المتابع لحركة أسواق المحامص المنتشرة في جميع أحياء دمشق سواء الشعبية منها أو الراقية بإمكانه أن يلاحظ أنها لم تتأثر كثيراً بالأزمة التي تعيشها البلاد وذلك من حيث العرض والطلب عليها ومرد ذلك لأن مادة الموالح والمكسرات تعتبر من المواد الكمالية المطلوبة لما تعطيه من تسلية لأفراد الأسرة المجتمعة أو للشلة، فالموالح في وقتنا الراهن تعد مادة التسلية الأولى في ظل زيادة تقنين التيار الكهربائي.
محمد الشاطر صاحب إحدى المحامص المشهورة في منطقة الشيخ سعد قال: تعد الموالح والمكسرات في سورية من أشهر وأطيب الضيافات في العالم والتي كانت مطلوبة كثيراً في الأسواق العربية والعالمية.
وفي فصل الشتاء يكثر الطلب على هذه المادة لأن العائلات تبقى داخل منازلها وخاصة بعد المساء ما يساعد على زيادة استهلاكها خلال وقت السهرة الشتائية التي تكون أوقاتها طويلة.
وتابع الشاطر قائلاً: لقد أفرزت الأزمة التي تعيشها البلاد حالياً صعوبات طالت صناعة الموالح بنسبة كبيرة ومرد ذلك إغلاق وصعوبة تنقل البضاعة على طرقات ريف دمشق وخاصة منطقة بيت سحم والتي تعد الشريان الرئيس لإمداد جميع المحامص المنتشرة في مدينة دمشق وبقية المدن الأخرى فيوجد بها الكثير من المستودعات والمحامص والتي اضطرت خلال الأوضاع السائدة إلى الإغلاق وتم سلب أو حرق بعض منها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، وهذا ما أدى إلى معاناة الكثير من أصحاب المحامص في نقص كبير في البضائع المطلوبة لعمل المحامص ففقدت أنواع عديدة من الموالح كالذرة والبزر الأسود وبعض أصناف المكسرات الصينية والطرابيش الصينية والبلحة والليرات والصدفة والبراغي وهي مكسرات صينية.
وأشار الشاطر إلى أن أسعار الموالح والمكسرات لديه قد ارتفعت إلى حدود 50% وذلك بسب ارتفاع أسعار مادة المازوت والتي تعمل عليها جميع مكنات التحميص إضافة إلى غلاء أسعار المواد الأولية فكل يوم سعرها يختلف عن اليوم الآخر فالبزر الأسود كنا نشتري الطن الواحد منه منذ أسابيع بـ70 ألف ليرة وحالياً نشتريه بـ150 ألفاً في حين يباع للزبون لدينا بالمفرق بـ220 ليرة في حين كنا نشتري طن بزر دوار الشمس من التاجر بـ80 ألفاً وحالياً نشتريه بأكثر من 150 ألفاً ويباع الكيلو الجاهز للزبون بـ230 ليرة وهذا عدا زيادة أسعار مواد التغليف من أكياس الورق والنايلون التي بتنا نشتري الكيلو غرام منها بـ250 ليرة.
وأكد الشاطر أن أسعار الموالح والمكسرات الأجنبية المستوردة بحسب صحيفة " تشرين" قد زادت أسعارها بنسبة كبيرة لتصل أكثر من 100% كالكاجو الهندي أو الأندونيسي فقبل الأزمة كان يباع الكيلوغرام منه للزبون بـ450 ليرة أما حالياً فقد حلق عالياً ليصبح سعره 1200 ليرة أما البندق فقد كان يباع منذ أسابيع بـ600 ليرة وحالياً قفز ليصل إلى أكثر من ألف ليرة.
ويؤكد الشاطر أن هذا الارتفاع الكبير بأسعار الموالح والمكسرات قد أدى بدوره إلى انخفاض كبير بنسبة أرباحه لتصل إلى حدود 30% فصحيح أن إقبال الزبائن لم ينخفض على شراء الموالح ولكن الذي انخفض هو الكميات فالزبون كان بالسابق يطلب الكثير من الأصناف أما حالياً فهو يطلب صنفاً أو صنفين.
أبو غسان صاحب محمصة شعبية في منطقة المزة حدثنا قائلاً: لقد كان أثر الأزمة على أصحاب المحامص الشعبية أكثر من أثرها على أصحاب المحامص الراقية والمشهورة لأن الأخيرة أصحابها يوجد لديهم مستودعات ضخمة داخل محامصهم أو خارجها وتتسع لعشرات الأطنان فهم يعدون لبضائعهم منذ بداية الموسم والذي يبدأ من الشهر التاسع لنهاية شهر 11 إضافة إلى أن المحامص الراقية لا تكون علاقتهم مع التجار مثلنا وإنما تكون علاقتهم المباشرة مع المزارع وذلك بسبب توافر رأسمال كبير معهم فهم يشترون بضاعتهم بالرخص أما نحن أصحاب المحامص الشعبية فنخضع لما يمليه علينا التجار بأسعارهم وحججهم الواهية.
لقد اضطر أصحاب المحامص الشعبية أمام احتكار التجار وتخزينهم للمواد الأولية إضافة إلى ارتفاع أسعار مادة المازوت في سوق السوداء إلى رفع أسعار الموالح المحلية بنسبة قليلة لا تتجاوز30%.
وتابع أبو غسان: بالنسبة لي أحاول أن أحافظ على الزبون من حيث الحفاظ على جودة البضاعة والسعر المناسب وعلى حساب الربح فأنا أبيع (بنور الله) فلا أربح بالكيلو أكثر من 5 ليرات.
وعن مصدر البضاعة قال أبو غسان: لقد تأثرنا قليلاً بفقدان بعض أصناف البضاعة الجيدة من منطقة بيت سحم إلا أننا حالياً نعوض عنها ببضاعة وسط من الأسواق الموجودة ضمن دمشق كسوق باب سريجة والصناعة في كراج الست زينب.
وأكد أبو غسان بأن الطلب على الموالح لم ينخفض بسبب الارتفاع النسبي بأسعارها ولكن زاد الطلب على شراء البزورات الشعبية من بزر دوار الشمس والذي يباع الكيلو منه بـ200 ليرة وبزر البطيخ البلدي والذي يباع بـ150 ليرة وفستق العبيد الذي يباع الكيلو منه بـ325 ليرة مع التقنين بالأنواع الأخرى وأشار أبو غسان إلى الانخفاض الحاد من قبل زبائننا على شراء «الموالح الذهبية» والتي تتبع أسعارها صرف الدولار والتي تكمن فيما تسمى بالقلوبات من (كاجو – فستق حلبي – لوز – بندق) والتي يزيد أسعار الكيلو منها على 900 ليرة، مشيراً إلى أن الزبون يضطر أحياناً إلى شراء نصف وقية منها وذلك بالمناسبات كقدوم صديق عزيز أو خطبة لابنته.
سناء يونس: في السابق كنا نستطيع شراء كيس «المخلوطة» الذي يحتوي أصنافاً عديدة من الموالح والمكسرات بمبلغ مئة ليرة وهو يسلي عائلة كاملة ولكن اليوم المئة ليرة لا تحضر «شهوة» من هذه الموالح لقد أصبحت أسعارها مرتفعة جداً فهل من المعقول أن يصل سعر كيلو الكاجو إلى 1200 ليرة والفستق العبيد إلى 350 ليرة واللوز بـ1000 ليرة.
أم عبدو قالت: لم يكتف التجار برفع أسعار الحلويات وإنما لحقوا بنا إلى المحمصات فزادوا أسعارها بشكل غير معقول وعندما تحتج على هذه الأسعار يتحججون بحجج جاهزة ومفصلة فالدولار بات يدخل في هذه الصناعة البسيطة والتي جل موادها من زراعات بلدنا وحالياً أنا مقتنعة بما يقوله أطباء الأسنان بأن الموالح السبب الأساس في كسر الأسنان لذلك سأعمل على إقناع عائلتي بذلك.
أحد العاملين في مديرية حماية المستهلك قال لنا: بشكل عام يمكن القول إن جميع أصناف الموالح لا تخضع للتسعير المركزي وينحصر دور حماية المستهلك في معالجة الشكاوى التي ترد إليها سواء ما يتعلق بالسعر أو بالجودة، فيما تتأكد الدوريات التموينية من ضرورة إعلان الباعة عن الأسعار بشكل واضح، وكذلك تبيان المواصفات لكل مادة من المواد – محلي – مستورد – نوع أول – نوع ثان. وفي حال وجود المخالفة يتم تسطير الضبط اللازم.