انعكاسات وآثار مختلفة ومتنوعة سجلها قرار رفع أسعار بعض المواد وفي مقدمتها سعر مادة المازوت حيث تم توحيدها عند 125 ليرة ترجمتها الطوابير الشديدة أمام مواقف وسائط النقل وحالة الفوضى والفلتان في تقاضي أجور النقل وتأهب العديد من تجار السوق السوداء لمادة المازوت من ترقب الوضع وكيفية التعامل معه وتحقيق أكبر قدر ممكن من جني وتحصيل الأرباح، إضافة إلى هجمات وشوشرات تجار المواد والسلع في الأسواق حول دراسة رفع الأسعار ومقدار الارتفاعات الممكنة.
لكن واقع ذلك كان مختلفاً على ضفة النهر الأخرى التي يمثلها المواطن الذي أدرك أنه فقد جزءاً من قدرته الشرائية وأن عليه أن يستعد إلى الصراع مجدداً مع موجة غلاء بدت ترتسم ملامحها.
نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور رغيد قصوعة شن هجوماً على الحكومة حول عدم مكاشفتها بشكل صريح عن حجم الدعم في الموازنة العامة وعن استخدامات الوفورات المالية القادمة من رفع الدعم الجزئي لأسعار بعض المواد مثل رفع الأسعار المؤخر لمادة الغاز والخبز وتوحيد سعر مادة المازوت.
و رأى قصوعة وفقا لصحيفة "الوطن" أن الحكومة تتبع سياسة تمهيدية لرفع الأسعار من خلال شح المادة وقلة عرضها وتوفرها في الأسواق ومن ثم رفع سعرها وبعدها يتم توافر المادة، وهذا ما حدث وترافق مع العديد من قرارات رفع الأسعار السابقة.
وحول ارتفاع الأسعار وأجور النقل بشكل عشوائي بعد القرار أوضح قصوعة أن أجور النقل عامل أساسي ومحدد في أسعار المواد والسلع وإذا مشينا مع القرار الأخير سنجد أنه نظرياً خفض سعر مادة المازوت المخصصة للمركبات العاملة بين المحافظات لكنه رفع قيمة أجور النقل على المركبات العاملة ضمن المدن إلى نسبة تقترب من 60-70%.
من جانبه رأى التاجر بهاء الدين الحسين أن السعر الجديد لمادة المازوت والذي أقرته الحكومة مرتفع ولا يتناسب مع دخل شريحة واسعة من المواطنين وأنه سيخفف من قدرته الشرائية المتدنية أصلاً، وهذا بدوره يسبب تباطؤاً وركوداً في حركة المبيعات.
مضيفاً: إن العبرة ليست بالتسعير بل هي في تأمين المادة لأنه إذا لم تتوفر المادة ستبقى كل الأسعار رمزية وحبراً على ورق وأن السوق السوداء ستبقى مشرعة الأبواب لتجار الأزمات والاحتكار والتلاعب بالأسعار وبالتالي بيع المادة بأسعار مرتفعة. مع العلم أن السعر الحالي 125 ليرة هو قريب من الأسعار العالمية ويخفف على الحكومة الكثير من نفقات الدعم وأن رفع أسعار مادة المازوت سيكون له انعكاس واضح وفعلي على أسعار المواد والسلع لأنه يدخل إما ضمن تكاليف إنتاجها أو على الأقل في تكاليف الشحن والنقل والتي سترتفع حكماً وبالتالي ستضاف إلى سعر التكلفة وسيدفعها بالنهاية المستهلك.
وحول السماح للقطاع الخاص باستيراد المادة أفاد أنه لا يمكن أن تتوفر مادة المازوت ما لم تتدخل الدولة بشكل مباشر لتأمينها بسبب امتلاكها مقومات الاستيراد من وسائط النقل والمستودعات ومحطات التوزيع وأن القطاع الخاص يفتقر إلى مثل هذه المقومات الأمر الذي سيدفعه إلى دفع أجور إضافية تزيد من تكاليفه، مبيناً أن القطاع الخاص باع مادة المازوت خلال الفترة الماضية 150-160 ليرة.