في البحث عن مطارح ضريبية جديدة، لايزال معقبو المعاملات خارج معادلة التكليف الضريبي، رغم أن المرسوم التشريعي رقم /12/ لعام 2014 والمعدل بالقانون /10/ لعام 2016 أجاز لمعقب المعاملات أن يحترف مهنة تعقيب وإنجاز المعاملات لدى الجهات العامة وغير العامة نيابة عن أصحابها مقابل أجر، كما نظم مهنة التعقيب ووضع لها معايير وضوابط واضحة.
والحقيقة أن مهنة تعقيب المعاملات تدر دخلاً مثيراً للجدل، وهذا الدخل لايزال يذهب كاملاً إلى جيوب المعقبين، فالمعقب لا يرضى بأقل من ضعف راتب موظف في اليوم، أي كحد وسطي 50 ألف ليرة، ناهيك بأن بعض المكاتب لديها عدد من المعقبين يتراوح بين 3 أو 4 في كل مؤسسة، وإذا قام كل معقب بإنجاز معاملة واحدة فإن أجرها لا يقل عن 5 آلاف ليرة، بحسب بعض المعقبين الذين التقتهم «تشرين» وسألتهم عن أجر إنجاز المعاملة الواحدة، حتى أن البعض ربط الأجر الذي يتقاضاه بنوعية المعاملة، رغم أن المادة التاسعة من المرسوم التشريعي رقم /12/ لعام 2014 الخاص بتنظيم مهنة تعقيب المعاملات نصت على أن تحدد أجور المعاملات بقرار من وزير الصناعة بناء على اقتراح المكتب التنفيذي للاتحاد العام للحرفيين.
والمشكلة أن الإدارة الضريبية، ومنذ صدور قانون تنظيم مهنة تعقيب المعاملات في عام 2014، لم تلتفت إلى هذا المطرح الضريبي، وكل ما سمعناه لا يتجاوز حدود التفكير بتكليفهم، حتى وإن كانت هناك دراسات جدية بهذا الخصوص فلا تزال معالم وأسس التكليف ضبابية وغير واضحة، فالفقرة /أ/ من المادة الثانية في قانون الدخل رقم /24/ لعام 2003 أكدت صراحة أن الضريبة تتناول المكلفين الآتي بيانهم عن أرباحهم الناشئة عن ممارسة المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية وسائر الأعمال التجارية وإن كانت عارضة ومصادر الدخل الأخرى غير الخاضعة لضريبة دخل أخرى.
ومن جهة أخرى تؤكد معلومات حصلت عليها «تشرين» من بعض المعقبين أن الإدارة الضريبية ستقوم بتكليفهم على أعمالهم، ولكن حتى تاريخه لم يتم الاتفاق على أسس التكليف، فحجم أعمال كل معقب معاملات لا يمكن حصره، وتالياً لا يمكن إخضاعه وفقاً لنسبة محددة من مجمل نشاطه، لذلك فإن الاتجاه نحو التكليف من الممكن أن يستند إلى مبلغ مقطوع يفرض سنوياً على مكلفي مهنة تعقيب المعاملات، وفي المقابل فمن مجرد الرجوع إلى عدد المعقبين ومكاتب التعقيب المرخص لهم وفق المرسوم التشريعي رقم /12/ لعام 2014، ومقارنته بحجم الدخل الذي يجنيه المعقبون ندرك أن هناك مبالغ وأموالاً تذهب على خزينة الدولة، وإنه لابد من قرار يفي الخزينة حقوقها.
وإذا نظرنا إلى معقبي المعاملات المنتشرين في بعض المؤسسات العامة، وعلى سبيل المثال مديرية مالية دمشق، نكاد لا نفرق في معظم الأحيان بين الموظف والمعقب، فهناك معقبون مقيمون في بعض غرف المالية وكأنهم موظفون، مع العلم أن القانون يحظر على المعقب المكوث في غرف العاملين، وهنا لابد من الإشارة إلى أن مالية دمشق أصدرت مؤخراً العديد من التعاميم بخصوص عمل المعقبين، ومنها أنها حظرت دخولهم إلى دوائر وأقسام وشعب الأرشيف، ولكن تنظيم عملهم داخل المالية يحتاج إلى قرارات صارمة.
تشرين