قال الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري عمار بكداش، إن السعي لرفع الدعم هو محاولة لعلاج العوارض لا المسببات، وهو علاج خاطئ، ففي الظروف التي تمر بها سورية ينبغي دعم الإنتاج على الرغم من كل الصعوبات، وهذا ليس مستحيلاً عبر دور كبير للدولة في الإنتاج والحياة الاقتصادية، وعبر الرقابة الشديدة على الإنتاج المخطط.
وأكد وفق صحيفة "الوطن" المحلية، أن إجراءات رفع الدعم الحكومي عن حوامل الطاقة سيكون لها منعكسات خطيرة في حال مضت الحكومة فيها.
وأشار إلى أن رفع أسعار المواد الأساسية هو أسهل الحلول الآنية أمام الحكومة، ولكنه أخطرها وأصعبها على المجتمع وعلى مستقبل البلاد، لأنه سيزيد التوتر الاجتماعي.
وأضاف بكداش: "للأسف بعض مسؤولينا الاقتصاديين ينظرون إلى وضع البلاد الحالي كمرحلة استراحة مؤقتة من "الليبرالية الاقتصادية"، سيستأنفون بعدها المضي بهذه السياسة الاقتصادية "المتوحشة" بعد انتهاء الأزمة، ما ينذر بأزمات جديدة قادمة اقتصادية واجتماعية وسياسية، لا بل إن بعض التوجهات للطاقم الاقتصادي الأسبق "طاقم الخطة الخمسية العاشرة"، لم يتجرأ على تنفيذ بعض التوجهات الاقتصادية أمام مقاومة القوى السياسية والاجتماعية، على حين يقوم الطاقم الحالي بتمريرها "كحل إسعافي بحجة الأزمة"، ويطبق بسرعة قياسية وبفجاجة إجراءات ليبرالية، لم يكن أحد يجرؤ على ذكرها، إلا أن هذا الحل الإسعافي هو علاج خاطئ يعني حقن المريض بمواد ستزيد من مرضه وقد تودي به".
واعتبر بكداش أن رفع الدعم وإعادة توزيع دفعات نقدية تعويضاً لشرائح معينة تحت شعار "إيصال الدعم لمستحقيه"، هي طريقة ستزيد التضخم ما سيخفض قيمة هذا الدعم، ما يعني عملية تضخمية لا فائدة منها، إضافة إلى فتح أبواب لأمور كثيرة أهمها الفساد والهدر، والمطلوب لإيصال الدعم إلى مستحقيه، توسيع نطاق "البونات" من الرز والسكر إلى المازوت وغيره من المواد، لأنها عملية أثبتت نجاعتها في بلدنا وفي بلدان كثيرة، وما من تضخم يذكر ينجم عنها، كما أن سياسة الدعم الشامل هي سياسة اجتماعية تؤدي وظائف محددة تتعلق بحقوق الكادحين، ولكن عند تحويله إلى دفعات نقدية يتحول الدعم من حقوق إلى صدقة، وهذا لا يناسب المجتمعات المعاصرة، وهو وصفة ابتدعتها الإمبريالية لدول أخرى لا لدولها.
وأضاف: "خلال مرحلة الخطة الخمسية العاشرة ونتيجة سياسة الطاقم الاقتصادي الأسبق، جرى تراجع كبير في دور الدولة التدخلي في مجال التجارة الداخلية، وتمت تصفية هذا الدور في التجارة الخارجية، ما أضعف قدرة الدولة في التدخل الإيجابي في السوق وفي وقف التدهور في المستوى المعيشي للجماهير، ولذلك فإن المطلوب اليوم هو دعم الإنتاج الوطني وحمايته وتلبية حاجات المنتج، وإعادة الحياة لدور الدولة في التجارتين الخارجية والداخلية بما يمنع الاحتكار ويلزم البرجوازية الطفيلية في القطاع الخاص بالتقيد بهامش ربح معقول أمام منافسة شركات الدولة، ويحرمها من اغتنام هبوب رياحها ويفوت عليها تطبيق مقولة "مصائب شعب عند قلة فوائد".
وأشار إلى أن الموارد التي تحتاجها الدولة اليوم ينبغي تحصيلها من خلال خطة طويلة الأمد تتضمن مكافحة الفساد والهدر، وتوسيع نطاق الضرائب من خلال مكافحة التهرب الضريبي عبر سياسة ضريبية صحيحة، تغلق منافذ الربح الطفيلي، وتقلص حجم اقتصاد الظل الذي لا يراه أحد اليوم بمن فيهم "الحكومة"، وتؤدي إلى ربط الأجور بالأسعار من مصادر فعلية لا وهمية، ولكن كل ذلك يحتاج إرادة سياسية، وللأسف هذه الإرادة غير متوافرة لدى مسؤولينا الاقتصاديين، الذين يسلكون كل الطرقات باستثناء الطريق المطلوب، فيلتفتون إلى جماهير الشعب بدلاً من المتطفلين على الاقتصاد الوطني الناهبين للدولة والشعب، وهذه الإرادة إن وجدت فمن شأنها وقف تدهور مستوى المعيشة حالياً، ورفعه مستقبلاً.
وكانت رئاسة "مجلس الوزراء" شكلت نهاية العام الماضي لجنة، مهمتها دراسة مقترح إعادة النظر بالدعم الذي تقدمه الدولة، وعقدت اللجنة عدة اجتماعات كان آخرها مطلع شهر نيسان الماضي، حيث خلصت إلى اعتماد ورقة عمل ضمن الدراسات والأعمال الأخرى التي تصب باتجاه إعادة النظر في مسألة الدعم، وتضمنت ورقة العمل رفع الدعم عن حوامل الطاقة، حيث يرتفع سعر الغاز المنزلي من 400 إلى 1200 ليرة، والمازوت من 35 إلى 75 ليرة، والكهرباء من ليرتين إلى 16 ليرة، والفيول من 13044 إلى 60 ألف ليرة، والبنزين من 65 إلى 100 ليرة، والسكر التمويني من 15 إلى 25 ليرة، والرز التمويني من 12 إلى 25 ليرة، بما يحقق وفراً إجمالياً قدره 914 ملياراً، يدفع منها 425 ملياراً للتعويض على الأسر "المستحقة للدعم"، فيتحقق وفر بـ490 مليار ليرة للخزينة.