قال عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال فايز البرشة في حديث لـ«الوطن» إن قانوني العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 والعمل رقم 17 يقعان في رأس القوانين الواجب مواءمتها وأحكام الدستور الجديد
مشيراً إلى ضرورة تعديلهما وفق التجربة العملية خلال السنوات الماضية والصعوبات التي واجهت تطبيقهما، بما يدعم توازنهما ضماناً لحقوق العامل كطرف أضعف في علاقة العمل.
وقال البرشة: إن المادة 137 من أهم النقاط الواجب تعديلها ومواءمتها مع الدستور في «قانون العاملين الأساسي»، والتي تجيز لرئيس مجلس الوزراء تسريح العامل وإعادته إلى عمله بناء على اقتراح لجنة ثلاثية «وزيري العدل والعمل ورئيس جهاز الرقابة المالية»، معتبراً أنه آن الأوان لإلغاء هذه المادة أو تعديلها إعمالاً لمبدأ سيادة القضاء، فالعامل المتهم بارتكاب الفساد مثلاً يحول إلى القضاء مع الملف التحقيقي الذي تجريه الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وليثبت القضاء إدانة المتهم أو براءته، وعليه يتم صرفه من العمل بناء على قرار قضائي مبرم، أو إبقائه وإعادة اعتباره.
وأشار البرشة إلى حالات كثيرة لفصل عاملين دون تحقيقات مسبقة، وفي حالات أخرى حصل بعضهم على أحكام قضائية إما بمنع محاكمتهم لعدم كفاية الأدلة أو بتبرئتهم، ولكن إعادتهم إلى العمل بقيت «جوازية» بيد رئيس مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنه لا يجوز الاستمرار في مبدأ «أنت الخصم والحكم».
وتابع البرشة: أما حل «تعديل» هذه المادة بدلاً من إلغائها، فيجب أن يتعدى جواز إعادة العامل «البريء» إلى عمله بقرار من رئيس الحكومة، إلى وجوب إعادته.
وتناول البرشة جانباً آخر في القانون 50 يتعلق بالاستخدام المؤقت، موضحاً أن القانون ينص على أن عقد الاستخدام المؤقت لا ينقلب إلى دائم مهما مدد أو جدد، مطالبا بحذف هذا الجزم وإيجاد الآلية الكفيلة بتدرج العامل وفق شروط معينة تمكن بناءً على مصلحة الجهة العامة وكفاءة العامل وخبرته من تثبيت هذا العامل.
وقال البرشة: الجهات العامة تقوم باستخدام موظفين مؤقتين بأعمال ذات طبيعة دائمة، وهي بذلك تخالف أحكام القانون، وهكذا يتم تجديد عقود العمال التي تتراكم لسنوات وسنوات ما يوجب إصدار مراسيم وقرارات تسمح بإعادة تعيينهم، وهكذا صدر القانون رقم 8 لعام 2001 الذي تم بموجبه إعادة تثبيت نحو 120 ألف عامل مؤقت في الدولة، ولكن الجهات العامة عادت إلى الاستخدام المؤقت على أعمال ذات طبيعة دائمة ما اضطر إلى إصدار المرسوم رقم 62 لعام 2011 لتثبيت نحو 170 ألف عامل.
وأضاف: لذلك نحن بحاجة إلى قانون تسمح آليات تنفيذه وقواعده وأحكامه بالمرونة والتيسير وتنفي الحاجة إلى إصدار مراسيم إضافية لأحكامه، ويمكن لذلك إيجاد نص يتيح انقلاب العقد المؤقت إلى دائم إذا مدد وجدد لأكثر من سنتين إذا توافرت شروط أو معطيات محددة.
وتحدث البرشة عن الحاجة لقانون عمل عام بقواعد عامة وحقوق وواجبات عامة، يسمح بتعدد الأسلاك الوظيفية انطلاقاً من الطابع المهني لكل جهة بما لا يتعارض مع الأحكام العامة للقانون، ويربط التعويضات بالمركز الوظيفي ويفرد حيزاً خاصاً للطابع الإنتاجي والتعويضات والحوافز الإنتاجية، فالقانون يخضع لأحكامه العاملون في وزارة الخارجية وفي الشركة الخماسية ووزارة المالية وفي القطاعات الإداري والاقتصادي والخدمي، على حين تختلف ظروف العمل اختلافاً كبيراً من جهة إلى أخرى.
وتحدث البرشة عن قانون العمل رقم 17 معتبراً أن التطبيق العملي فضح عدم توازن رزمة من مواده، ولم يساعد في استقرار علاقات العمل لا بل فهم الكثيرون أنه يطلق أيدي أرباب العمل في إنهاء علاقات العمل، ما أدى لتسريح نحو 90 ألف عامل في القطاع الخاص بشكل تعسفي، كما لم يوفر الحماية للعاملين فيما يتعلق بفض نزاعات العمل الفردية.
وأضاف البرشة: لا بد من إعادة النظر في المادتين 64 و65 من قانون العمل، وهما اللتان أعطتا لرب العمل الحق في تسريح عماله دون مساءلة في تسع حالات، وأطلقتا يده في الحالات المتبقية ليسرح عماله وينهي عقود عملهم لقاء تعويض مادي، وكل ذلك دون حماية قانونية للعامل.
وأشار البرشة إلى ضرورة تعديل المادة 205 من القانون رقم 17 المتعلقة بفض نزاعات العمل الفردية، والتي تنص على تشكيل محكمة بداية عمالية في مركز كل محافظة، مبيناً أن أقصى ما تستطيع هذه المحاكم الوصول إليه هو إذا وجدت أن تسريح العامل كان تعسفياً أنها تلزم رب العمل بدفع تعويض للعامل دون إلزامه بإعادته إلى عمله، والمطلوب هنا تعديلها لإعلاء سلطة القانون والقضاء بحيث يترك للقاضي تخيير العامل بين الحصول على التعويض وبين العودة إلى العمل.
وأضاف: أي تعديل لقانون العمل يجب أن يتضمن إعادة النظر في الباب العاشر منه الذي يتناول الأحكام المتعلقة بإيقاف العمل الكلي أو الجزئي في المنشآت، حيث إن المواد القائمة حالياً لا تعطي العامل المسرح في هذه الحالات حق الحصول على أي تعويض مادي، معتبراً أن الباب العاشر اقتصر فقط على وقف العمل دون أن يتطرق إلى ما تضمنه الدستور من إعطاء العمال حق الإضراب السلمي والمهني دفاعاً عن حقوقهم، ما يفرض ضرورة السير باتجاه إيجاد نص قانوني ينظم هذا الحق الدستوري.
وتابع البرشة بالقول: الدستور تحدث عن حد أدنى للمعيشة وللأجور وهذا يقتضي إيجاد الآلية القانونية لتعديل مهام اللجنة الوطنية للأجور ليصبح لها الحق في دراسة الحدود الدنيا للأجور وزيادتها وتعديلها دورياً والربط ما بين الحد الأدنى للأجور وتكاليف سلة المعيشة المكونة لهذا الحد.