أوضح "الباحث الاقتصادي الدكتور قيس خضر " إن توجيه الحكومة بإعداد موازنة العام المقبل 2015 يبث الأمل والطمأنينة على بدء الحكومة بالعمل على الأجلين المتوسط أو الطويل، وهذا يشعر بنوع من الارتياح عند مخطط الموازنة لأن الموازنة هي عبارة عن خطة مالية وليست قطع حسابات.
وأضاف: هذا يعني أن المخطط الاقتصادي بدأ باستشراف الاقتصاد السوري ولمح ما سيحدث بعد 6 أشهر الأمر الذي يشي ببدء زوال بعض الضبابية عن الاقتصاد السوري، ولدى صانع القرار في المالية القدرة على التنبؤ بمجريات الأحداث واستقراء إيراداته ونفقاته خلافاً لما شهدناه خلال السنوات الثلاث السابقة، دون الاعتماد على قرارات اللحظة الأخيرة من فعل وردة الفعل وإنما على المديين المتوسط والطويل الأجل.
وفي جانب اقتصادي آخر قال الخضر: رغم التقدير الكبير لجهود أصحاب القرار الاقتصادي، فإنهم لم يستطيعوا لجم ابتعاد كتلة الأجور عن كتلة السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها بهذه الأجور والرواتب، وما يشاع من تبريرات عن عدم القدرة على ضبط السوق دون إغفال ذكر العقوبات الخارجية وأسعار الصرف، يمكن هنا القول إن المواطن السوري قادر على تحمل هذا الجانب الموضوعي من الأزمة التي يعيشها.
وأكد خضر أن هذا الواقع يشي بتخبط «مطبخ صناعة القرار الاقتصادي السوري»، والذي يمكن وصفه بالمطبخ اليدوي، غير القادر على إنتاج مائدة اقتصادية تقدم للمواطنين، منوهاً بأن جودة المطبخ الاقتصادي لم ترق إلى مستوى الجودة الكبرى في صناعة القرارين السياسي والعسكري.
وقال: المصرف المركزي لديه وجهة نظر يدافع عنها، وكذلك المالية أو التجارة الداخلية والتجارة الخارجية ولكل منهما وجهتها، الأمر الذي انعكس على وضع الاقتصاد السوري عندما انعكس تراجعاً في القدرة على ضبط السوق السورية حتى بات الكثير من المراقبين والمواطنين مقتنعين بأن ما يجري الآن هو أفضل الممكن، وهذا يعتبر من أشد أنواع المخاطر التي صاحبت الأزمة السورية، ونرفض الموافقة عليه.
ولفت إلى مسألة حشر بعض غير المختصين في الاقتصاد السوري، «ولا نخفي أن مطبخ صناعة القرار الاقتصادي السوري تم إهماله أيضاً عبر عدم وجود منصب لنائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية».
وعزا خضر ابتعاد قبضة القطاع العام والسلطة الاقتصادية الحكومية عن السوق السورية لصالح القطاع الخاص «وهذا أمر لا مبرر له على الإطلاق، وإن كانت تشاركية فإنه من الواجب أن تكون لمصلحة المواطن السوري لا لمصلحة أمراء السوق».
وتحت عنوان انعكاسات أسعار الصرف وتقلبات السياسة النقدية على الوضع الداخلي، أوضح الباحث خضر أنها أيضاً هوة حقيقية يمكن أن تنقل من إطار مؤسساتي إلى إطار واقعي، وهناك التباين الواسع بين وزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية من جهة والتجارة الداخلية من جهة أخرى، أي في كيفية إيجاد توليفة وتركيبة متماثلة بين الداخل السوري وبين المحيط الخارجي لسورية وهو المحيط الإقليمي والدولي، حيث لم يكن هناك تعاون أو تعاضد في نقل الأسعار العالمية بشفافية وبأمانة عبر قناة سعر الصرف القائمة على ارتفاعها لتنعكس حقيقة على سعر الصرف الداخلي ولاحقاً على أسعار السلع والخدمات.
وأكد خضر في هذا الجانب أن مسألة التسعير بقيت خارجة عن إطار الإدارة الحقيقية، «ووزارة الاقتصاد لم تقم بواجبها، فهي المسؤولة عن رصد الأسعار في الخارج وما تمر به ومن ثم تعطي الإشارة إلى التجارة الداخلية لتقوم بفرض الحق والواجب بما لا يظلم المواطن أو التاجر على حد سواء».