كشف الخبير الاقتصادي " حامد سيف الدين" عن تفاصيل حساب معامل بيتا المتعلق بمخاطر الأسهم المتداولة في سوق دمشق للأوراق المالية.
مقدمة:
تُقسم أسواق الأوراق المالية Securities Markets إلى أسواق نقدية Money Markets وأسواق رأس المال Capital Markets، و تختلف الأسواق النقدية عن أسواق رأس المال بشكل رئيسي في آجال الأوراق المالية المستخدمة في كل منهما، فالأوراق المالية المستخدمة في سوق النقد تتميز بأجلها القصير "أقل من سنة"، بينما تتميز الأوراق المالية المستخدمة في سوق رأس المال بأجلها الأطول نسبياً "أكثر من سنة".
و يمكن تعريف سوق رأس المال على أنها:
المكان أو الطريقة التي يتم عن من خلالها خلق وتداول أصول مالية طويلة الأجل "كالأسهم والسندات".
حيث يمثل جانب العرض في هذه السوق الأموال الموظفة من قبل الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين لآجال طويلة، أما جانب الطلب في هذه السوق فيمثل الأشخاص الذين يبحثون عن مصادر أموال لاستخدامها في استثماراتهم طويلة الأجل.
و يمكننا أن نقول بأن سوق رأس المال هي المكان الذي يلتقي فيه العرض و الطلب على الأموال طويلة الأجل و تمثل مصدراً أساسياً لتمويل الاقتصاد الوطني، و يمكننا أن نميز بين نوعين رئيسيين لهذه السوق، و هي:
السوق الأولي:
و تسمى أيضاً بسوق الإصدارات، حيث تختص هذه السوق بالتعامل في الإصدارات الجديدة سواء لتمويل مشروعات جديدة أو للتوسع في مشاريع قائمة عن طريق زيادة رأسمال المال، و هذا يعني أن المؤسسات التي تحتاج إلى أموال يمكنها إصدار عدد من الأوراق المالية و طرحها للاكتتاب، فالسوق الأولي هو طريقة تهدف إلى تجميع المدخرات و تقديمها للمشروعات و ذلك من خلال إيجاد علاقة بين مقدمي الأموال "المكتتبين" وبين تلك المشروعات.
السوق الثانوي:
و يتم التعامل في هذه السوق بالأوراق المالية التي تم إصدارها و طرحها من قبل، و يطلق على هذه السوق اصطلاحاً اسم البورصة.
بمعنى أن كلاً من السوقين الأولي و الثانوي مرتبطين ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، فلا يمكن أن يكون هناك سوق للتداول دون أن يكون هناك بالأصل إصدارات لأوراق مالية بشكل واسع في السوق الأولي، و يتعزز وجود سوق الإصدار بوجود سوق ثانوية فعالة.
و تتضمن السوق الثانوية نوعان من الأسواق، هما:
الأسواق المنظمة: تتميز بوجود مكان محدد يلتقي فيه المتعاملون بالبيع أو الشراء (البورصات) ويدار هذا المكان بواسطة مجلس منتخب من أعضاء السوق. و يشترط التعامل في الأوراق المالية أن تكون تلك الأوراق مسجلة بتلك السوق.
الأسواق غير المنظمة: يستخدم هذا الاصطلاح على المعاملات التي تتم خارج السوق المنظم، حيث لا يوجد مكان محدد لإجراء التعامل. و يقوم بالتعامل ببيوت السمسرة من خلال شبكة كبيرة من الاتصالات السريعة التي تربط بين السماسرة و التجار و المستثمرين، و من خلال هذه الشبكة يمكن للمستثمر أن يختار أفضل الأسعار.
المخاطرة و معامل بيتا:
يمكننا القول بأن عدم التأكد المرتبط بالأحداث المستقبلية يمثل أساس أي مخاطرة استثمارية، حيث قام عدد كبير من علماء الاقتصاد و الرياضيات ببحث موضوع المخاطرة في الاستثمار في الأسهم لما له من أهمية كبيرة في الحياة الاقتصادية و حياة الأفراد كمستثمرين في هذا النوع من الأوراق المالية، و قد توصلوا في العقود الأخيرة من القرن الماضي إلى نماذج متعددة تساعد المستثمرين في سوق الأسهم على تحديد المخاطر التي تحملها أوراقهم المالية و لو بشكل تقريبي، بهدف اتخاذ القرارات الاستثمارية و المحافظة على أموالهم المستثمرة في هذه الأوراق المالية إلى جانب البحث عن أرباح محتملة قد تتحقق لهم من خلال الاستثمار في هذا النوع من الأوراق المالية، و من أهم الطرق التي سادت خلال السنوات الأخيرة في هذا المجال هي طريقة احتساب ما يُدعى بمعامل بيتا.
معامل بيتا نموذج يمكن من قياس مخاطر السهم، و هو يقيس مدى حساسية عائد السهم للتغيرات التي تطرأ على عائد السوق، و هو أحد مقاييس المخاطرة الأكثر شيوعاً في الاستخدام.
و المعامل هو عبارة عن رقم، و يُستدل من هذا الرقم على المخاطرة التي يحملها السهم من خلال مقارنته مع الواحد الصحيح و الذي يمثل مخاطر السوق حسب فرضيات النموذج.
فإذا كان الرقم الناتج عن حساب معامل بيتا للسهم أقل من الواحد الصحيح، فهذا يعني أن نسبة تذبذب عوائد السهم أقل من نسبة تذبذب عوائد السوق و بالتالي يمكننا عندها أن نقول بأن مخاطرة هذا السهم متدنية.
أما إذا كان الرقم الناتج عن حساب معامل بيتا للسهم أكبر من الواحد الصحيح، فهذا يعني أن تذبذب عوائد هذا السهم أكبر من تذبذب عوائد السوق و بالتالي فإن مخاطرته أعلى من مخاطرة السوق.
و إذا كان الرقم الناتج عن حساب معامل بيتا للسهم يساوي الواحد الصحيح، بمعنى أن تذبذب عوائد السهم تساوي تذبذب عوائد السوق فإن مخاطرة هذا السهم تعادل مخاطرة السوق و هي الحالة المثالية.
و من مزايا استعمال معامل بيتا أنه يقيس بشكل مباشر مخاطر الورقة المالية بالإضافة إلى أنه سهل الفهم، كما و يستخدم في قياس تكلفة الملكية و عند تشكيل نموذج CAPM .
و من مساوئ استخدام معامل بيتا أنه يخسر الكثير من أهميته في مجال التحليل الأساسي عند اتخاذ القرارات الاستثمارية، كما أنه لا يمكن الاعتماد عليه عند قياس مخاطرة الأسهم المدرجة حديثاً و يحتاج لسلسة زمنية من التداولات لاحتسابه، كما أنه من المآخذ الكبيرة على معامل بيتا أنه يتغير مع مرور الزمن بالارتفاع أو الانخفاض و ذلك بسبب التغير في أسعار السهم بشكل دائم، و بالتالي يتحرك المعامل و يتغير مع مرور الزمن.
ووفقاً لهذا النموذج فالمخاطرة الكلية المرتبطة بالاستثمار تتكون من عنصرين:
المخاطرة المنتظمة أو المخاطرة غير القابلة للتنويع:
و هي الجزء من المخاطرة الكلية للورقة المالية و التي تنشئ من العناصر التي تؤثر على السوق ككل، وبالتالي لا يمكن التخلص من هذه المخاطر من خلال التنويع لأنه يؤثر على كل الشركات المتواجدة في السوق و بدرجات متفاوتة. و من بين هذه العناصر هناك التضخم و أسعار الفائدة و السياسات المالية و النقدية و يمكننا أن نقول بأن التغيرات التي تطرأ على البيئة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و تؤثر على أسواق الأوراق المالية كمصادر للمخاطرة المنتظمة.
المخاطرة غير المنتظمة أو المخاطرة القابلة للتنويع:
و هي ذلك الجزء من المخاطرة الكلية للورقة المالية معينة (أو منشأة أو صناعة ما)، و الذي ينشئ من عناصر خاصة بالشركة نفسها، و بالتالي يساعد التنويع في هذه الحالة من التخفيض من حدة هذا النوع من المخاطر لدرجة معقولة لأن أي تأثيرات سلبية على شركة قد تقابلها تأثيرات إيجابية على شركة أخرى.
و يمكننا أن نقول أيضاً بأن المخاطر غير النظامية هي التي تبقى بعد طرح المخاطر النظامية من إجمالي المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها السهم في السوق و هذا النوع من المخاطر ينتج عن أحداث معينة قد يؤثر على عوائد سهم محدد و يستطيع المستثمر حماية نفسه من هذه المخاطر عن طريق تنويع استثماراته.
و هنا تظهر أهمية ما يسمى بالشفافية و الإفصاح و الكفاءة في أسواق المال، حيث تعمل هذه العناصر على توفير المعلومات اللازمة و الكافية نوعاً ما للمستثمرين حول الورقة المالية و المخاطر المحتمل أن تصيب ورقة ما أو قطاع أو السوق ككل.
فالشفافية هي إعلان المعلومات التي تتعلق بتداول الأوراق المالية و خاصة أوامر البيع و الشراء بغرض إيجاد تفاعل بين قوى العرض والطلب، و إعلان المعلومات المتعلقة بالصفقات التي تبرم فعلا من حيث أحجامها و الأسعار التي تبرم بها حتى يعرف المتعاملون اتجاهات السوق، أما الإفصاح فهو إعلان كل المعلومات الهامة عن شركات المساهمة العامة التي تساعد المستثمر على اتخاذ قرارات بيع أو شراء ورقة مالية معينة وتقدير السعر المناسب و تمكن المستثمر في شركة معينة من الحكم على مدى الجدارة والنزاهة التي تُدار بها الشركة التي يستثمر فيها ، و يكمننا اعتبار الإفصاح العمود الفقري لسوق الأوراق المالية المنظمة و ركناً أساسياً من أركان قيامها و أساساً لاستمرار نجاحها و تطورها، و حسب مفهوم الكفاءة فإنه يُتوقع أن تستجيب أسعار الأسهم في سوق الأوراق المالية و بسرعة، لكل معلومة جديدة ترد إلى المتعاملين فيه يكون من شأنها تغيير رأيهم بالمنشأة المصدرة للسهم، حيث تتجه أسعار الأسهم صعوداً أو هبوطاً و ذلك تبعاً لطبيعة الأنباء إذا كانت سارةً أو غير سارةً.
وفي السوق الكفء (Efficient Market)، يعكس سعر سهم المنشأة المعلومات المتاحة عنها سواء كانت تلك المعلومات على شكل: قوائم مالية، معلومات تبثها وسائل الإعلام، السجل التاريخي لسعر السهم، أو تحليلات و تقارير حول الحالة الاقتصادية العامة على أداء المنشأة، كما و يعكس سعر السهم في ظل السوق الكفء توقعات المستثمرين بشأن المكاسب المستقبلية وبشأن المخاطر التي تتعرض لها هذه المكاسب.
و لكن رغم توافر المعلومات لجميع المتعاملين في السوق، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تطابق تقديراتهم المستقبلية و المخاطر المحيطة بها تماماً.
معامل بيتا في سوق دمشق للأوراق المالية:
كما هو معروف، فقد تم البدء بالتداول في سوق دمشق للأوراق المالية في آذار من العام 2009.
و قد بدأت التداولات على أسهم عدد محدود من الشركات و بأحجام تداولات صغيرة، و من ثم زاد عدد الشركات المدرجة في السوق و ارتفعت أحجام التداول و نشط السوق بشكل كبير و بسرعة خيالية.
و مع بدأ نشاط السوق، قامت إدارته بوضع مؤشر للاستدلال على وضع السوق بشكل عام من ناحية الصعود أو الهبوط كغيره من أسواق المال في كل دول العالم، و قد تم بدء العمل به مع بداية العام 2010 و تم احتسابه ليكون بقيمة /1000/ نقطة في ذلك التاريخ، و من الجدير بالذكر بأن وجود مؤشر يُعتبر أمر أساسي لاحتساب قيمة معامل بيتا للأسهم المدرجة.
و إلى جانب المؤشر، و لاحتساب قيمة معامل بيتا لكل سهم مُدرج فإننا نحتاج وجود سلسلة زمنية لا بأس بها من حيث المدى لتداولات هذه الأسهم، إلا أن حداثة عمر السوق و التأخر في إصدار مؤشر جعل هذه السلسة زمنية قصيرة بعض الشيء، حيث أننا سوف نبدأ السلسة الزمنية المدروسة مع بداية العام 2012، إلى جانب وجود بعض الشركات التي أدرجت أسهمها في أوقات لاحقة نتيجة التأخر في تحقيق شروط الإدارج في السوق الأمر الذي يجعل السلسلة الزمنية لهذه الشركات أقصر من غيرها و لا يساعد بشكل كبير في رسم صورة حقيقية لواقع أدائها، و للتخفيف من هذه المشكلة فإننا سوف نعتمد الفترات الربعية للتداول و ذلك لزيادة عدد الفترات المدروسة.
كما أننا سوف نعتمد التغير في قيمة مؤشر السوق خلال الفترات الربعية المدروسة لاحتساب التغيرات اللازمة لحساب معامل بيتا، بالإضافة إلى التغير في السعر السوق للأسهم المدرجة لاحتساب التذبذبات في العوائد اللازمة لحساب معامل بيتا.
لذلك و في النهاية سوف نعتمد في احتسابنا لمعامل بيتا على سلسلة زمنية تبدأ مع بداية العام 2010 و تنتهي مع نهاية الربع الأول من العام 2013، على أن نعتمد على الفترات الربعية (31/03-30/06-30/09) و النهائية (31/12) لأسعار إغلاق الأسهم المُدرجة و قيم المؤشر.
وعلى اعتبار أن معامل بيتا يُحسب كما في المعادلة التالية:
التغاير المشترك بين السهم و المؤشر
تباين قيم المؤشر
فإننا نحتاج لاحتساب التغاير المشترك بين السهم و المؤشر من خلال المعادلة التالية:
التغاير المشترك بين السهم و مؤشر السوق= {1/(n-1)}* مجموع {(عائد السهم-متوسط عائد السهم)*( عائد السوق-متوسط عائد السوق)}
إلى جانب التباين لقيم المؤشر، و الذي يتم احتسابه وفقاً للمعادلة التالية:
التباين= {1/(n-1)}* مجموع {(قيم المتغير المدروس- الوسط الحسابي لقيم المتغير)2}
مع ملاحظة أن n تمثل حجم العينة.
وبعد احتساب قيم معامل بيتا للشركات المدرجة، يجب مقارنتها مع الواحد الصحيح حسب ما ذكر أعلاه، وذلك لمعرفة مخاطرة كل سهم مدرج على حدى، حيث يُفسر معامل بيتا للسهم أو لمحفظة بمقارنته مع معامل بيتا لمحفظة السوق و الذي يساوي الواحد الصحيح.
-في حال كان (Beta>1)، فمخاطرة السهم أكبر من مخاطرة السوق.
-في حال كان (Beta=1)، فمخاطرة السهم تساوي من مخاطرة السوق.
-في حال كان (0<Beta<1)، فمخاطرة السهم أقل من مخاطرة السوق.
-في حال كان (Beta=0)، فالسهم غير مرتبط بمخاطرة السوق.
-في حال كان (Beta<0)، فمخاطرة السهم معاكسة لمخاطرة السوق.
و في الجزء الثاني من هذه المقالة سيتم نشر لقيم بيتا المحسوبة في سوق دمشق للأوراق المالية و تحليل نتائجها.
المصدر: الخبير الاقتصادي "حامد سيف الدين " موقع "الاقتصادي"