تم في كلية الزراعة بجامعة دمشق مناقشة رسالة أعدت لنيل درجة الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي للطالب وحيد المحاميد حملت عنوان «الصعوبات والمعوقات التي تواجه عمل المصرف الزراعي التعاوني في الجمهورية العربية السورية وآليات تذليلها».
وتهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على سياسة التمويل الزراعي في سورية وتحليل أسباب انخفاض نسبة تحصيل القروض من المقترضين ودراسة المعطيات عن انخفاض عدالة توزيع القروض في المحافظات والمحاصيل، وبين شِقي القطاع الزراعي النباتي والحيواني، وتداعياتها وتحديد أسباب تراجع قيمة مُجمل القروض المُقدمة للقطاع الزراعي خلال السنوات العشر الأخيرة ودراسة مدى تأثير نشاطات المصرف الزراعي الأخرى في الأداء التمويلي للمصرف.
وبينت الدراسة أن معايير السيولة في المصرف الزراعي تكشف عن مدى قدرة المصرف على مواجهة الالتزامات قصيرة الأجل وترتبط السيولة بمشكلة مزدوجة تختص بالمنشآت المصرفية وهي مُشكلة السيولة منسوبة إلى الربحية وكشفت الدراسة عن انخفاض مُعدَّل السيولة السريع في المصرف من 81.76% عام 1999 إلى 36.7% عام 2008 ويعود ذلك إلى انخفاض قيمة مكونات الأموال الجاهزة بدءاً من العام 2006 وحتى نهاية السلسلة وانخفض مُعدَّل السيولة العام في المصرف من 19.77% عام 1999 إلى 8.64% عام 2008، نتيجة الزيادة الحاصلة في إجمالي قيمة الأصول بِمُعدَّلات أكبر من زيادة قيمة الأموال الجاهزة
وكشفت الدراسة عن أن القروض قصيرة الأجل شكلت أغلب القروض الممنوحة؛ إذ كانت نسبتها 85.23% على حين كانت نسبة القروض متوسطة الأجل 12.77%، ولم تزد قيمة القروض طويلة الأجل على 2% كمتوسط للفترة المدروسة وأن ما يثير الانتباه في عمل المصرف الزراعي التعاوني نسبة التحصيل المنخفضة؛ إذ كان متوسطها لفترة الدراسة 69.65% من إجمالي قيمة القروض، وهذه تبرر جزءاً كبيراً من تراجع دور المصرف الزراعي.
إن قيم القروض الممنوحة من المصرف الزراعي هي في الحقيقة أقل بكثير مما تبدو ظاهرياً وإن دور المصرف الزراعي في التنمية الزراعية ينخفض عاماً بعد آخر، ويكشف تحليل قيم القروض الممنوحة أنها تراجعت سنوياً بـ3% من قيمتها، وهذا يضعنا أمام مشكلة جوهرية تتمثل بتراجع دور المصرف الزراعي التعاوني.
وأوضحت الدراسة أن معوقات عمل المصرف الزراعي التعاوني تتجلى في عدم كفاية القروض وشكل الحيازة الزراعية وتراجع قيمة القروض الممنوحة وأن هناك عدم توازن في توزيع القروض فقد تغيرت قيمة القروض الممنوحة للقطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني للفترة 1999-2008 وتغيرت قيمة القروض الممنوحة للمحاصيل الحقلية وللأشجار المثمرة ولشق الإنتاج الحيواني ولمستلزمات الإنتاج إضافة إلى عدم التوازن في توزيع القروض على المحافظات وعدم التوازن في تحصيلها.
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها أن المصرف الزراعي يعمل بسياسة الفائدة المُنخفضة التي لها مساوئ على المدى البعيد، لذلك أصبح يعاني مشكلة الفرق الكبير بين سعري الفائدة التي يأخذها، والتي يدفعها على الودائع طويلة الأجل. وهذا جعل قروضاً كثيرة تذهب لأغراض غير الممنوحة من أجلها، وبعضها يتسرب إلى خارج القطاع الزراعي ويركز على منح القروض قصيرة الأجل، على حساب القروض متوسطة وطويلة الأجل، ما يعني محدودية دور القروض الزراعية في تطوير القطاع الزراعي وغياب التوازن في القروض الممنوحة وأن المصرف يتبع سياسة التمويل المتكامل، وهذه تتطلب خبرات متعددة للكادر العامل في المصرف، وتخصيص استثمارات كبيرة لإقامة المستودعات، وإجراءات إدارية كثيرة لتحريك مستلزمات الإنتاج وتجميد بعض أصول المصرف، ومصاريف إدارية ونفقات مادية لقيامه بدور الوسيط التجاري لعمليات شراء بعض مستلزمات الإنتاج من طرف ثالث لصالح المقترض، أو قيامه بدور الوسيط في دفع قيمة الحاصلات الزراعية لأصحابها، وهذه السياسة ترهق المصرف وغياب دور الإرشاد التمويلي وانخفاض نسبة التحصيل للقروض الممنوحة من المصرف الزراعي. وعُزي هذا إلى قرارات الحكومة القاضية بتأجيل تسديد القروض المستحقة نتيجة تعرض المزارعين في بعض السنوات إلى ظروف قاهرة أدت إلى تدني إنتاج محاصيلهم الزراعية