كشف أحد تجار العقار أنه من البدهي أن يرتفع سعر العقارات بشكل عام والسبب بسيط وهو ارتفاع سعر المواد الأولية التي يحتاجها البناء، فإذا ما بدأنا بعملية حفر محضر عادي للبناء واستعرضنا تكاليفه نجد أنه ارتفع بحدود ثلاثة أضعاف، فقبل سنوات كان حفر المتر المكعب بحدود 200 ل س تقريباً، بينما اليوم يزيد السعر على الـ600 ل.س وعلى الأغلب سيرتفع السعر غداً.
أما بالنسبة للاسمنت والحديد الذي ترتكز عليه عملية البناء فقد كان سعر الطن (المرخص) من مؤسسة عمران يقدر بـ4500 ل.س، أما اليوم فقد بلغ سعره حوالي الـ7000 ل.س من المؤسسة ذاتها، ويختلف الأمر بالنسبة لسعر الطن الحر الذي كان بحدود الـ6200 ل.س واليوم وصل إلى 11.000 ل.س أما سعر قضبان الحديد التي سماكتها 6ملم كانت فقد كانت تقدر بـ5500 ل.س وأصبح متوسط سعرها حالياً حوالي 86.000 ل.س، أما قضبان الحديد ذات السماكة 12ملم فقد بلغ متوسط سعرها اليوم 88.000 ل.س بينما كانت من قبل 58.000 ل.س أما أسعار البلوك التي تراوحت أحجامها بين 10- 12- 15 سم فقد جاءت أسعارها على الشكل الآتي: تقدر البلوكة التي تبلغ سماكتها 10سم قبل الأزمة بـ14 ل.س وهي اليوم أصبحت وسطياً بـ19 ل.س والبلوكة ذات السماكة 15سم كانت سابقاً بـ16 ل.س وحالياً تقدر وسطياً بـ28 ل.س وإذا ما رغب تاجر البناء باستبدال البلوك بالهوردي فإنه سيجد نفسه أمام مأزق من نوع آخر، فالهوردي الذي كان بـ17 ل.س أصبح اليوم وسطياً بـ28 ل.س.
وإذا ما استعرضنا سعر الرمل والبحص وهما من المكونات الأساسية للبناء فقد كان سعر 10 م3 من الرمل أو البحص بـ4500 ل.س، أما اليوم فقد وصل وسطياً إلى 15.000 ل.س هذا ما يتعلق بالبناء المسمى (على العظم)، ولعل الطفرة الأكبر تأتي في عملية الإكساء.
نبدأ بالطينة التي تتفاوت أسعارها تبعاً لجودتها، فالطينة (الودع) التي تعد الأفضل يقدر المتر حالياً بين 110- 150 ل.س بعد أن كان المتر يقدر بـ90 ل.س على أحسن تقدير.
بالنسبة لملابن الرخام فقد كان سعر متر الرخام التركي قياس 3 نصف دمجة 900 ل.س، وأصبح اليوم يقدر وسطياً بـ1700 ل.س. أما ملبن الخشب نوع (سويد) فقد كان يقدر سابقاً بحدود 1700 ل.س، وأصبح اليوم بـ3000 ل.س وفقاً لأسعار السوق. وإذا ما استعرضنا منجور الألمنيوم من النوع الجيد وجدنا أن المتر الجاهز للتركيب منه كان بـ2300 ل.س وأصبح حالياً بـ3800 ل.س أما متر السيراميك للأرضيات ومن النوع الثالث كان بـ275 ل.س، واليوم يقدر سعره وسطياً بـ500 ل.س ولعل متر السيراميك للجدران ليس بأحسن حالاً من سابقها، فالمتر منه كان يقدر فيما مضى بـ300 ل.س ( النوع الأول ) وحالياً أصبح سعره يزيد على الـ600 ل.س، أما بلاط الأرضيات من النوع العادي فقد كان سعره حوالي 150 ل.س وأصبح اليوم يزيد على الـ400 ل.س.. هذا غيض من فيض.. فهناك متطلبات أساسية للبيوت، وعلى رأسها الماء والكهرباء وأسعارها حالياً لا نستطيع ملاحقتها.
وعندما نتحدث عن الإكساء فإن الأمر مختلف حسب إمكانات الكاسي وذوقه، فهناك أسعار قياسية، على سبيل المثال إكساء الحمام أصبح يفوق الربع مليون تقريباً والأسعار إلى ارتفاع أيضاً.
بعد أن استعرضنا وبحسب صحيفة " تشرين " بشكل سريع ما طرأ من ارتفاع مفاجئ على مواد البناء والإكساء من دون النظر إلى ثمن المتر الواحد من الأرض الذي يختلف من موقع إلى آخر، والذي ارتفع منذ سنوات بشكل جنوني، فإن ذلك يقودنا إلى استنتاج بدهي بأن أسعار العقارات سترتفع إلى الضعف تقريباً، ولكن قد يحدث العكس تماماً ويتجلى هذا العكس بالكساد الذي يمكن أن يطرأ على تجارة البناء لأن العرض لا يمكن أن يتوازى مع الطلب ومع إمكانات المشتري، ما سيقود وكما يحصل في كثير من البلدان إلى ازدياد العرض وقلة الطلب، وتالياً سيجبر تجار البناء على بيع عقاراتهم بحدود التكلفة، ولاسيما أن ما يجري في تجارة البناء تدخل فيه عوامل ابتزاز واستغلال لا نظير لها، فالشقة التي كانت تبيعها الدولة سابقاً بحدود المليوني ليرة سورية تقسيطاً باتت تباع بأكثر من 5 ملايين ليرة سورية، وهذا يعني بوضوح أن ثمة أموراً ابتزازية وفساداً بات منظوراً طرأ على تجارة العقار، وهذا يدل عليه تصاعد أثمان الشقق، فما مسوغ أن تباع شقة في تنظيم كفرسوسة مثلاً بأكثر من 100 مليون ليرة سورية، بينما تكلفتها لا تتجاوز عشر هذا المبلغ وربما أقل.
إن لعبة تجار البناء ومن يحميهم باتت مكشوفة، والزمن القريب سيكشف كل شيء ولعل المحنة التي يمر فيها بلدنا سيكون في بعض مفاصلها ظلال إيجابية عندما تعود الأوضاع إلى حالتها الطبيعية لأنها ستكشف كثيراً من الفساد والابتزاز الذي كنا نتعرض له، وستعري الكثير من السماسرة الذين كانوا لا يرون البلد سوى وجبة طعام يستمتعون بها هم وشركاؤهم.