دعا وزير النفط المهندس سفيان العلاو المواطنين إلى التكيف مع الظروف الحالية المتمثلة في نقص إمدادات الغاز بسبب العقوبات الأوروبية والأميركية الجائرة، وذلك من خلال الاستعانة بالبدائل الأخرى مثل الكاز والكهرباء،
مشيراً إلى أن الوزارة وفّرت الكاز في معظم محطات الوقود بالمحافظات بسعر 40 ليرة لليتر كما أن الإمدادات اللازمة لتوليد الطاقة الكهربائية متوافرة لاحتياجات محطات توليد الكهرباء.
ولم يعط وزير النفط موعداً محدداً لانتهاء أزمة الغاز أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس، مشيراً إلى أن الوزارة والجهات المختصة تبذل أقصى جهودها لتأمين احتياجات المواطنين من المشتقات النفطية بكافة أنواعها.
ظروف قاهرة
وبيّن العلاو أن وزارة النفط مسؤولة عن تأمين المشتقات النفطية للمواطنين سواء من الإنتاج المحلي أم المستورد، لكن الظروف الأخيرة فرضت بعض الأعباء والقضايا التي لا يمكن التحكم بها، ففي آب الماضي أصدرت الولايات المتحدة الأميركية حظراً بالتعامل مع النفط السوري بشكل كامل من مؤسسات ومنشآت وأفراد واستيراد وتصدير، وفي أيلول الماضي لحق الاتحاد الأوروبي بأميركا بمنع شراء نفطنا الخام والمشتقات النفطية السورية ومنع نقل هذه المنتجات في النواقل والشركات الأوروبية ومنع التأمين على النواقل والشحنات ومنع تمويل أو تقديم أي تسهيلات مالية لقطاع النفط السوري، وتتالت العقوبات الأوروبية حتى بلغ عددها اليوم 15 حزمة عقوبات شملت كل الشركات النفطية ومنعت الاستثمارات في قطاع النفط لجميع الشركات والجهات والأشخاص الأوروبيين وبعدها توقفت جميع الشركات التي تستثمر في مجال النفط بشكل مشترك عن العمل منذ بداية كانون الأول الماضي، واستمرت كوادرنا بتشغيل الحقول ومعامل الغاز، ورغم التقنيات المعقدة في هذه المعامل أديرت المعامل بكفاءة عالية، ومنعوا توريد قطع التبديل والخبرات وأي مساعدة في الخبرات، وذلك بهدف حصار الشعب العربي السوري بأقصى درجة ممكنة، واستمرت الأمور على هذا المنوال وكان لدينا الإمكانية لاستيراد احتياجاتنا من المشتقات النفطية وخاصة الغاز المنزلي والمازوت حيث نستورد 50% من احتياجاتنا من الغاز المنزلي وكميات من الديزل، ففي العام الماضي استوردنا مليوني طن من المازوت و450 ألف طن من الغاز المسال LPG، وأمنّا احتياجات البلد واستمررنا بذلك خلال الربع الأول من العام الحالي، لكن لم يعجبهم هذا الوضع وأن الشعب والحكومة استطاعوا السيطرة على الأمور، فعمدوا إلى اتخاذ إجراء غريب بفرض العقوبات على شركة محروقات في الثالث والعشرين من آذار الماضي، رغم أن هذه الشركة مسؤولة عن توزيع المشتقات النفطية حصراً وليست منتجة ولا تمول الدولة وإنما تستهلك أموالها وفي عام 2011 والربع الأول من العام الحالي استوردنا مشتقات نفطية بقيمة 3.5 مليارات دولار تم توفير المبلغ من الخزينة العامة لأننا لم نصدر أي برميل من النفط الخام، وهذا دليل أن استهداف شركة محروقات بالعقوبات يهدف إلى منع إيصال المشتقات النفطية للمواطنين.
منع بالقوة
وأشار العلاو إلى وجود عقود مبرمة مع عدة شركات لتوريد حاجة البلاد من المازوت والغاز لغاية العام الحالي إلا أن هذه الشركات توقفت عن تنفيذها نتيجة الحظر والتهديدات رغم الأموال المسددة والاعتمادات مفتوحة ورغم توفر مئات ملايين الدولارات في حساباتها، واعترضت هذه الشركات لعدم وجود نصوص صريحة في العقوبات تمنع توريد هذه المواد، لكن الأوروبيين منعوا الشركات بشكل لا أخلاقي وهددوها بفرض عقوبات قاسية إذا ورّدت المازوت والغاز إلى سورية بأي شكل من الأشكال. ووجدنا أن تفسيرهم للأمور يتجاوز حتى قراراتهم التي استثنت الاحتياجات الإنسانية واعتبروا الغاز مادة اقتصادية يمنع تصديرها إلى سورية رغم أننا نستخدمها منزلياً، وأوقفوا بواخر شركة نفتومار اليونانية التي كانت في عرض البحر من إيصال الكميات المتعاقد عليها.
وأضاف العلاو: رفعنا دعاوى لتفسير هذا الأمر لكن وجدنا إصراراً عجيباً على عدم السماح لأي جهة أوروبية أو ذات علاقة بأوروبا أو النواقل الأوروبية بالتعامل معنا، وبحثنا عن جميع الشركات حول العالم فوجدنا أن لجميع هذه الشركات صلات بأوروبا، إضافة إلى الحظر على البنوك السورية، وبالتالي هدفهم إلحاق الأذى بالشعب السوري الذي صمد في وجه المؤامرات عليه.
الوضع الحالي
وعن وضع المشتقات النفطية بيّن العلاو وجود إنتاج من بعض المشتقات محلياً يكفي أو يزيد على حاجاتنا المحلية، حيث إن إنتاجنا من الغاز الطبيعي (غير المنزلي) يكفي جميع احتياجاتنا لتوليد الكهرباء كما ننتج جزءاً من حاجاتنا من مادة الفيول والباقي الذي نستورده مؤمن، وما حصل من تقنين للكهرباء سابقاً كان بسبب الاعتداءات التخريبية على سكك الحديد والصهاريج الناقلة للفيول، وكذلك الأمر بالنسبة لمادة البنزين متاحة بكميات كبيرة تغطي احتياجاتنا وتزيد عليها أحياناً، أما المادتان الأساسيتان اللتان سنعاني من بعض النقص فيهما الغاز والمازوت، وحالياً نحن في أدنى حالات الطلب على هذه المادة لا يلبيها إنتاج المصافي والكميات الواردة من الدول الصديقة والنقص المحدود، سنتغلب عليه في الأيام القادمة لأننا أبرمنا عقوداً، حيث وصلت ناقلة فنزويلية الى سورية الاثنين الماضي تحمل 35 ألف طن مازوت وهي الشحنة الثالثة ونحن متعاقدون مع فنزويلا على شحنات أخرى لاحقة حسب توفر البواخر، والشحنة الرابعة جاهزة، وبالتالي لن نعاني النقص من المازوت.
الغاز المعضلة
وبالنسبة لمادة الغاز فقد أوضح العلاو أن لهذه المادة خصوصية حيث لا تعمل بها إلا شركات اختصاصية محدودة، فلها نواقل وصهاريج وطرق نقل خاصة لأنها مادة خطرة جداً، وتتوفر هذه المادة حصراً لدى الدول الكبيرة في إنتاجها للنفط والغاز مثل الجزائر والسعودية وقطر وإيران، وكنا خلال الربع الأول من 2012 نتعاون مع شركة نفتومار اليونانية بسبب قربها، لكن بعد فرض العقوبات على شركة محروقات حاولنا الاستيراد باسم شركات حكومية أخرى لكننا لم نفلح ورفضوا التعامل مع أي شركة حكومية سورية، وطلبنا من جميع جهات القطاع الخاص أن تتحرك لتأمين احتياجاتها منذ أشهر، ونفكر حالياً بالتعاقد مع مصنعي السيراميك لإحداث شركات خاصة باستيراد الغاز وتقديم جميع التسهيلات اللازمة لها.
وأضاف العلاو: ومن أجل تأمين المادة أعطيت التعليمات لتشغيل معامل الغاز بطاقتها القصوى لتدارك النقص، وكان لدينا مخزون معين حاولنا أن نستفيد قدر الإمكان منها مع الحفاظ على مخزون احتياطي لحالات الطوارئ، ففي العام 2011 كان وسطي الإنتاج اليومي في نيسان 181.5 ألف أسطوانة بإجمالي شهري 5.44 ملايين أسطوانة، ورغم كل الظروف الحالية أنتجنا في نيسان الماضي 3.825 ملايين اسطوانة بمعدل وسطي 127.5 ألف أسطوانة يومياً، وفي أيار من العام الماضي أنتجنا 3.9 ملايين أسطوانة حتى 21 منه، أما حتى 21 أيار الحالي أنتجنا مليوني أسطوانة بمعدل 96 ألف أسطوانة يومياً بنسبة 51% من الحاجة المحلية، حيث يكون الطلب في مثل هذه الأيام عادة 180 ألف أسطوانة، وحالياً نعاني من ظرف طارئ بسبب توقف مصفاة بانياس للصيانة ولمدة عشرة أيام وهي تنتج 230 طناً يومياً من الغاز المنزلي.
البحث مستمر
وأكد العلاو أن هذا لا يعني أن الأمور ستبقى على هذا الحال حيث بذلت جهود كبيرة لتأمين الغاز المنزلي وبكل الوسائل المتاحة وبأي كميات لتعويض النقص وتأمينها للمواطنين بالسعر النظامي مع التأكيد على أن سعر الأسطوانة 400 ليرة لكن يستغلها بعض ضعاف النفوس، والآن هناك عدة عقود جاري البحث حولها مثل التعاون مع إيران حيث تم الاتفاق على توريد باخرة وكذلك طلبنا من الشركة الجزائرية التعاون معنا ونأمل أن يساعدونا وأن يتجاوبوا معنا.
البدائل متوافرة
وقال العلاو: إن النقص في إمدادات الغاز لا يعني فقدان الخيارات حيث يوجد بدائل أخرى متوافرة مثل الكهرباء والكاز، وأن يتم الاقتصاد في استهلاك الغاز وألا نخزن أكثر من حاجتنا فنحن في حالة حرب ولم يسبق أن فرضت مثل هذه العقوبات على دولة حيث لو استطاعوا قطع الهواء عن الشعب السوري لفعلوا، والآن مادة الكاز متوافرة وأعدنا توزيعها على محطات الوقود كافة بالسعر النظامي، ويمكننا الاستعانة بهذه المادة في الأرياف كما كان آباؤنا وأجدادنا يستخدمونها سابقاً، كما أن الكهرباء متاحة يمكن استخدامها في بعض الأمور الأخرى، ونحن نعمل على توفير الغاز من أي جهة وبأي سعر وأي طريقة، حيث نتباحث مع جهات معينة لشراء أسطوانات غاز مملوءة من تركيا ولبنان وبأسعار المستهلكين في البلدين لإعادة بيعها للمواطنين بالسعر الرسمي وتتحمل الدولة فارق السعر، كما طلبنا من القطاع الخاص شراء المادة مع استعدادنا لتغطية الفرق مؤكداً التوزيع العادل بين المحافظات.
عراقيل تركية وتسهيلات إيرانية
وأشار العلاو إلى أنه لا توجد عقوبات دولية تمنع توريد المشتقات النفطية إلينا، لكن هناك عقوبات أميركية أوروبية فقط، حيث تورد إلينا فنزويلا وإيران، وأن سورية سبق أن تعاملت مع شركات تركية خاصة كانت تورد لنا صهاريج الغاز التي كانت تؤمن احتياجات محافظتي حلب وإدلب، وعندما اتصلنا بهذه الشركات رحبت بهذا الأمر لأنه يمثل مصلحة تجارية لهم، لكن وزارة الخارجية التركية لم تسمح لهم بذلك، وبالنسبة للتعاون مع إيران فنحن على علاقة وثيقة بها لكن تعذر عليها موضوع النواقل والبحث مستمر لتأمين النواقل المناسبة لموانئنا وأعلمنا أنهم وجدوا الباخرة المناسبة، مع العلم أن المسافة بحراً طويلة جداً ونقلها براً عبر العراق غير ممكن لأن المادة خطرة جداً، كما توجد صعوبات فنية للتعامل مع الغاز الإيراني نحاول التغلب عليها.
وأكد العلاو أن الوزارة وشركة محروقات تسعيان لتأمين وصول الغاز إلى المستهلكين بالسعر النظامي حيث يوجد لديها أحد عشر ألف موزع معتمد في جميع المحافظات، وفي دمشق لديها سبعة مراكز وتتعاون مع المؤسسة العامة الاستهلاكية ومؤسسة الخزن والتسويق، حيث يتم توزيع 30 ألف أسطوانة بشكل وسطي، وطلب تعاون المواطنين في عدم بث الشائعات وعدم تخزين الغاز.