بينت مصادرمطلعة في وزارة الإسكان، أن تحليل واقع القطاع السكني في سوريا أظهر وجود تأخر في إنجاز المخططات التنظيمية العامة والتفصيلية لمناطق التوسع العمراني، وبالتالي عدم تأمين الحاجة الحقيقية من الأراضي المعدّة للبناء، وتعثر خطط ومشاريع الإسكان (العام والتعاوني) لأسباب موضوعية، أهمها عدم تأمين الأراضي اللازمة لها، وأسباب ذاتية تتعلق بإدارات هذين القطاعين، إضافة إلى عدم إتاحة الفرصة للقطاع الخاص المنظم للمشاركة بتنفيذ السياسات الإسكانية المقررة للدولة، بسبب قصور أو غياب التشريعات التي تضمن قدرته على تنفيذ هذا الدور، إلى جانب النتائج السلبية لقانون الإيجار السابق الذي كرّس علاقة غير متوازنة بين المؤجر والمستأجر، أدّت إلى غياب شبه كامل لصيغة الحيازة بالإيجار عن سوق الإسكان في سورية، وبقاء ما يقارب نصف مليون وحدة سكنية شاغرة، تشكل نحو ١٥% من المخزون الإسكاني التراكمي في سورية.
وأوضحت المصادر، أن أسباب انخفاض قدرة الطلب على السكن النظامي، بالتوازي مع ازدياد معدلات الاحتياج السكني تعود إلى ضعف القدرة على الحيازة (شراء، إيجار) نتيجة انخفاض مستوى الدخل مقارنة مع أسعار العقارات، وضعف ومحدودية مصادر التمويل والإقراض العقاري، ما أدّى بالتالي إلى توجه شريحة كبيرة من المحتاجين إلى السكن -تحت ضغط الحاجة وعدم توفر البديل النظامي- إلى الاعتداء على الأراضي الزراعية أو المحمية لبناء مساكن لا تخضع لأي نوع من المعايير الفنية أو الصحية أو البيئية، فتشكلت مناطق المخالفات الجماعية والسكن العشوائي على حساب هذه الأراضي، وأصبحت أمراً واقعاً.
وأضافت المصادر،وفقاً لجريدة البعث، أنه لدى الحديث عن السكن العشوائي لابد من التمييز بين نوعين: الأول السكن العشوائي أو الفوضوي أو التلقائي، ويشمل المساكن التي تبنى خلافاً لقوانين التنظيم العمرانية والصحة والسلامة العامة، وهي تشكل خطراً على سكانها وعلى المجتمع، أو تضرّ بالمصلحة العامة في مستوى مبانيها أو كثافتها، أو لظروف التجهيزات الموجودة بها وغيرها من المعايير الصحية والفنية المناسبة للسكن السليم، أما النوع الثاني فيتمثل بأحياء الصفيح أو "العشش" أو الأكواخ أي ما يسمى "السكن المشوّه"، وضمن هذا المفهوم فإن مناطق السكن العشوائي في سورية هي من النوع الأول بشكل عام ولا وجود يذكر للنوع الثاني بشكل مستقل مع إمكانية وجوده كامتداد ثانوي لبعض المساكن العشوائية.
وأشارت المصادر، إلى أنه على الرغم من الإجراءات والمعالجات الحكومية في هذا المجال كإصدار تشريع خاص يتشدد بمنع المخالفات، وقيام وزارة الإدارة المحلية بإنجاز العديد من المخططات التنظيمية العامة لمناطق التوسع العمراني في العديد من المدن ولحظ العديد من مناطق السكن العشوائي ضمن هذه التوسعات، وزيادة المعروض من المساكن لذوي الدخل المحدود وتقسيط أثمانها بشروط ميسرة كإجراء وقائي، للحد من توسع السكن العشوائي، يقدّم البديل المنظم والصحي والاقتصادي ويستهدف الشرائح الأكثر احتياجاً، إلا أنه نتيجة التراكمات الكبيرة للخلل في واقع الإسكان وتشتّت مرجعيات هذا القطاع، وبالتالي عدم وجود رؤية موحدة للحلول، وتنازع الصلاحيات بين الجهات الحكومية المعنية، بقيت انعكاسات هذا الحراك على واقع السكن العشوائي والمخالفات دون أثر يذكر، باستثناء بعض المعالجات المحدودة من بعض مجالس المدن والمؤسسة العامة للإسكان.