يشكل العزوف عن الزواج ظاهرة اجتماعية واقتصادية خطيرة، لتنامي العنوسة ومشكلاتها، وتضاؤل الفئة الشابة المنتجة في المجتمع، وخصوصاً مع اختيار الشباب الهجرة كحل لأزماتهم المادية، في ظل غياب حلول أو سياسات حكومية تمكن الشباب من تكاليف وأسباب الزواج وتكوين أسر.
وبيَّنَ الأكاديمي الاقتصادي الدكتور إبراهيم قوشجي، أن الكثيرين يعتقدون عزوف الشباب عن الزواج ظاهرة اجتماعية سلبية، ولكن في الحقيقة إنها مشكلة اقتصادية كارثية، تبدأ من انخفاض النمو السكاني الذي ينعكس بعد عقود من الزمن بانخفاض القوى العاملة من جهة وانخفاض الطلب على السلع والخدمات من جهة أخرى، وتتحول الفئة العمرية في المجتمع من فئة فتية تستهلك وتنتج إلى فئة هرمة لا تستهلك، لذلك ينخفض الطلب على السلع والخدمات فيصاب الاقتصاد الوطني بالكسل والركود.
وأوضح أن الزواج يعني ارتفاع الطلب على السكن والأثاث المنزلي والكهربائيات ومستلزمات الأطفال والطبابة والغذاء وغير ذلك من متطلبات الحياة، وهذا يدفع عجلة الإنتاج إلى المزيد من النشاط والإنتاج، فالزواج يزيد من الإنفاق الاستهلاكي للسلع الاستهلاكية والمعمرة، ما يؤدي إلى زيادة الاستثمار فالإنتاج وارتفاع مستوى التوظيف.
ولفت إلى أن العزوف عن الزواج يؤثر سلبياً في الاقتصاد بتناقص اليد العاملة والفكر المبدع وكذلك المستهلك أيضاً، وهذا ما يبرر استقبال المهاجرين في الدول الأوروبية ضمن القارة العجوز.
وأشار قوشجي إلى أنه يمكن تفادي ترسيخ هذه الظاهرة من خلال إيجاد حلول مباشرة (علاج عاجل) ومنها حلول على المدى الطويل، فعلى المدى القصير ينبغي محاربة غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهظة والاكتفاء بالمعقول، فالمهور المرتفعة تشكل عبئاً كبيراً على الشباب وتؤدي إلى تأخير الزواج أو العزوف عنه.
وأضاف لصحيفة الوطن: ثمة حلول طبقت في بعض الدول وأدعو لتعميمها، مثل إنشاء صناديق الزواج، ومهمة هذه الصناديق دعم الشباب المقبلين على زواج مالياً، وكذلك إقامة حفلات الزواج الجماعي ما يخفض المصاريف على الشباب المقبل على الزواج، وترعاها جهات اقتصادية ومجتمعية، كما يجب العمل على زيادة الرواتب والأجور لأصحاب الأسر والمتزوجين، وتأمين استقرار وظيفي لهم.