أكدت مصادر أن عدداً من التجار متأهبون قبيل عيد الأضحى المبارك لرفع أسعارهم مرة ثانية كما حدث في العيد الماضي إمعاناً منهم بالضغط على المواطن وتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب احتياجاته.
ودللت المصادر بحسب صحيفة " الوطن " على ذلك بالقول: منذ أيام تم احتكار مجموعة من المواد وخاصة أثناء انخفاض أسعار الدولار، مؤكدة توقف بعض المستوردين وتجار الجملة وإحجامهم عن بيع موادهم وخاصة المتعلقة بالأعياد كالجوز والمواد الأولية المتعلقة بالحلويات من زيت وسمنة، إضافة إلى تجميد بيع الأقمشة ومستلزمات صناعة الألبسة، تمهيداً لرفع أسعارها أثناء الطلب الزائد على شراء المواد خلال هذه الفترة.
وقال الباحث الاقتصادي د. عمار يوسف " يتوقع خلال الأيام القليلة القادمة ارتفاعاً كبيراً للطلب على هذه المواد لتتجاوز نسبة 50%، ما يتخوف من لجوء التجار لاستغلال هذا الطلب ورفع الأسعار كما حدث في العيد الماضي إلى نسبة 20%.
وأشار يوسف لخصوصية هذا العيد من حيث اللحوم والأضاحي، متوقعاً ارتفاع أسعار اللحوم والذبائح بشكل خاص لما يزيد على 30% وخاصة قبل العيد بيومين في ظل عدم الاستيراد وتهريب الثروة الحيوانية إلى دول الجوار وانعدام الحركة ضمن القطر على صعيد وضع الطرقات.
ويتراوح سعر كيلو لحم العجل حسب المنطقة بين 1700-1900 ليرة، ويتوقع بلوغه عتبة 2300 ليرة، إلا إذا قامت الحكومة بضخ كميات من اللحوم عبر منافذ البيع الخاصة بها، حتى لو كانت مستوردة وهذا يعتبر بمنزلة التدخل الإيجابي من الحكومة في هذا الموضوع، دون أن ننكر صعوبة تحقيق ذلك باعتباره أمراً كان يجب أن تقوم به الحكومة قبل شهر من هذه الفترة بإجراء المناقصات الخارجية لشراء هذه المواد.
وأشار يوسف إلى ضرورة عودة الدولة لممارسة الدور الأبوي الذي كانت تقوم به وخاصة في فترة الثمانينيات من خلال قيامها بالاستيراد والتوزيع وبيع المفرق ضمن مؤسساتها الخاصة، عبر مؤسسات استهلاكية ضمن هذه التجربة وليس ضمن التجربة الحالية التي أثبتت فشلها الذريع، حيث كان سعر بيع المادة في تلك المنافذ في الفترة يقل عن مثيله في القطاع الخاص بما نسبته 20%، ما يضطر التاجر والمستورد لتخفيف أرباحه لتصل إلى حد يتناسب مع سعر المؤسسة. وتشديد الرقابة على الأسواق ومراقبة الجودة قبل السعر.
في سياقه، لم تعد أسعار الحلويات مقبولة في هذا الفترة ما أدى لإحجام عدد كبير من المواطنين عن شراء الحلويات الجاهزة والتوجه إلى صنع الحلويات المنزلية ذات النوعية الجيدة، والمضمونة، حيث أدى ذلك لكساد في محال بيع الحلويات.
ولفت يوسف إلى ضرورة تخفيض أسعار المواد الأولوية المتعلقة بصناعة الحلويات المنزلية مضيفاً إنه عند تعديل الكلف وتخفيض أسعار الحلويات في المحال فإن ذلك ينعكس على مستوى الجودة، حيث إن ربح التاجر أو المصّنع للحلويات يبقى نفسه لكن الجودة ستنخفض إلى الثلث.
وأشار إلى ضرورة سحب عينات عشوائية من الأسواق وفحصها، كما ينطبق ذلك على موضوع الألبسة، أما موضوع اللحوم ولخصوصية هذا العيد فلا يمكن التعامل معه بنفس الأسلوب، بيد أنه يمكن التخفيف من الكميات.
وقال المحلل الاقتصادي: إنه حتى الآن لم يصدر التعديل المطلوب لقانون حماية المستهلك وما زال التاجر من المستورد لباعة المفرق يستغلون المواطن عند شرائه لأي سلعة أساسية وكأن هناك اشتراكاً بين التموين والتجار بالضغط على الموطنين.
وأضاف: من المتفق عليه أننا بحالة أزمة وحرب وجميع دول العالم والمجتمعات الإنسانية في مثل هذه الحالات تلجأ إلى قوانين تتسم بالشدة والصرامة في محاسبة المسيء إلى الوضع الاقتصادي والنظام التسعيري الذي يمس الحاجات الأساسية للمواطنين.
واعتبر يوسف أنه على مدى سنتين ونصف السنة أثبتت وزارة التموين فشلها الذريع في إحداث أي تدخل إيجابي في السوق المحلية ومكافحة ارتفاع الأسعار وخاصة الحاجات الأساسية للمواطن.
وضرب يوسف مثالاً على ذلك بمادة الفروج والبيض واللحمة فهي من الحاجات الأساسية للمواطن، وبعد قيام وزارة التموين بعدة محاولات فاشلة للسيطرة على أسعار هذه المواد، فقد باءت بفشل ذريع، حيث إلى الآن أسعار تلك المواد مازالت بزيادة مستمرة، حيث لابد من اعتماد نظام تسعير يبدأ من المستورد أو المنتج إلى تاجر الجملة أو الموزع وحتى بائع المفرق أو البقالية، وهذا بكل أسف تم الفشل به لأسباب عدة منها الفساد المستشري ضمن الدوائر التموينية والذي يجعل مراقب التموين شريكاً مع بعض التجار في الضغط على المواطن.
وألمح يوسف لهزالة القوانين والعقوبات الوارد في قانون حماية المستهلك المعمول به حالياً وعدم قدرته على مواكبة مراحل الأزمة التي نمر بها وعدم اعتماده تفضيل مصلحة المواطن على التاجر، ووجود مجموعة ممن يسمّون تجار الأزمات الذين امتهنوا استغلال المواطن ومحاولة سلبه ما يستطيعون من ماله.
وعلى الرغم من انخفاض الدولار فإن المراقب العام للأسواق يجد أن الأسعار مازالت باتجاه الارتفاع، وهذا يدل على عدم ارتباط ارتفاع الأسعار بارتفاع الدولار، وإنما يدل على أزمة ضمير لدى بعض التجار.