بقيمة 13 مليون دولار، كما دفع ثمن شحنات رسمية وبموافقات رسمية، اضافة الى 6 ملايين دولار لشحنة دخلت ولكنها لم تستكمل أوراقها، لافتا الى ان السجلات الرسمية تقول إن 24 مليون دولار قد دفعت ثمن شحنات مازوت دخلت البلاد، منها 14 تم بيعها في السوق وكمية ذهبت للدولة، وما حصل أن الليتر بيع للسوق ب70 ليرة وبيع للأفراد والمؤسسات بأسعار مختلفة بدأت من 100 ليرة ووصلت إلى 140 ليرة وهناك من باع ب220 ليرة محققاً ربحاً كبيراً تراوح مابين 6 إلى 7 ملايين ليرة ، أي إن هناك إجمالي ربح مابين 35 إلى 40 مليون ليرة ، وهذا ما أدى إلى الطلب على القطع الأجنبي.
الأمر الآخر -بحسب الجزائري- أن تلك الأرباح شجعت الكثيرين للحصول على إجازات استيراد كون السلعة نادرة في السوق وتدر أرباحاً طائلة وتم تحويل الليرات السورية إلى دولار وشراء تلك السلعة، حتى إن هناك طلبات خارجية بأكثر من 50 ألف طن بمبلغ وصل إلى 30 مليون دولار، معتبراً أن هناك خطأ استراتيجياً ارتكبه القطاع الخاص ولم يكن شريكاً استراتيجياً للدولة ولم يتقيد بالبيع بسعر الدولة .
المشكلة بحسب الجزائري هي ندرة المادة في السوق ، مع العلم أن الدولة استوردت كميات كبيرة كافية لحاجة السوق ،إلا أن بطء توريدات الشحنات الإيرانية وعدم قدرة الدولة على التوريد جعل السوق ومنذ الشهر العاشر يعاني من ندرة تلك المادة، مضيفا أن ما حصل هو التعاطي مع سعرين وهذا ما جعل الدولة تبيع بسعر التكلفة حتى تعزز قدرتها على استجرار المادة ،وهذا يتحدد بقدرة اقتصاد الدولة وليس الوزارة ناهيك عن أن تكلفة الاستيراد بحراً أقل من الشحنات التي تدخل براً وهذا عبء إضافي أيضا تسبب بتابطؤ وجود المادة في السوق.
معدلات نمو مبشّرة
وحول معدلات النمو وامكانية تحقيق الاقتصاد السوري لمعدلات نمو ايجابية أجاب الوزير بأنه متفائل والدليل الانتاج ولكن التكلم بتفاؤل لا يعني اعطاء مؤشر تضليلي فالعام الماضي أشار صندوق النقد العربي أنه ولأول مرة في سورية تبلغ نسبة النمو 1،6 % مذكراً بما قاله عندما كان في هيئة التخطيط والتعاون الدولي إن نسبة النمو 1%، اما لو كان الموسم المطري في العام الماضي أفضل لكانت التوقعات أفضل ، مبيناً أن مؤشر النمو يأتي من المستوردات ؛ فالمؤشرات تقول إن 60 إلى 70% من المستوردات هي لمستلزمات الإنتاج وهذا يعني الانتقال من حالة اللا عمل إلى العمل وبالتالي هذا يعني نمواً، مشيراً في الوقت نفسه الى أن الصادرات خلال العام 2014 تضاعفت قياساً بالعام 2013 مع تغير في بنية المستوردات لصالح مستلزمات الإنتاج، منوهاً بأن رقم النمو جيد مقارنة بالعام 2013 الذي يعتبر ذروة الأزمة السورية، أما اليوم فالتحدي الأهم هو للعام 2015 الذي توقفت فيه دائرة التدمير وزادت مساحة الأمان وبالتالي سينعكس ذلك على الإنتاج وسيولد نمواً أفضل مع موسم مطري جيد ، معتبراً أن التحدي الأساسي طاقوي فإذا ما طورت الحلول المناسبة لحامل الطاقة فسيوجد نمو حقيقي وهو الشغل الشاغل لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.
دعم وتصدير .. وفساد!!
وتوضيحاً لما قدمته الدولة لدعم الزراعة لاسيما الزراعات المحمية كالبيوت البلاستيكية أوضح الجزائري أن الحكومة دعمت وفقاً للأولويات بما فيها تخفيف الضرر المتحقق من خلال توفير السماد والبذار والمازوت والكهرباء حيث بلغ تعويض الخسائر 70٪ من تكاليف الاضرار، وقد تم اعطاء الاولوية للمازوت والكهرباء وبالنسبة للاسمدة فهي متوافرة بالمنطقة الساحلية ولكن في مناطق اخرى لا يمكن نقلها لاستخدامها.
وحول دور هيئة تنمية الصادرات يقول الجزائري ان الوزارة بصدد اعادة هيكلة دورها لأن التعافي يكون بالوحدة الاخيرة من الانتاج، ومثال ذلك الالبسة، فسورية تستورد خيطا وقماشاً وتصنع اللباس، ومن هنا جاءت اهمية صناعة النسيج حتى تدعم صناعة سلاسل الانتاج السابقة، مبينا ان صناعة الاقمشة تضررت بشكل كبير في حلب ودمشق، واذا اريد دعم النسيج لا يكفي دعم الحلقة الاخيرة بل يجب دعم الحلقات السابقة، لذلك فمشروع هيئة تنمية الصادرات هو التوسع وصولا لهيئة تنمية وتطوير الانتاج الوطني والصادرات, مضيفا بالنسبة لاتحاد المصدرين ان وزارة الاقتصاد ارادت ان يكون اتحاد المصدرين نموذجاً، ولكن الاتحاد بحاجة لاعادة هيكلة كما يجب ان يكون له فروع في المحافظات، مع العمل على تطويره حتى يتدخل بالانشطة بشكل أكبر لتحقيق وجود بالمنطقة الساحلية وحلب والسويداء وحمص، وهذا المشروع قادم.
ورداً على سؤال يتعلق بوجود فساد كبير ووجود تجار كبار يحتكرون المواد الاساسية في السوق ويتحكمون بسعر صرف الدولار، قال الجزائري ان الفساد عدو الجميع والحل الاساسي لمحاربة الفساد هو وضوح المعايير ووجود منظومة يجب ان يعمل عليها بشكل متكامل. وأضاف: في الحقيقة لا نستطيع أن نضع لكل موظف مراقب والأساس في محاربة الفساد هو المعيار فعندما نقرر منح الاجازات بحدودها القصوى لمستلزمات الانتاج لا يستطيع احد ان يتلاعب، وعندما نقرر منح الاجازة لاستيراد الذرة بحد أقصى عشرة الاف طن نمنع الفساد ونفرض على كل تاجر أن يتقيد بذلك، وعندما تأتي اجازة استيراد لشركة جديدة لا نطبق عليها المعايير المعتمدة القديمة، أما عندما تعطى اجازة استيراد لمستورد واحد ب 50 مليون يورو ولمادة أساسية يكون بذلك قد حصل على حق احتكاري، لكن عندما نجزئ هذه الاجازة نكون قد ألغينا حالة الاحتكار من السوق، مشدداً على ان محاربة الفساد تتم بالمعيار وهذا يحتاج الى عمل كبير وما تطبقه وزارة الاقتصاد على أرض الواقع وبمتابعة يومية.
الحمضيات بحاجة إلى مصانع للعصر والاستثمار في التوضيب والفرز
وعن احتجاج المصنعين بأن الحمضيات المحلية غير مناسبة للعصير، قال وزير الاقتصاد :إن هذا الموضوع مشكلة بنيوية تتعلق بالإنتاج لجهة ان لدينا حيازات أراضٍ صغيرة للحمضيات، وعندما يأتي الموسم يكون سعر نوع أبو صرة أغلى من غيره فالجميع يتجه لزراعة هذا النوع وفي موسم آخر يرتفع سعر نوع يوسف أفندي فيتحول الجميع الى هذا النوع وبذلك يصبح في المنطقة نفسها العديد من الأصناف لا تتطابق مع معايير التصنيف الدولي، وبالتالي لدينا مشكلة هي أي نوع من البرتقال نريد ونفس ذلك مشكلة اي نوع من الزيتون نريد والسؤال من يحددها..!! اما الجواب فهو المشتري لأن وزارة الزراعة مهما قدمت من نصائح لا يكفي لأن السعر يتعلق بالسوق وهو الذي يتحكم بالعملية الانتاجية وبالتالي المشتري هو الأساس وعندما نقول نريد أن نعزز زراعة الحمضيات نقول نريد نوعيات مناسبة للمكثفات لصناعة العصير وقد نطلب نوعا مناسبا لصناعة الأدوية ولهذا نريد أن ندرس ماذا نريد وإلا لا نستطيع أن نحقق شيئا لزراعتنا أو صناعتنا ..
وفيما يخص موضوع الحمضيات و السياسات المتبعة من قبل الوزارة أكد الوزير ان تسويق الحمضيات يحتاج إلى استثمارات هامة في مجال التوضيب والفرز حتى يتم الوصول إلى مستوى مقبول عالمياً للتصدي، كما أن المصانع التي تعمل وتنتج مكثفات العصير لا يوجد منها سوى عدد محدود مشيراً إلى أن الوزارة لم تعط أي موافقات على استيراد الحمضيات من أجل حماية المنتج السوري.
وعن تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة قال الجزائري: إن الدولة قائمة بكافة مؤسساتها وبقدراتها الذاتية كما أن ترميم السيولة أتاح إمكانية تقديم التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فالدولة لم تتخلَ عن مسؤولياتها تجاه المواطن وإنما تبحث عن القنوات المناسبة لإيصال التمويل إلى القطاعات الاكثر حاجة وأكثر أهمية على صعيد الاقتصاد الوطني، وفيما يخص الخط الائتماني الإيراني أكد الوزير أهميته بالنسبة للشق النفطي حيث كان له دور كبير و هام خلال عام 2014.
وحول دور مؤسسات التدخل الايجابي في تسويق فائض الانتاج الزراعي من حمضيات وتفاح وغيرها وكيفية السماح باستيراد مواد مشابهة والآليات المتبعة للتسويق الداخلي والخارجي، قال وزير الاقتصاد أن الحمضيات وعوضا عن كونها مصدر قوة باتت هي المشكلة والسبب وجود خلل بنيوي، كالفرازات التي تحتاجها للتصدير للخارج، في حين اننا لم نستثمر بهذه الحلقات بما فيه الكفاية والدليل عندما صدرنا الى روسيا تواصلنا مع الجانب الروسي ووصلت الشحنة التجريبية بحالة سيئة، لأن توضيبها وتحضيرها خاطئ، وهذه إحدى النقاط التي تشكل عقدة لوجستية مرتبطة فيها، اضافة الى كون المصانع التي تنتج العصائر هي المشتري الأكبر للبرتقال، ومنذ العام 2013 طُرح هذا الموضوع في مجلس التخطيط ووَجَّه رئيس مجلس الوزراء باعداد دراسة لمعمل العصير في الساحل السوري.. وما من داع للقول أين تعطل المشروع وممن ..؟
الجزائري شدد على وجوب انشاء مصنع لعصائر الحمضيات كون المصانع بشكل عام هي الداعم الرئيسي للمزارع ومصنع الكونسروة أيضا هو أكبر داعم لمزارعي البندورة، لأنه يساعده بالصناديق ويدعمه بالسماد والنقل ويأخذ محصوله قبل الوقت، وهذا ما تريد الوزارة العمل عليه، وحتى المصدر الذي يتمكن من الوصول الى السوق يحتاج لاستثمارات بالتوضيب والتحضير ولم يتم العمل على ذلك والجميع يعرف ذلك، و تَجَمُّع الفرز والتوضيب والتحضير للبرتقال يقع في منطقة طلوع الثنايا في ريف دمشق وأماكن انتاج البرتقال في الساحل السوري وبينهما مسافة شاسعة..!
وزير الاقتصاد: 24 مليون دولار حجم صادرات القطاع الخاص من المشتقات النفطية
أوضح " وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور همام الجزائري " حول المشتقات النفطية التي تم توريدها من قبل القطاع الخاص وتحميله مسؤولية ارتفاع سعر الصرف، وسبب عدم توريد كميات كبيرة من مادة المازوت طالما أن السعر العالمي منخفض، أن الذي يحدد أثر استيراد المازوت على سعر الصرف هو الرقم الذي يخرج تحديدا من وزارة الاقتصاد ومديرية الجمارك العامة، فوزارة الاقتصاد تحدد عدد إجازات الاستيراد التي تم الموافقة عليها والجمارك تبين عدد الصهاريج التي دخلت إلى السوق، مستغرباً الارقام التي تطرح حول استيراد القطاع الخاص لنحو 30 الف طن من المازوت بتكلفة تصل الى ما بين 6-7 ملايين دولار.
وأشار الجزائري إلى منح إجازات استيراد بقيمة 13 مليون دولار، كما دفع ثمن شحنات رسمية وبموافقات رسمية، اضافة الى 6 ملايين دولار لشحنة دخلت ولكنها لم تستكمل أوراقها، لافتا الى ان السجلات الرسمية تقول إن 24 مليون دولار قد دفعت ثمن شحنات مازوت دخلت البلاد، منها 14 تم بيعها في السوق وكمية ذهبت للدولة، وما حصل أن الليتر بيع للسوق ب70 ليرة وبيع للأفراد والمؤسسات بأسعار مختلفة بدأت من 100 ليرة ووصلت إلى 140 ليرة وهناك من باع ب220 ليرة محققاً ربحاً كبيراً تراوح مابين 6 إلى 7 ملايين ليرة ، أي إن هناك إجمالي ربح مابين 35 إلى 40 مليون ليرة ، وهذا ما أدى إلى الطلب على القطع الأجنبي.
الأمر الآخر -بحسب الجزائري- أن تلك الأرباح شجعت الكثيرين للحصول على إجازات استيراد كون السلعة نادرة في السوق وتدر أرباحاً طائلة وتم تحويل الليرات السورية إلى دولار وشراء تلك السلعة، حتى إن هناك طلبات خارجية بأكثر من 50 ألف طن بمبلغ وصل إلى 30 مليون دولار، معتبراً أن هناك خطأ استراتيجياً ارتكبه القطاع الخاص ولم يكن شريكاً استراتيجياً للدولة ولم يتقيد بالبيع بسعر الدولة .
المشكلة بحسب الجزائري هي ندرة المادة في السوق ، مع العلم أن الدولة استوردت كميات كبيرة كافية لحاجة السوق ،إلا أن بطء توريدات الشحنات الإيرانية وعدم قدرة الدولة على التوريد جعل السوق ومنذ الشهر العاشر يعاني من ندرة تلك المادة، مضيفا أن ما حصل هو التعاطي مع سعرين وهذا ما جعل الدولة تبيع بسعر التكلفة حتى تعزز قدرتها على استجرار المادة ،وهذا يتحدد بقدرة اقتصاد الدولة وليس الوزارة ناهيك عن أن تكلفة الاستيراد بحراً أقل من الشحنات التي تدخل براً وهذا عبء إضافي أيضا تسبب بتابطؤ وجود المادة في السوق.
معدلات نمو مبشّرة
وحول معدلات النمو وامكانية تحقيق الاقتصاد السوري لمعدلات نمو ايجابية أجاب الوزير بأنه متفائل والدليل الانتاج ولكن التكلم بتفاؤل لا يعني اعطاء مؤشر تضليلي فالعام الماضي أشار صندوق النقد العربي أنه ولأول مرة في سورية تبلغ نسبة النمو 1،6 % مذكراً بما قاله عندما كان في هيئة التخطيط والتعاون الدولي إن نسبة النمو 1%، اما لو كان الموسم المطري في العام الماضي أفضل لكانت التوقعات أفضل ، مبيناً أن مؤشر النمو يأتي من المستوردات ؛ فالمؤشرات تقول إن 60 إلى 70% من المستوردات هي لمستلزمات الإنتاج وهذا يعني الانتقال من حالة اللا عمل إلى العمل وبالتالي هذا يعني نمواً، مشيراً في الوقت نفسه الى أن الصادرات خلال العام 2014 تضاعفت قياساً بالعام 2013 مع تغير في بنية المستوردات لصالح مستلزمات الإنتاج، منوهاً بأن رقم النمو جيد مقارنة بالعام 2013 الذي يعتبر ذروة الأزمة السورية، أما اليوم فالتحدي الأهم هو للعام 2015 الذي توقفت فيه دائرة التدمير وزادت مساحة الأمان وبالتالي سينعكس ذلك على الإنتاج وسيولد نمواً أفضل مع موسم مطري جيد ، معتبراً أن التحدي الأساسي طاقوي فإذا ما طورت الحلول المناسبة لحامل الطاقة فسيوجد نمو حقيقي وهو الشغل الشاغل لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.