لا أحد يعتقد أنّ الحكومة تقف موقف المتفرج من ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة في بلد يعاني من حرب منذ اكثر من ثماني سنوات ومن حرب اقتصادية ونقص في الموارد بات واضحا
ولعل أكثرالأسباب وضحا ومباشرة - كما يعلم كثيرون - هو توقف خط الائتمان الإيراني الذي كان يؤمن شهريا إيرادات للدولة تصل الى 200 مليون دولار ..
ومع توقف خط الائتمان تحول الأمر الى دفع فاتورة ضخمة شهريا لتأمين احتياجات البلاد من المشتقات النفطية وغيرها من المواد الأساسية في مقدمتها القمح والأدوية على أن قرار الدولة الاستراتيجي والجريء بشراء القمح من الفلاحين بأعلى من سعره العالمي كان من الأسباب التي أثرت على سعر الصرف . ..
المضاربة كانت السبب العابر و القادر دائما على استغلال أي ظرف يواجه الليرة .. وإذا ما ذكرنا أيضا الحصار و التهريب .. نكون قد ذكرنا الأسباب الرئيسية لارتفاع سعر صرف الدولار .
ولكن كما قلنا الدولة لاتتفرج وهي فعلا بصدد اتخاذ قرارات واجراءات غير مسبوقة .. كل ذلك ربما دفع فارس الشهابي رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية الى مخاطبة كل منا بالقول : " اسأل يومياً الى أين سيصعد الدولار..؟ "
بصراحة يقول فارس الشهابي : لاأتوقع صعوده كثيراً بل أتوقع نزوله قريباً جداً..
و قال : لا تنسوا أنّ دولتنا قوية و استطاعت السيطرة عليه و ترويضه رغم ارتفاعاته خلال ٨ سنوات من حرب عسكرية و اقتصادية و قد تم افشال خطط وصوله لألفي ليرة حسب توقعات المتآمرين نهاية عام 2012
. المهم يقول الشهابي أن لانشارك بالمضاربة غير المباشرة عليه عبر شرائه و تخزينه
لكن الأهم في ما قاله الشهابي هو أنّ " هناك قرارات اقتصادية و نقدية هامة على الطريق" ما نؤكده وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا
آملا بالإسراع بتنفيذ توصيات المؤتمر الصناعي الثالث لتحفيز و تتشيط الانتاج و التصدير..
ومؤكداً " أنّ الدولار سينخفض و بشكل أسرع مما نتوقع " .
حديث المهندس فارس الشهابي يتناغم مع حراك يجري على أكثر من مستوى في الدولة والقيادة من أجل معالجة الارتفاع في سعر الصرف والسيطرة عليه وبما يمكن أن يكون مفاجئاً هذه المرة في طريقة المعالجة والتخفيض ومما لايمكن الحديث في تفاصيله ولكن يبدو أن الأمور لن تترك وهناك اجراءات قوية فعلا.
ما نوّد ربما الإشارة إليه بكثير من الاهتمام في هذه السطور وبما لاينفصل عن مكونات الأسباب المؤثرة على سعر الصرف , ضرورة التنبه الى حالتين في النظام المصرفي اللبناني ..
الحالة الاولى : هي الإفلاس الحقيقي الذي تعاني منه البنوك البنانية بل وتعاني منه كل الدولة اللبنانية , ما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية في ظل تصنيف ائتماني عالمي سيدفع بلبنان الى الهاوية , وهذا ما حذرنا منه منذ اشهر طويلة عبر موقع سيرياستيبس داعين السوريين الذين يملكون عشرات المليارات من الدولارات المكدسة في المصارف اللبناية الى إنقاذها من حالة الإفلاس المؤكدة ؟
الحالة الثانية : هي محاولة لبنان وبما لايبتعد عن سياسة تجفيف المنطقة من القطع " ما صرح عنه مسؤولون أمريكييون بوضوح " السيطرة على المزيد من أموال السوريين في الداخل عبر منح فوائد عالية يغطي المركزي اللبناني جزء مهم منها بخسارة .. الأمر الذي يدفع السوريين الى استبدال الليرات السورية بالدولار وإيداعها في المصارف اللبنانية طمعا بالفوائد العالية
في الحقيقية ما نشهده يحتاج إلى حملة توعية حقيقية للسوريين لتجنيبهم الوقوع في براثن السياسة المصرفية اللبنانية التي يصفها رجال مال وبنوك لبنانيون قبل السوريين بالسياسة المشبوهة , بل فعلا وصفها مصرفي لبناني يعمل قي سورية بأنها سياسة خطيرة وعلى السوريين كما اللبنانين عدم الوقوع في براثنها .
يبدو أن المعركة مع ارتفاع الدولار بدأت تأخذ أبعاد جديدة قد لا تبدو بعيدة عن محددات سياسية معينة تُرسم للمنطقة كلها , طبعا لايقول لنا احد أنها نظرية " المؤامرة " ليسخف التعاطي مع الأمر الخطير فعلا .
ولكن يبدو ان الوقت قد حان للإرتقاء بفعل المواجهة والمقاومة إلى المستوى الذي يمكن معه مواجهة تراجع العملة المحلية وما يمكن أن يحمله معه من تراجع في معيشة المواطن
وكما ذكرنا أعلاه و أكده رئيس غرفة صناعة دمشق فإن قرارات وإجراءات مهم قادمة وقد تكون هذه المرة مختلفة في طريقة التعامل مع الموضوع .