شكّل رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي لجنة مركزية برئاسة وزير الدولة لشؤون المشاريع الحيوية المهندس حسين فرزات لدراسة واعتماد البرامج الوظيفية للمشاريع الإنشائية الهامة التي تنوي الجهات العامة تنفيذها والتي تزيد قيمتها عن (100) مليون ليرة سورية بدلاً من 300 مليون ليرة كانت معتمدة سابقاً – أو مساحتها لا تقل عن (5000) متر مربع، وذلك وفقاً لمذكرة تُرفع من الجهة العامة ذات العلاقة تبيّن ورود المشروع موضوع البحث ضمن الخطة الخمسية والميزانية الاستثمارية المعتمدة من المجلس الأعلى للتخطيط والأسباب المبررة لاعتماده.
كما يجري ذلك وفقاً للائحة البرنامج الوظيفي المقترح لأقسام وفعاليات المشروع معتمدة من الوزير المختص الذي تتبع له الجهة صاحبة المشروع في ضوء معلومات إحصائية دقيقة وفعلية عن ملاك العاملين في المشروع والمستفيدين منه والمساحات الطابقية التي يتطلبها وحجم التوسع المتوقع إن وجد.
قرار رئيس مجلس الوزراء بهذا الشأن كلف اللجنة المشار إليها بمناقشة البرنامج الوظيفي وتدقيقه، مع إمكانية أن يتم ذلك بحضور ممثل عن الجهة صاحبة المشروع واعتماده نهائياً بعد إجراء التعديلات الضرورية عليه.
كما كلف القرار الجهة العامة المعنية بأن تبادر للقيام باتخاذ الإجراء المناسب لإعداد دراسة معمارية مبدئية استناداً للبرنامج الوظيفي المعتمد، أو الإعلان عن مسابقة معمارية وفق نظام المسابقات المعتمد حسب طبيعة ونوع المشروع.
وألزم القرار كل من الجهتين الدارسة والمدققة – وعلى مسؤوليتهما – بأن تكون الكشوف التقديرية النهائية لبنود وكميات أعمال المشروع دقيقة ومطابقة للحجوم والقياسات المحددة في المخططات التنفيذية النهائية للمشروع.
هذه اللجنة التي تضم في عضويتها المهندس محمد روماني المستشار في رئاسة مجلس الوزراء، والدكتور بيير نانو عميد كلية العمارة بجامعة دمشق، والعديد من المهندسين والخبراء في مجلس الوزراء وكلية العمارة ونقابة المهندسين ووزارتي الصحة، والإسكان والتنمية العمرانية، وهيئة التخطيط الإقليمي بالإضافة إلى الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية، يحق لها الاستعانة بمن تراه مناسباً من الجهات الحكومية أو غيرها، وعليها أن تعقد اجتماعات دورية لترفع تقريراً شهرياً عن إنجازاتها إلى رئيس الحكومة.
وكانت رئاسة مجلس الوزراء في أواسط العام 2009 قد طلبت من كافة الوزارات التعميم على الجهات العامة التابعة لها العمل على عرض مشاريعها الاستراتيجية التي تزيد قيمتها على الـ /300/ مليون ليرة سورية على مجموعة العمل المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء والمتعلقة بدراسة البرامج الوظيفية والتكاليف الخاصة بالمشاريع الإنشائية الاستراتيجية، بحيث يتم عرض تلك الدراسات عن طريق الوزير المختص على مجموعة العمل المذكورة وذلك قبل عرضها على كل من لجنة العقود واللجنة الاقتصادية للنظر في تصديقها.
وكان لهذه المجموعة دور وقائي ووصائي إلى جانب إعطائها صلاحيات إيقاف إجراءات التعاقد على أي مشروع بأي مرحلة من مراحله عندما تتطلب المصلحة العامة مثل هذا الإيقاف علماً أنّ متابعة المجموعة للمشاريع كانت منذ البداية وحتى إبرام العقد، وكانت تلك المجموعة تعتمد استمارة تم إقرارها من قبل رئيس مجلس الوزراء تتضمن اسم المشروع واسم الجهة صاحبة المشروع والوزارة التي تتبع إليها والغاية الوظيفية من المشروع وموقعه وأقسامه مع المساحات اللازمة ومواصفات الموقع العام ومساحته وإجمالي أعداد العاملين والمساحات الطابقية والقيمة الإجمالية التقديرية المتوقعة للمشروع.
من الواضح أن هذه اللجنة الجديدة تعتبر بمثابة جهاز فلترة للمشاريع الإنشائية الجديدة، واعتماد التخفيض في القيمة المُقدّرة للمشروع من 300 مليون إلى 100 مليون ليرة يشير إلى نزوعٍ واضح وفي مكانه لخفض النفقات إلى أقصى حدّ ممكن مع مراعاة البرنامج الوظيفي للمشروع، أي تقييم مدى أهميته ومدى الحاجة الفعلية لمهامه ووظائفه.
بكل الأحوال وعلى الرغم من أهمية مثل هذه اللجنة فإن الأهم من ذلك كله على ما نعتقد هو ضرورة تعديل الشركات العامة الإنشائية لأسلوب عملها الذي تفشّى أخيراً وأساء إليها وإلى سمعتها وأدائها بشكل عام والمتمثل بتعميق علاقاتها مع القطاع الخاص على أسس غير نظيفة، سواء كان من خلال التعهدات الثانوية غير المقنعة إطلاقاً، أم من خلال عمليات الشراء للمواد والمستلزمات المشبوهة السعر دائماً من القطاع الخاص، فضلاً عن إصلاح الآليات وتكاليفها الأسطورية وغير الصحيحة في الأغلب، ومثل هذه الأساليب آن لها أن تتوقف، وكفى نهباً وتذرّعاً، والكثيرون منّا يعلمون أنه لولا مثل هذه الأساليب الملتوية لشركات القطاع العام الإنشائي لكان وضعها أفضل مما هي عليه بمئات المرات.