لقد بات من المعلوم أن هيئة الاستثمار السورية تواجه جملة من التحديات تشكل عائقاً في توفير مناخ استثماري جاذب تتمثل في تعدد المرجعيات والتشريعات الناظمة للاستثمار بكل أشكاله وأنواعه وضعف التنسيق فيما بينها وعدم التكامل المعلوماتي مع الجهات العامة المعنية بالاستثمار، إضافة إلى تلكؤ بعض الجهات العامة بمنح الموافقات والتراخيص المطلوبة للإقلاع بالمشروعات الاستثمارية وعدم التزام بعض الوزارات بالإجابة عن مراسلات واستفسارات الهيئة بموجب شكاوى المستثمرين، وغياب الاستراتيجيات الواضحة للترويج الاستثماري باستثناء المشاركات غير المدروسة وغير المنظمة في المنتديات والمؤتمرات الخاصة بالترويج، في حين يتم صرف الاعتمادات المخصصة للترويج بشكل غير ممنهج ،وفي كثير من الأحيان من دون تحقيق الغاية المرجوة، وأيضاً عدم تزويد ممثلي الوزارات لدى الهيئة بالصلاحيات والتفويضات اللازمة، وهذا كله يضاف للعدوان الغاشم الذي تشنه مجموعة دول الاستعمار القديم (دول الشمال الاقتصادي) عبر أدوات متعددة أدت إلى محاولة تدمير البيئة الاستثمارية خلال الأزمة، وأعمال السرقة والحرق والتخريب الممنهج للمشروعات الاستثمارية في الداخل إضافة إلى الحصار الاقتصادي الجائر.. كل ذلك أدى إلى توقف العديد من المنشآت والمشروعات الاستثمارية.
تشريع أكثر اتساعاً
مدير الدراسات في هيئة الاستثمار- عصام فضة أوضح في تصريح خاص لتشرين: إن الهيئة تعمل ضمن متابعة برامجها وخططها الربعية والسنوية على إعادة صياغة وترتيب البيت الداخلي للاستثمار.. إذ وجدت من الضرورة الاستجابة لمتطلبات المرحلة القادمة لتهيئة مناخ استثماري أكثر جذباً من خلال إيجاد تشريع يستجيب لمتطلبات المرحلة القادمة ويكون أكثر اتساعاً وأكثر استجابة لعملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية وداعماً للعملية الاستثمارية في آن معاً، لذلك أعدت مشروع تشريع جديداً يختص بتشجيع الاستثمار ليكون محل التشريع السابق المتمثل بالمرسوم رقم (8) لعام 2007 الخاص بتشجيع الاستثمار ليحمل المشروع الجديد في طياته المزيد من المزايا والإعفاءات ويكون أكثر ربطاً واستجابة لعملية التنمية وأكثر دفعاً للعملية الاستثمارية ومنح مجموعة من الإعفاءات الضريبية بشكل مرتبط بالمنطقة التنموية وفق الإطار الإقليمي والخريطة الإقليمية التي قسمت المناطق في سورية إلى (5) مناطق تنموية (أ-ب-ج-د-هـ) ولكل منها ميزات وإعفاءات خاصة ولكن هذه المناطق الخمس أخذت في الحسبان الحالة التنموية لكل ناحية على مساحة القطر، وحاجاتها التنموية وتالياً قد نجد في محافظة واحدة العديد من النواحي وربما كل منها يتبع لمنطقة تنموية خاصة وتحدد هذه المنطقة وفق متطلبات التنمية ومؤشرات محددة، تحدد بقرار من رئاسة مجلس الوزراء بناء على اقتراح مجلس الإدارة بعد التنسيق مع هيئة التخطيط الإقليمي ويكون هذا القرار قابلاً للتعديل بطريقة مرنة وسهلة كلما دعت الحاجة لذلك.
جملة من الإعفاءات
كما بين فضة أن التعديل تضمن إعفاء المشاريع الاستثمارية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، ومشاريع الصناعات الزراعية التي تدخل في صناعتها مواد أولية أساسية ذات منشأ محلي والمحدثة وفق أحكام هذا القانون من الضرائب المفروضة على الأرباح الحقيقية ومدة عشر سنوات، وتحدد هذه المشاريع من مجلس الإدارة بالتنسيق مع الوزارات والجهات العامة المعنية، وتستفيد مشاريع النقل من الإعفاءات الممنوحة للمنطقة التنموية /أ/.
كما تستفيد مشاريع الاتصالات والبرمجيات والتقانة من الإعفاءات الممنوحة للمنطقة التنموية /جـ/ وتستثنى من الحد الأدنى الوارد في الفقرة (ب) من المادة (2) لهذا القانون، وأيضاً تستفيد مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة والمشاريع البيئية ومشاريع إعادة تدوير النفايات من الإعفاءات الممنوحة للمنطقة التنموية /هـ/، وأن فترة الإعفاء والحسم الضريبي المنصوص عليها في الفقرات السابقة من هذه المادة تبدأ اعتباراً من تاريخ نهاية فترة التأسيس أو من تاريخ بدء تقديم الخدمات أو الإنتاج الفعلي تبعاً لطبيعة المشروع أيهما أسبق.
فترات إضافية
وأوضح فضة أنه وبقرار من مجلس الإدارة تضاف فترة إضافية إلى فترات الحسم الضريبي المنصوص عليها في الفقرة (أ) وفق الجدول السابق وبنسبة حسم 50% مدة سنتين في حال تجاوزت حصيلة صادرات المشروع المحول قيمتها فعلاً إلى سورية وفق أنظمة القطع النافذة نسبة (50%) من قيمة الطاقة الإنتاجية للمشروع خلال خمس سنوات متتالية، أو إذا استخدم المشروع نسبة لا تقل عن (50%) من الموجودات أو المواد المنتجة محلياً، أو قام المشروع باستخدام /75/ عاملاً فأكثر مسجلين أصولاً في التأمينات الاجتماعية، أو إذا اعتمد المشروع على التغذية الذاتية بالطاقة الكهربائية، أو اعتمد المشروع على رأس مال خارجي بنسبة 100%، إضافة لمشاريع إنتاج وسائل الإنتاج.
المشاريع المتضررة
كما أفاد فضة أن المشاريع الاستثمارية وغيرها التي يثبت أنها تضررت منشآتها بشكل كامل نتيجة الأحداث التي مرت فيها سورية بعد النصف الثاني من العام 2011 والتي ستتم إعادتها تستفيد من الاعفاءات الممنوحة للمنطقة التنموية /هـ/.
أما التي تضررت بشكل جزئي فتستفيد من الإعفاءات الممنوحة للمنطقة التنموية /د/. كما تستفيد جميعها من الإعفاءات الجمركية والرسوم البلدية وغيرها الممنوحة للمشروعات بموجب أحكام هذا القانون وذلك بموافقة المجلس الأعلى بناء على اقتراح مجلس الإدارة.
ميزات استثنائية
وأكد فضة أن الهيئة لم تقف منذ اليوم الأول للأزمة وحتى الآن عن متابعة أعمالها ونشاطاتها، وإنما تضررت وتضرر المناخ الاستثماري وانخفضت الاستثمارات بفعل تضرر هذا المناخ، وهذا شيء طبيعي ولكن الاستثنائي أن تبقى سورية تستقبل طلبات الاستثمار رغم العدوان العالمي والغاشم عليها ورغم حجم التخريب والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة والبنى التحتية والكثير من مقدرات الدولة، وكل هذا يدل على وجود ميزات استثنائية لمناخ سورية الاستثماري.
وفي الخلاصة نرى أنه لا بد من الوصول إلى مشروع قانون ناظم للاستثمار يراعي التطورات وتحديات المرحلة الحالية ويعمل على تشجيع المناطق التنموية والقطاعات الاستثمارية ذات الميزة النسبية، ومراجعة تعليمات الاستثمار والأنظمة وتحديثها بما يتناسب مع مشروع القانون الجديد، وزيادة شموليته لقطاعات أخرى ليكون دعامة إضافية لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويسهم في خلق مناخ استثماري عصري وأكثر جذباً للاستثمارات.