ربما تكون أسواق الأسهم في العالم قد تراجعت خلال العام الماضي على خلفية أزمة الديون العالمية ولكن من الواضح أن كبار الأثرياء في العالم مازالوا قادرين على التعامل مع الأزمة بصورة جيدة بفضل تنوع استثماراتهم في المنتجات المالية ذات العائد الثابت والأعمال الفنية القيمة بل وحتى في الألماس .
ووفقاً للأرقام المتاحة فإن أثرياء العالم فقدوا العام الماضي 700 مليار دولار من قيمة ثرواتهم وهو ما يقل قليلا عن المبلغ الذي تحتاج دول منطقة اليورو إليه لإطلاق آلية الاستقرار الأوروبية الرامية إلى حماية دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة من الإفلاس ويبلغ 880 مليار دولار .
هذه الخسارة بالنسبة لأثرياء العالم طفيفة ويمكن استيعابها، حيث إنها تمثل نحو 7 .1% من قيمة ثرواتهم . فمازال هؤلاء الأثرياء يمتلكون أصولا قيمتها 42 تريليون دولار وفقاً لبيانات مؤسسة “كابجيمني” للخدمات المالية و”رويال بنك أوف كندا” . ولن نعرف ضخامة حجم ثروات الأثرياء إلا إذا عرفنا على سبيل المثال أن قيمة اقتصاد ألمانيا وهو أكبر اقتصادات أوروبا بلغت 57 .2 تريليون دولار فقط العام الماضي .
في الوقت نفسه فإن عدد أثرياء العالم والذين تزيد ثروة الواحد منهم عن مليون دولار ارتفع خلال العام الماضي بمقدار11 مليون شخص .
وشكل مليونيرات الولايات المتحدة واليابان وألمانيا ما يصل إلى نصف إجمالي عدد مليونيرات العالم وبلغ متوسط ثروة الشخص الواحد 3 ملايين دولار .
وقد نجح مليونيرات منطقة آسيا والمحيط الهادي في الحفاظ على ثرواتهم بعيداً عن التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية فلم تنخفض قيمة ثرواتهم العام الماضي .
ورغم أن قيمة ثروات مليونيرات العالم انخفضت العام الماضي فإنهم لم يعانوا كثيرا بفضل الزيادة في ثرواتهم العامين السابقين، حيث زادت قيمة هذه الثروات عام 2010 بمقدار 7 .3 تريليون دولار في حين زادت القيمة عام 2009 بمقدار 2 .6 تريليون دولار .
ولما كان لا يوجد مستثمر يحب أن يخسر أموالا فإن أغلب الأثرياء اتجهوا العام الماضي إلى استثمار أموالهم في منتجات مالية أقل مخاطرة وأقل ربحية في ضوء استمرار الأزمة المالية العالمية والاضطرابات السياسية في العديد من مناطق العالم .
وقال كلاوس جورج مير المحلل الاقتصادي في مؤسسة “كابجيمني إن المستثمرين بدا أنهم فضلوا الاحتفاظ بأموالهم في صورة سائلة أو ودائع ذات عائد ثابت .
وتشير التقارير إلى مزيد من التباطؤ بالنسبة للاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، كما يستبعد المستثمرون الوصول إلى حل قريب لأزمة الديون الأوروبية .
ورغم أن التطلع إلى عائدات أعلى على استثماراتهم ليس التفكير السائد بين المستثمرين الآن فإن هناك مستثمرين غير سعداء بوضع أموالهم في ودائع ذات عائد ثابت ضعيف .
ووفقا لتقرير مؤسسة “كابجيمني” فإن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية دفعت بعض المليونيرات إلى استثمار جزء من أموالهم في الأعمال الفنية والمجوهرات رغم أن هذه الأصول لا تعد ضمن الثروة المالية لأي شخص يمتلكها .
وتحتل الصين المركز الرابع عالمياً في قائمة عدد المليونيرات حيث يوجد بها 562 ألف مليونير . وأصبحت السوق الصينية القوية تمثل نحو 30% من سوق الأعمال الفنية والقطع الأثرية في العالم خلال العام الماضي . وتراجعت الولايات المتحدة إلى المركز الثاني بحصة سوقية قدرها 23% متقدمة بنقطة مئوية واحدة عن بريطانيا العظمى التي جاءت في المركز الثالث .
وزاد عدد المليونيرات في الصين خلال العام الماضي بنسبة 5% تقريباً من 535 ألف مليونير إلى 562 ألف مليونير . وهذا الرقم يعد صغيراً نسبياً في ضوء ضخامة عدد سكان الصين .
ويرى تقرير “كابجيمني” أن قيمة الأعمال الفنية ستواصل ارتفاعها . وأضاف أنه في حين حقق المستثمرون العام الماضي زيادة في قيمة أصولهم من الذهب بنسبة 10% العام الماضي تقريباً فإن معدل الزيادة في القيمة بالنسبة لأصول الألماس كان أكبر .
فقد ارتفعت أسعار الألماس العام الماضي بنسبة 20% بسبب النمو القوي للطلب على المعدن النفيس خصوصاً في الصين مع عدم قدرة الإنتاج على مواكبة الزيادة في الطلب .
وأخيراً تقول مؤسسة “كابجيمني” إنه بغض النظر عما إذا كان المليونيرات يستثمرون أموالهم في الأسهم أو السندات فإنه عليهم الاستعداد لاستمرار تأرجح أسواق المال وهو ما يفتح الباب إما إلى أرباح كثيرة أو خسائر باهظة .
المصدر: (د .ب .أ)