قال وزير الاقتصاد اللبناني نقولا نحاس يوم الإثنين إن الأزمة المستمرة في سوريا منذ 20 شهرا تسببت بانخفاض الصادرات اللبنانية هذا العام حوالي 12 بالمئة في حين انخفضت الصادرات عبر سوريا بما بين 30 و40 بالمئة على الأقل.
وفي مقابلة أجريت معه في إطار "قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط" قال نحاس "الصادرات عبر سوريا تقريبا انخفضت نحو 30 الى 40 بالمئة إذا لم نقل أكثر ... التصدير عبر سوريا صار أكثر كلفة ويشكل عبئا على حركة التصدير. التصدير ككل انخفض حوالي 12 بالمئة."
وأضاف "كلنا نعرف وشهدنا التطورات السياسية في المنطقة وفي لبنان. نحن نمر بمرحلة عواصف. عواصف سياسية.. عواصف أمنية ترخي بظلالها على كامل المعطى الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة وفي لبنان."
ورغم أن ثورات الربيع العربي لم تمر على لبنان الا أن القطاع الاقتصادي وخصوصا السياحي تضرر جراء الاضطرابات التي تعصف بجارته سوريا التي تمر عبرها عادة كل الصادرات البرية بالإضافة إلى نحو 300 ألف من السياح العرب القادمين برا الى لبنان.
وفضلا عن تداعيات ثورات المنطقة على قطاع السياحة المحلي شهد لبنان أزمة سياسية وتوترات امنية بين الفصائل المختلفة ادت مرات عدة الى مواجهات مسلحة وخصوصا في شمال لبنان وفي مدينة صيدا بجنوب البلاد وصولا الى بيروت.
ويصف الصناعيون هذا العام بأنه الأسوأ منذ الحرب الاهلية التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و1990. فقد تكدس إنتاج الصناعات اللبنانية في المخازن وكذلك الفواكه التي تصدر الى دول الخليج. وفي ذروة موسم الصيف أصبح من النادر أن ترى سياحا خليجيين في وسط بيروت وهي المنطقة الأكثر استقطابا للسياح العرب والاجانب عادة.
وقال نحاس ان السياحة شهدت تراجعا لان العرب طلبوا من رعاياهم عدم المجيء الى المنطقة ومنها لبنان مما خفض الحركة السياحية حوالي 14 او 15 بالمئة.
وقال وزير الاقتصاد "طبعا نحن غير مسرورين ولكننا لسنا بحالة هلع اقتصادي. لبنان مر بأزمات أكبر بكثير. اثنان بالمئة (نموا) هي ليست بكافية ولكننا قادرون على تحملها وأن نتجاوز هذه المرحلة لأن ..المقومات الأساسية للاقتصاد لم تتأثر ولم يحصل عندنا مشاكل أساسية لا بالقطاع الإنتاجي ولا بقطاع الخدمات ولا بالقطاع السياحي يعني البنية التحتية موجودة لدينا."
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد اعلن الاسبوع الماضي ان معدل النمو هذا العام سيبلغ اثنين بالمئة.
وقال نحاس "أمريكا لا تعمل اثنين بالمئة. نحن إذا عملنا اثنين بالمئة يعني أننا قادرون أن نصمد. نحن بحاجة للصمود. نحن بحالة أزمات كبرى. نحن بحالة حروب حولنا يجب أن نصمد حاليا."
وقال نحاس ان لبنان بحاجة إلى إنفاق ما لا يقل عن 20 مليار دولار لتطوير البنية التحتية "لكي تكون مساعدة حاضنة لبقية العوامل. لا يكفي ان نعدل القوانين... يجب ان يكون عندنا بيئة حاضنة للأعمال."
وقال نحاس إن الاستيراد ارتفع بما بين عشرة و12 بالمئة هذا العام. وأعرب عن قلقه من ميزان المدفوعات "الذي هو سلبي منذ 20 شهرا وهو أمر يسبب ضغطا على السوق المالي وعلى السوق النقدي ويعمل ضغطا على الفوائد التي تقدم للاسواق المالية لتؤمن استقطاب الاموال وتمول القطاع العام."
وذكر الوزير أن العجز في ميزان المدفوعات يحمل الخزانة أعباء إضافية "وهو من الاشياء التي تقلقنا بعض الشيء."
ودعا الى الشراكة بين القطاعين الخاص والعام قائلا ان "قانون الشراكة صار تقريبا معدا ومنتهيا وهو بحاجة فقط الى موافقة مجلس الوزراء ليذهب كمشروع قانون إلى مجلس النواب مع تعديل بعض القوانين التي تحدد أطر العمل للهيئات الناظمة."
وأردف قائلا "هذا إذا حصل.. نفتح أمامنا مجالات واسعة جدا وآفاقا واسعة" لخلق فرص عمل وتحسين البيئة الإنتاجية وتحسين البنية التحتية.
وأشار الى ان تمويل البنى التحتية بما في ذلك قطاع الكهرباء يجب ان يكون من القطاع الخاص. ويدعم لبنان قطاع الكهرباء بأكثر من ملياري دولار سنويا.
ولم يتخوف نحاس من هروب المستثمرين الاجانب وخصوصا الخليجيين من لبنان نتيجة الوضع الامني والسياسي المضطرب وقال "دائما هم يعرفون أن لبنان لا يتغير. لبنان هو إنسان هو بيئة. بعد 15 سنة حرب شاهدنا كيف رجع لبنان. أنا لست قلقا."
ويعتمد لبنان بشكل كبير جدا على الاستثمار الأجنبي المباشر لسد عجز ميزان المعاملات الجارية. ويقدر صندوق النقد الدولي عجز ميزان المعاملات الجارية اللبناني للعام الماضي بمبلغ 5.6 مليار دولار أو 14.4 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.
المصدر: بيروت (رويترز)