يبدو أن مشروع الفوترة عاد إلى نقاشات بعض الدوائر المالية مرة أخرى بالنظر إلى الغلاء المستحكم على رقبة المواطن والذي لم ينفع معه تهديد التجار والباعة تارة وبالوعيد تارة أخرى ما جعل توثيق تعاملات الحلقات التجارية الحل الوحيد لمعرفة أصل سعر كل سلعة مع الأخذ بالحسبان أن الاعتماد في هذه المرحلة سيكون على حرص التاجر نفسه على جيبه، فإن أقر في الفاتورة بسعر مرتفع للسلعة التي باعها لتاجر المفرق فانه سيكون كمن يرفع بخط يده مبلغ الضريبة على جيبه الخاص ما يجعل منه حريصاً أكثر على تبيان الرقم الحقيقي لكل سلعة وبالتالي احتمال مبلغ الضريبة الأصلي للاحتفاظ بمال إضافي له من جهة، وتحمل الربح المعقول الذي يحققه من عملية التوزيع والبيع من جهة أخرى مع الأخذ بالحسبان أن الربح المعقول إنما يزيد على الربح القانوني والمنطقي المحدد له بما لا يقل عن أربعة أمثال ولكن أربعة أمثال تظل أكثر منطقية من عشرة أمثال.
مشروع الفوترة يعتمد على تداول الفاتورة بين مختلف الحلقات التجارية مع تبيان التكاليف والقيمة تبدأ من المستورد مروراً ببائع الجملة والموزع وانتهاء ببائع المفرق حتى تصل إلى يد المشتري الزبون، في خطوة من شأنها ضمان حق المواطن بسلعة ذات جودة وبسعر محدد لا يحدده مزاج البائع أو المستورد.
وبالنظر إلى كم الجهات المعنية وتعددها تسجل نقطة ايجابية لصالح الهيئة العامة للضرائب والرسوم لإدارة الضريبية في إنجاز المشروع النهائي للصك التشريعي الخاص بالفوترة ولاسيما أن الكثير من الجهات كانت –على ما يبدو – مرتاحة للتأخير الحاصل في انجاز هذا المشروع من خلال تراخيها في إتمامه أو إبداء رأيها أو حتى الحضور لمناقشة ما يطرح من اقتراحات.
وحسب مصادر الإدارة الضريبية فإن للفاتورة دوراً رئيسياً في إبراز نوع ومواصفة وقيمة السلعة موضوع العملية والشروط والأعباء المترتبة على عملية البيع، إضافة للدور البارز الذي تلعبه في توفير قدر كبير من الحماية والضمانة للمستهلك النهائي كما تساعد كل الجهات المعنية في الرقابة على السوق وحماية المستهلك وتأدية دورها المطلوب بالشكل الأمثل.
وبالإضافة إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه الفاتورة في المناخ الاقتصادي العام لجهة العلاقة بين الفعاليات التجارية فيما بينها والعلاقة مع المستهلك النهائي فإن للفاتورة دوراً إيجابياً آخر لا يقل أهمية عما سبق يكمن في تصحيح العلاقة بين الفعاليات الاقتصادية والسلطة التنفيذية حيث يمكّن تفعيل نظام الفاتورة السلطة التنفيذية من أداء دورها المأمول من الرقابة على السوق والتدخل عند الحاجة، إضافة إلى تصحيح العلاقة مع الإدارة الضريبية بما يساعدها على رفع كفاءة العمل الضريبي وزيادة الحصيلة الضريبية والدفع نحو تحقيق العدالة الضريبية بين المكلفين، وفي النهاية فإن تفعيل نظام الفوترة من خلال تأطيره في نص تشريعي خاص واضح الملامح ودقيق يعد ضرورة للاقتصاد والمجتمع السوري بعد التحولات التي يشهدها الاقتصاد السوري.
مصادر الإدارة الضريبية وفي حديثها لـ«الوطن» أوضحت أن مشروع الفوترة في حال تطبيقه سيلزم الفعاليات التجارية والصناعية والحرفية والخدمية كافة بتنظيم فواتير مبيعاتهم (نقداً- آجلاً) أو إرسالية للبيع بالأمانة على نسختين على الأقل وباللغة العربية بواسطة الكربون أو بوساطة الحاسوب شريطة أن تتضمن رقماً متسلسلاً، تعطى النسخة الأصلية للشاري ويحتفظ بنسخة متسلسلة لإبرازها إلى الجهات المختصة عند الطلب، كما تعتمد فاتورة الشراء التي خُلصت البضاعة بموجبها والتي تثبت قيمة الصفقة للبضاعة المستوردة سواء وردت مطبوعة بواسطة الحاسوب أو منقولة عن بعد بالوسائل الإلكترونية، وسواء كانت تحمل توقيعاً تم بوسيلة آلية أو إلكترونية متضمنة اسم البائع والشاري – الثمن المدفوع فعلياً أو الواجب دفعه - وصفاً كاملاً للبضائع موضوع الإرسالية بما فيها الكمية المؤلفة منها.
وأشارت إلى أن المنتج عند قيامه بعرض إنتاجه للبيع في صالات البيع التابعة له أو سيارات التوزيع المخصصة لإنتاجه فقط والتي تحمل بضائعه المختلفة يعفى من إعطاء فواتير بيع ويكتفى ببيان إرسالية موضح فيه الكميات المرسلة أو المحمولة ونوعها ومواصفاتها، أما بالنسبة للمستورد الذي تنطبق عليه ذات الصفات فيكتفى بالبيان الجمركي والوثائق الأخرى لهذه الإرسالية، كما على حين يجب منح فاتورة في الحالتين السابقتين عند القيام بعملية البيع، وفي الوقت نفسه يلزم جميع الموزعين غير المنتجين وغير المستوردين الذين يقومون بتوزيع السلع والمواد بسيارات التوزيع بتحرير الفواتير للمواد التي يقومون ببيعها وبيان مصدرها حين الطلب.
وتضيف مصادر الإدارة الضريبية إنه بحسب آخر نسخة من مشروع الفوترة، تعد معفاة من رسم الطابع فواتير جهات القطاع الخاص على اختلاف أنواعها ومضمونها عند تعامل تلك الجهات فيما بينها وكذلك فواتير الجهات المذكورة مع جهات القطاع العام الإداري والاقتصادي في حال عدم تجاوز قيمتها سقف الشراء المباشر وذلك وفقاً لأحكام قانون رسم الطابع رقم 44 لعام 2005م.
المصدر: صحيفة الوطن