تربعت شركة أرامكو السعودية بقوة على عرش القائمة بإنتاج يومي وصل إلى 12.5 مليون برميل وتليها (غازبروم –Gazprom) بـ9.7.
إن المتتبع لقائمة أكبر 25 شركة نفط في العالم، محاولا معرفة من يسيطر على أسواق النفط العالمية، أمثال شركة (إكسون موبيل – ExxonMobil) وشركة (ستات أويل - Statoil) وشركة (روسنفت - Rosneft) وشركة (بتروليوس دي فنزويلا – Pdvsa)، يتضح له شيء واحد، ما من نفوذ لأي رئيس شركة يضاهي نفوذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أما بوتين فقد بدأ نفوذه مع شركة (غاز بروم - Gazprom) (في المرتبة الثانية في قائمة أكبر شركات إنتاج النفط والغاز) وشركة روسنفت (في المرتبة الخامسة عشرة). ومن المحتمل أن أكبر شركتين لإنتاج الغاز الطبيعي والنفط تقومان بالتبادل التجاري العلني، ولكن يتم الإحتفاظ بغالبية الأسهم من قبل الحكومة الروسية، وتحت إشراف بوتين. وفي دراسة هي الأولى من نوعها لمجلة فوربس، قامت بالتحقق في أمر استخدام بوتين لشركة غاز بروم كأداة سياسية في العام 2006، والتي عززت من مكانته على الصعيد السياسي منذ ذلك الحين، وكادت تحتكر بيع الغاز لغرب أوروبا. فيما قام بوتين مؤخرا بتعيين نائبه السابق والمقرب منه إيغور سيتشين رئيسا لشركة النفط الروسية روسنفت.
ويظهر نفوذ بوتين أيضا في عمله المشترك مع شركة (لوك أويل – Lukoil) (في المرتبة الثامنة عشرة، والتي لا تملك الحكومة فيها أي حصة، ولكن تم تشكيلها من قبل نائب وزير النفط السوفييتي السابق، فاجيت اليكبيروف، والذي تقدر ثروته بـ 13,5 مليار دولار.
يقوم اليكبيروف بمشاورة بوتين بشكل منتظم، بالإضافة إلى قيام شركات النفط الروسية العملاقة ببعض المشاريع المشتركة، ومناقشتها لمواضيع أخرى تتعلق بإستكشاف القطب الشمالي.
لكن جدية بوتين جذبت العديد من شركات النفط العملاقة الأخرى. إلى جانب وجود تاريخ طويل بين شركة (رويال داتش شل Royal Dutch Shell) (في المرتبة السابعة) وشركة غاز بروم في تطوير (جزيرة سخالين - Sakhalin Island).
أقامت شركة إكسون موبيل (الترتيب 4)، هذا العام، مشروعا مشتركا واسعا مع شركة روسنفت لإستكشاف القطب الشمالي، وكذلك بنية (بازهيفون – Bazhevon) الضخمة للصخر الزيتي في سيبيريا، والتي يظن البعض أنها أكبر بثمانين مرة من بنية (باكن – Bakken) في شمال داكوتا. فيما بينت شركة إكسون أنه في حال نجاح هذه الشراكة فسوف تجلب إستثمارات تقدر قيمتها 500 مليار دولار في السنوات المقبلة.
فيما حاولت شركة (بريتيش بتروليوم - British Petroleum) إبرام صفقة مماثلة العام الماضي، لكن تم إعاقتها من قبل حكومة الأقلية الروسية التي كانت وراء مشروع المناصفة لشركة بريتيش بتروليوم (TNK-BP). (فيما تجري حاليا محادثات بين شركة بريتيش بتروليوم وشركة روسنفت، نظرا لعزم الأولى على بيع حصصها في مشروع TNK-BP). فيما قامت شركة روسنفت في الأشهر القليلة الماضية بإقامة مشاريع مماثلة مع الشركة النرويجية العملاقة للنفط ستات أويل (الترتيب 20)، وكذلك الأمر مع شركة النفط الإيطالية ايني (الترتيب 19 )، في حين كان بوتين يترأس جميع مراسم توقيع هذه الشراكات.
كانت هناك علاقة ودية خاصة بين شركة إيني وبين الكرملين. والتي شكل فيها بوتين صداقة وثيقة مع رئيس الوزراء الإيطالي السابق، سيلفيو برلسكوني، وقال أن المزاعم الجنسية التي أدت في جزء منها إلى سقوط برلسكوني كانت "من باب الحسد".
مما ساعد ذلك في فتح باب التواصل بين شركة غاز بروم وشركة ايني لمشاريع الغاز الطبيعي في شمال افريقيا، وخصوصا ليبيا. وفي لقاء لبوتين مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في عام 2008، تم عقد تحالف بين روسيا وليبيا، إلى جانب إنتقاد بوتين الشديد لدور حلف شمال الأطلسي "الناتو" في شن هجمات على ليبيا العام الماضي.
وقع بوتين مع الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، في العام 2010، إتفاقا وعدت روسيا فيه بيع فنزويلا أسلحة وتكنولوجيا الطاقة، إلى جانب مساعدة شافيز ببناء محطة للطاقة النووية. فيما قامت شركتي غاز بروم وروسنفت العام الماضي بتقديم قرض لشركة بتروليوس دي فنزويلا (الترتيب 22) بقيمة 4 مليارات دولار مقابل فرصة الحصول على النفط والغاز.
ولكن ماذا عن النفط والغاز الموجود في منطقة الشرق الأوسط؟ في هذا السياق، أجرى بوتين علاقة متينة مع منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك – OPEC) على مدى سنوات طويلة. على الرغم من أن روسيا ليست عضوا في المنظمة، إلا أنه وفي وقت قريب كانت تصدر النفط بكميات هائلة أكثر من نظيرتها المملكة العربية السعودية. في الواقع، قامت روسيا بمنافسة مباشرة مع شركة أرامكو السعودية (الترتيب 1) على عملاء الشرق الأقصى. ومع ذلك، قال بوتين، في العام الماضي، أن روسيا ستبدأ التعاون مع منظمة أوبك.
وأوضح بوتين في بيان له: "إن منظمة أوبك تشعر بالقلق تجاهنا وذلك لأننا نقوم بإنتاج المزيد من النفط، ما يؤثر بدوره على الأسعار العالمية للنفط الخام". وأضاف أيضا "لكن سوف ننسق عملنا مع منظمة أوبك."
فيما باءت محاولة بوتين قبل خمس سنوات للحصول على الغاز الطبيعي من شركة قطر للبترول العملاقة (الترتيب 17) وشركة النفط الوطنية الإيرانية (الترتيب 3) بالفشل، وذلك لإهتمامها في تحويل غاز منظمة أوبك لصالحها. وكان ذلك قبل إزدهار الغاز الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية الذي غير وجه إمدادات الغاز العالمية.
إن المشكلة التي يواجها بوتين وشركات الغاز العملاقة الأخرى، هي أن أسواق الغاز العالمية ليست بمثابة النفط على الإطلاق. قام المشترون الآسيويون مثل اليابان وكوريا بدفع ما يزيد عن 14 دولار لكل ألف قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال الذي ترسله قطر، فيما تقوم شركة غاز بروم ببيع الغاز إلى أوروبا مقابل 12 دولار تقريبا. وعلى النقيض من ذلك وإرتفاع الأسعار في الولايات المتحدة في الوقت الحالي إلا أن سعر الغاز يبلغ 2,90 دولار لكل ألف قدم مكعب.
شكلت ثورة إستخراج الغاز الطبيعي من الصخر الزيتي أكبر تهديد لسلطة بوتين على قطاع صناعة الطاقة. مما أدى إلى هبوط سعر الغاز في الولايات المتحدة إلى أكثر من 80٪ منذ العام 2008، والذي دفع الشركات المصنعة إلى نقل عملياتها إلى الولايات المتحدة للإستفادة من ذلك.
عندما يقوم منتجو الولايات المتحدة ببناء منشآت لتصدير الغاز الطبيعي المسال، (وفي الوقت التي تقترب فيه شركة جينيري انرجي - Cheniere Energy من أي وقت سابق) فإنه سيكون هناك منافس عالمي آخر لشركة غاز بروم.
لذلك، لا عجب أن بوتين ورفاقه قاموا بالإحتجاج ضد الغاز الصخري. فيما انتقد الكسندر ميدفيديف، نائب رئيس مجلس إدارة شركة غازبروم، قبل عامين قائلا: إن الغاز الصخري "يهدد مياه الشرب". وفي أبريل/نيسان الماضي، قال بوتين فيما يخص إستخراج الغاز الصخري "على روسيا أن تكون مستعدة لمواجهة أي هزات خارجية،" ولذا "فإن شركات الطاقة الوطنية يجب أن تستجيب لهذه التحديات".
إذا سيتضح لنا كيف يمكن للتغييرات أن تحدث عندما يحين الوقت لشركة إكسون وستات أويل لبدء عمليات الكشف والتنقيب في سيبيريا. لا تفكر ولو للحظة واحدة في أن بوتين سيسمح للإحتجاجات القائمة ضد عمليات الكشف والتنقيب أن تؤدي بشركة غاز بروم وروسنفت إلى فقدان مكانتها في قائمة أكبر 25 شركة نفط في العالم.
المصدر: فوربس الشرق الاوسط
بقلم : كريستوفر هيلمان / ترجمة: قاسم الجيوسي