جاءت رودود الأفعال حيال قرار السماح للقطاع الخاص باستيراد مادتي الفيول والمازوت والذي أصدرته وزارة الاقتصاد بداية الشهر الحالي تحت رقم /477/ عكس ما كانت تتوقعه الوزارة ،إذ أن لم يتقدم أحد من الصناعيين أو المنشآت الصناعية بطلبات أو إجازات استيراد للفيول أو المازوت.
وكذلك لم يتقدم أحد من الصناعيين أو المستوردين أو أي شركة باستيراد هذه المواد بموجب قرار سابق لوزارة الاقتصاد كان صدر خلال العام 2013 ولمدة محددة وعزف هؤلاء عن الاستفادة من مضمون ذلك القرار على الرغم من أن أسعار المازوت كانت أقل من هذا العام حيث يرى البعض أن السعر الجديد للمازوت والآلية والشروط المتضمنة في القرار الصادر حديثاً لا تشجع على الاستيراد.
وضمن هذا الإطار كان لـ«الوطن» وقفة مع العديد من الآراء تمثل وجهات مختلفة من وزارة الاقتصاد والصناعة للتعرف إلى موقفهم من مضمون هذا القرار وشروطه وآليات تطبيقه ومدى استجابتهم ومدى قدرة هذا القرار على تلبية متطلباتهم واحتياجاتهم من الوقود لتشغيل منشآتهم
بيّن مدير الاقتصاد في محافظة اللاذقية التابعة إلى وزارة الاقتصاد تيسير سلطانة أن القرار الأخير القاضي برفع أسعار المشتقات النفطية هو ما ساهم في امتناع أصحاب المنشآت الصناعية عن الاستيراد حيث بات هؤلاء أمام خيارين لا ثالث لهما أما الاستيراد وإما مواجهة الشح في هاتين المادتين، كاشفاً عن أن احتياجات المنشآت الصناعية في اللاذقية فقط تصل إلى نحو 500 ألف لتر مقترحاً فتح الاستيراد أمام التجار والمستوردين كافة ما دام تم السماح باستيراد هاتين المادتين لأن المهم توفير هذه المواد بطريقة أو بأخرى في السوق وأضاف سلطانة: كذلك وجود نحو 1000 شاحنة تقوم بالتحميل من مرفأ اللاذقية يومياً تحتاج إلى الوقود والتي لا تستطيع تعبئة الوقود من محطات المحروقات على الطريق بسبب نقص المادة حيث تسعى للتزود بالوقود قبل الخروج من المرفأ.
ولفت سلطان أيضاً إلى أن مرفأ اللاذقية لو عمل بطاقة 10% من طاقته الإنتاجية فإنه يستهلك ربع حاجة المحافظة من طلبات المازوت، موضحاً أن طلبات المازوت في اللاذقية تصل إلى 24 طلباً يومياً وبمعدل 20 ألف لتر لكل طلب أي نحو 500 ألف لتر الكمية الإجمالية والحاجة تتجاوز أربعة أضعاف هذه الكمية حيث كانت الطلبات سابقاً تصل إلى 40 طلباً تكفي نوعاً ما في تلبية الاحتياجات وفي عدم حصول اختناقات في توفر المادة في السوق.
وأكد مدير الاقتصاد بدمشق بسام حيدر أن المديرية لم تتلق أي طلبات أو إجازات استيراد للمازوت لا في القرار السابق ولا في القرار الجديد ووافقه في ذلك مدير الاقتصاد في طرطوس الذي أشار إلى أن إجازات الاستيراد لديه تتركز على المواد الأساسية والضرورية وموافقات الفحم الحجري الذي يستخدم كوقود لمعامل الإسمنت وبعض مواد البناء والرؤوس القاطرة.
بينما لفت مدير الاقتصاد في محافظة ريف دمشق عبد الرحمن حسين إلى ضرورة أن تتشكل مجموعة من أصحاب المنشآت الصناعية في كل محافظة أو في عدة محافظات للتمكن من استيراد المازوت والفيول وبحسب مخصصات كل منشأة التي تحددها مديريات الصناعة في المحافظات، مبيناً أن القرار سمح للصناعيين فقط ولم يسمح للتجار باستيراد المازوت، مشيراً أيضاً إلى عدم تقدم أحد بطلبات استيراد لهاتين المادتين لا في القرار السابق ولا في القرار الجديد.
ووصف أمين سر غرفة صناعة دمشق أيمن مولوي القرار بالمعقد والذي يفتقر إلى آلية التنفيذ الواضحة على أرض الواقع، مبيناً أن تطبيقه صعب من الصناعيين الذين تتراوح الكميات التي يحتاجون إليها بين 15 و40 ألف لتر شهرياً والآلية المتبعة غير معروفة وغير واضحة، متسائلا: «هل هي لأفراد محددين قادرين على القيام بهذه المهمة؟» حيث اشترط قرار السماح على أصحاب المنشآت الصناعية الاستيراد عبر البحر وبالبواخر والتفريغ في ميناء محدد والتخزين في مستودعات معينة الأمر الذي يفوق طاقة الصناعيين على الإيفاء بها على اعتبار أن الكميات التي سوف تستورد عبر البواخر تصل إلى آلاف الأطنان على حين لا تتجاوز حاجة أكبر منشأة إلى أكثر من 40 ألف لتر مازوت شهرياً فمن هو الذي يستطيع القيام باستيراد هذه الكميات وحده في ظل وجود نسبة 80% من المنشآت الصناعية تتراوح حاجتها الشهرية بين 15 ألفاً إلى 40 ألف لتر من وقود التشغيل لمنشآتهم؟
وأشار كذلك إلى العديد من الإجراءات التي تستوجب تلبية مخصصات الصناعيين التي لا تساعد ولا تسهل عملية التزود بالوقود حيث يتطلب الأمر تقديم طلب وحجز دور وانتظار التفريغ في الميناء والتواصل مع العديد من الجهات واصفاً هذه الآلية بالمعقدة لأنها آلية سوف تتكرر كل شهر. واقترح أن يتم الاستيراد وبالطريقة الأكثر مرونة ما دام السعر وصل إلى أسعار الدول المجاورة وأكثر بقليل وإذا ما قيس بأسعار الدولار فإنه اليوم وفيما تم الاستيراد من لبنان فإن سعر اللتر اليوم على الصناعي السوري 188 ليرة على حين في لبنان 145 ليرة للتر الواحد.
وتمنى مولوي لو تم السماح للشاحنات أو الصهاريج باستيراد المازوت عبر دول الجوار حيث يمكن لأي صناعي فلا ضير عند ذلك من أن يؤمن احتياجاته عبر هذه الوسيلة وتوفير مخصصاته وبالسعر العالمي، وينبغي تحديد شركات قادرة على القيام بهذه المهمة وتطبيق شروط القرار لتقوم بإعادة توزيعها على المنشآت الصناعية كل بحسب احتياجاته الحقيقية المحددة سلفاً من مديريات الصناعة.
واجمع العديد من مديري الاقتصاد وأقروا بوجود حالات اختناق في الأسواق حالياً في عدة محافظات ومنهم من ذكر أن هناك تاجراً واحداً فقط استورد الفيول والمازوت في القرار الصادر في العام 2013 ولم يتمكن من تكرار هذه العملية بسبب عدم الجدوى من الاستيراد.