تعتبر بريطانيا الدولة الأكثر اعتماداً على واردات الغاز مقارنة بأي بلد آخر في الاتحاد الأوروبي، فالإنتاج المحلي آخذ في الانخفاض، حيث أن سياسات مارجريت تاتشر_رئيسة الوزراء 1979، 1990_ أضاعت ثروتهم في حفلة من التخفيضات الضريبية والإنفاق الحكومي.
استخدامت تاتشر عائدات النفط في بحر الشمال لتمويل التخفيضات الضريبية على المدى القصير والإنفاق الحكومي والذي أسهم بلا شك في شعبيتها، وقد قال توني بلير في 1987: "تزامَنَ وصولها إلى رئاسة الوزراء مع نفط بحر الشمال". وأضاف: "أهمية هذه النعمة المفاجئة للبقاء السياسي للحكومة لا تحصى".، ومع ذلك تبين على الأمد الطويل أن هذا القرار كان قصير النظر بصورة مأساوية في الوقت الذي قرر النرويجيون عام 1990 توفير إيرادات استثنائية مستمدة من عائدات النفط في بحر الشمال حيث وجههوا أرباحهم إلى صندوق الثروة السيادية الذي يستثمر في الخارج. وكل عام يُسمح للحكومة بسحب ما يصل إلى 4 في المائة من قيمة الصندوق لميزانيتها الحالية، وتستثمر البقية للمستقبل. وعند المقارنة بين ثروات البلدين سيكون من الواضح أن الطريقة البريطانية كانت هدراً مأساوياً.
خلال هذا الأسبوع أعلن ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء ـ وهو نفسه بلغ رشده في بريطانيا تاتشر ـ أن حكومته ستفعل كل ما بوسعها من أجل الغاز الصخري والتي ستكون هبة متواضعة، مقارنة بتلك الآتية من نفط بحر الشمال. ومع ذلك، إذا نجحت الحكومة في فتح الكنز الذهبي، فإن البلاد لديها فرصة أخرى للتخفيف من حدة المشكلات الاقتصادية.
وعلى بريطانيا اتباع النموذج النرويجي في حال تحقق آمالها غير المتوقعة في الغاز الصخري والتي من شأنها أن تجعلها أقل اعتماداً على الموردين الأجانب المتقلبين، ومن شأن ذلك أيضا أن يوجد فرص عمل ومصدراً مرحباً به من العائدات – وهي آمال أثيرت بسبب طفرة الإنتاج الصخري الأمريكي، حيث زاد إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي بمقدار الربع في غضون عقد من الزمن. وتوقعت شركة بريتيش بتروليوم الأسبوع الماضي أن تكون الولايات المتحدة التي هي أكبر مستهلك للنفط في العالم مكتفية ذاتياً وبشكل كلي في مجال الطاقة بحلول عام 2035، وستصبح مصدِّراً صافياً للغاز في غضون أربع سنوات.
مع ذلك، هناك عقبات كبيرة تواجه أي محاولة لاستنساخ طفرة الغاز الصخري الأمريكي في الجزر البريطانية الصغيرة والمكتظة بالسكان، ولا يمكن أن يقتصر إنتاج النفط البري على المناطق النائية التي تعتبر أبعد من مدى الرؤية. ويشعر كثير من البريطانيين بالقلق حيال خطر إحداث أضرار دائمة في البيئة الطبيعية.
وهناك مخاوف جادة بشأن عمليات التكسير، وهي عمليات يتم فيها كسر الصخور الزيتية لإطلاق الغاز، أحد هذه المخاوف يتعلق بحقن السوائل في باطن الأرض تحت ضغط عال يمكن أن يؤدي إلى الإخلال بتوازن القوى القريبة من خطوط الصدع الأرضية، ما يسبب الزلازل. والخوف الآخر يتعلق بإمكانية أن تلوث المواد الكيماوية المستخدمة في عملية التكسير المياه الجوفية.