في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن صدور عملة جديدة من فئة الألفي ليرة بات واضحاً ضرورة استبدال العملة الورقية التالفة حيث تشتكي الفعاليات المختلفة من صعوبة تصريفها أثناء تداولها ناهيك عن مظهرها غير الحضاري وتعدد طرائق ترميمها من اللصق وكتابة أحد الأرقام المفقودة على ورقة بيضاء والبحث في كيفية دمجها مع العملة؟! تلك إشكاليات كثيرة يعانيها المواطنون كل يوم دون وجود حلول بديلة، ويحاول هذا التحقيق التأسيس لإجابات تخص أكثر الأسئلة التصاقاً به من قبيل: لماذا لا يتم سحب الأوراق النقدية التالفة من السوق واستبدالها بعملة جديدة؟! وهل أن طرح كميات من العملة المستبدلة يؤثر على انخفاض قيمتها وزيادة التضخم؟! وما هي الإجراءات البديلة للحد من مشكلات العملة البالية ؟!.
العملة القديمة بضاعة فاسدة
ونظراً لعدم وجود فئات جديدة يطرحها البنك المركزي تضطر كافة الجهات إلى تقبلها مرغمة وتبدأ المعاناة في صعوبة تصريفها أو اللجوء إلى إصلاحها بشتى الطرق. إلا أن جزءاً من مواصفاتها لا يمكن إصلاحه جراء الاستعمال المتكرر وفقدان التماسك بين الأجزاء فتغدو متهالكة ومهترئة. أو تتعرض للقطع أو القص أو الحرق من زواياها فجميع الاحتمالات السالفة تجعل من العملة القديمة بضاعة فاسدة أو كاسدة يصعب تصريفها والتعامل معها لتبدأ معاناة الجهات المتعاملة في وسط أجواء مشحونة بالسجالات والامتعاضات الشديدة لكثرة تعقيدات التعاملات بالأوراق النقدية المقطعة والموصولة بعدة وصلات وكذلك ورقات العملة الممزقة والمغسولة والمنحوتة في الجيوب، وما يزيد الأمور سوءاً هو صعوبة عملية استبدال العملة الورقية المهترئة أو المشوهة فقد اتضح أن لدى المصرف المركزي أو فروعه بالمحافظات آليةً وشروطاً محددة يطبقها على الأوراق المراد استبدالها ما ينجم عنه قلة حالات استبدال العملة نظراً لوجود شروط صعبة يضعها المصرف ولا يتسنى معها للمراجع الحصول على العملة الجديدة بدلاً من المهترئة، وحسب إحصائيات تم نشرها مؤخراً بلغ عدد الأوراق النقدية المشوهة المستبدلة لدى المصرف المركزي نحو955 ورقة لمختلف الفئات النقدية.
كميات إضافية من فئة الألف ليرة
غالباً ما تبحث الجهات المالية والمصرفية في أي بلد كان عن أمتن أنواع الورق لطباعة نقودها وتسعى إلى تطوير نوعية ومتانة أوراقها النقدية المعدّة للتداول في الأسواق إصداراً بعد إصدار ومن المعروف أن الأصوات المنادية بسحب التوالف المالية من الأسواق بدأت بالارتفاع منذ أكثر من عامين وفي مقابل ذلك وعد المصرف المركزي بسحب التوالف واستبدالها أكثر من مرة دون أن يلمس الناس فعلاً حقيقياً من المصرف حيال الأمر سوى كميات من فئة الألف ليرة وكان طرحها الجديد يعود لأسباب مالية معينة منها النقص الحاصل في هذه الفئة وتعويضه للنقص بغية صرف رواتب الموظفين في الدولة، وسبق لوزير المالية أن أشار إلى مشكلات تسببها الأوراق النقدية التالفة لوزارته فيما يتعلق بصرافات المصارف الآلية وتزويدها بالنقود لدى صرف الرواتب.
الاستبدال لا يسبب التضخم
وهنا نستحضر أيضاً ما قاله أديب ميالة حاكم مصرف سورية المركزي بأن الأوراق النقدية الموجودة في التداول أصبحت شبه مهترئة ولا بد من استبدالها. مشيراً إلى أن استبدالها ليس له أثر على التضخم أو غلاء المعيشة، وأكد في الوقت نفسه أن ما أشاعته بعض وكالات الأنباء نقلاً عن مصرفيين سوريين مؤخراً حول قيام مصرف سورية المركزي بطباعة أوراق نقدية جديدة وطرح كميات تجريبية منها للتداول في دمشق وحلب عارٍ عن الصحة، وأضاف في هذا السياق أن آلية استبدال الأوراق التالفة بأوراق جديدة معمول بها لدى المصرف المركزي منذ تأسيسه كما تعمل بها كل المصارف المركزية في العالم لأن للأوراق النقدية عمراً زمنياً محدداً ينقضي بفعل اهترائها نتيجة للاستخدام حيث يتم استبدالها بأوراق نقدية جديدة.
شروط الاستبدال
الأوراق النقدية التي يتم تشويهها بكتابات أو أختام أو رسوم أو أي طريقة أخرى تعتبر بمنزلة الأوراق النقدية المشوهة عمداً وتسحب من التداول دون مقابل وينظم فيها ضبط أصولي كما يخضع من قام بالتشويه للعقوبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة، وتنتفي إمكانية تبديل الأوراق النقدية الجديدة إذا كانت مشوهة إلا إذا توافرت فيها الشروط الواردة في المادة 18 من قانون النقد والتسليف رقم 23 لعام 2002، ويسحب مصرف سورية المركزي من التداول الأوراق النقدية التي يرى أنها لم تعد تستوفي الشروط الفنية التي تجعلها صالحة للتداول ويمكن تبديل الأوراق النقدية المنقوصة أو المشوهة إذا توفرت فيها الشروط الثلاثة مجتمعة بأن تكون مساحة الورقة المقدمة للاستبدال تزيد عن 3 أخماس الورقة الأصلية وأن تتضمن الورقة التوقيعين المفروضين بموجب المادة 16 كاملين، وهما توقيعا وزير الاقتصاد وحاكم مصرف سورية المركزي، وأن تتضمن الورقة أحد الأرقام التسلسلية كاملة وفيما عدا الشروط المنصوص عليها تسحب الأوراق المنقوصة أو المشوهة.
سبب للتضخم
إذا قامت الدولة بطباعة نقود كثيرة يحدث التضخم بحيث يحدث عجز في الموازنة العامة ويكون عدد النقود كثير مقارنةً بالدخل الحقيقي للبلد أي السلع التي تنتجها الدولة، وبذلك تحدث أزمة اقتصادية هذا ما أكده جمال نزوان الخبير في قطاع المال والبورصات بقوله: “كل صك له مقابله ذهباً أو فضة في البنك المركزي للدولة المعينة فلا تستطيع أي دولة طباعة أوراق نقدية ما لم يكون لها مقابل من الذهب في خزينة البنك ولأن الورقة النقدية عبارة عن سند أو عقد أو إيصال فأي بنك يكتب تعهداً على نفسه بالدفع لحامل السند ومن الواجب لكي يحصل الأفراد على دخل كبير أن تقوم الدولة بالاكتفاء الذاتي أي تنتج سلعها بنفسها وتأتيها النقود وتزيد العمالة بالدولة لزيادة الإنتاج يمكن للأفراد عندها الحصول على دخل كبير”.