كشف الباحث في شؤون المال والاقتصاد في سورية "حامد سيف الدين" عن ارتفاع حجم السيولة الفائضة في المصارف الخاصة في سورية ، مبيناً أن حجم السيولة الفائضة قد ازداد تدريجياً مع تقدم سنوات الأزمة الاقتصادية، وذلك نتيجة ارتفاع قيمة الأموال القابلة للإقراض مع تراجع حجم التوظيفات المنتجة، الأمر الذي جعل حجم السيولة الفائضة يرتفع بشكل تدريجي ليسجل قيمة مرتفعة جداً في العام 2014.
وأوضح "حامد" أنه من خلال مقارنة حجم السيولة الفائضة مع نهاية العام 2014 مع حجم رساميل هذه المصارف والتي تزيد على 59 مليار ليرة سورية، علماً بأن السيولة الفائضة تشكل خمسة أضعاف مجموع رساميل المصارف الخاصة التقليدية وهذا المبلغ كبير جداً ولا بد من قيام المصارف بإيجاد منافذ لتوظيفه والحصول على عوائد وإن كانت بسيطة في بعض مجالات التوظيف، وعلى افتراض أنه قد تم توظيف هذه السيولة الفائضة بعائد متواضع جداً ويبلغ على سبيل المثال حوالي (6 بالمئة) فإنه سوف يتم تحقيق عائد (19) مليار ليرة سورية وهي مساوية تقريباً لمجموع صافي نتيجة أعمال المصارف الخاصة التقليدية خلال العام 2014.
حيث أنه بعد توقف المصارف الخاصة عن تقديم تسهيلات ائتمانية للعملاء نتيجة الظروف الاقتصادية السائدة تراكمت إيداعات العملاء في خزانتها دون القيام بأي توظيفات منتجة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي وصف سيف الدين بصاحب الدور الأساسي في تراجع الأرباح الحقيقية لهذه المصارف وعدم اكتساب حاملي الأسهم أي توزيعات خلال الفترة الماضية.
ومن الجدير بالذكر فإن قوائم دخل معظم هذه المصارف قد اكتسبت صفة الرابح خلال الأعوام السابقة نتيجة لإعادة تقييم مراكز القطع البنيوية لديها، إلا أن مصرف سورية المركزي وهيئة الأوراق والأسواق المالية السورية وجهت المصارف الخاصة التقليدية وبشكل صريح ومباشر بأن هذه الأرباح غير محققة ولا يمكن توزيعها على المساهمين.
فرص استثمارية
يرى سيف الدين أنه مع وجود كتلة أموال فائضة كبيرة وقيود قانونية لتملّك المصارف كشخصيات اعتبارية أسهم في مصارف أخرى، تتجه الأنظار باتجاه صناديق الاستثمار. فصندوق الاستثمار وكما هو معروف فإنه يقوم على أساس الوحدات لا الشركات، الأمر الذي يساعد في تجاوز بعض العقبات القانونية ويساهم في دخول كتلة أموال جديدة إلى السوق، الأمر الذي سوف ينعكس إيجاباً على حركة التداول ومؤشر السوق.
وقد سمحت المادة (108) من نظام صناديق الاستثمار (الصادر عن مجلس الوزراء بموجب القرار رقم /11679/ م.د بتاريخ 2011/08/16) للمصارف في أن تساهم في تأسيس صناديق استثمار بعد حصولها على موافقة مصرف سورية المركزي.
ويؤكد سيف الدين، أن قيام المصارف الخاصة التقليدية في تأسيس صندوق مشترك للاستثمار سوف ينعكس إيجاباً على التداولات في سوق دمشق للأوراق المالية وسوف يفتح مجالات فرص لإدراج شركات جديدة ومن قطاعات أخرى غير مصرفية ليتم تداول أسهمها في السوق، بالإضافة إلى كونه منفذاً مناسباً وآمناً لاستثمار جزء من السيولة الفائضة لدى هذه المصارف، الأمر الذي سوف يؤدي إلى بدء تحقيق عوائد حقيقة تعود بالفائدة والنفع على المساهمين.
وإلى جانب صناديق الاستثمار، فقد صرح الدكتور عبد الرحمن مرعي رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية وفي العديد من المناسبات بأن الهيئة تدرس إمكانية افتتاح سوق للسندات في الفترة المقبلة، ومن المؤكد فإن مثل هذه السوق سوف تكون ملاذاً آمناً لاستثمار جزء من الفوائض النقدية لدى المصارف الخاصة التقليدية.
وفي الختام يطالب سيف الدين المصارف الخاصة بإعادة النظر في سياساتها مع المساهمين لتساعدهم في هذه الظروف الاقتصادية الخانقة وأن توجه جزء من فائض السيولة لديها لتأسيس صناديق للاستثمار، الأمر الذي يساعد على تحريك عجلة التداولات في السوق ويحقق عوائد إيجابية من الممكن توزيعها على المساهمين، كما يتوجب على الجهات المسؤولة إيجاد تشريعات تساعد على خلق أدوات استثمارية جديدة كسوق السندات.
قيود قانونية
من المؤكد أن جميع الأطراف المهتمة بسوق دمشق للأوراق المالية من جهات وصائية وإدارة السوق ذاته والمستثمرون الحاليون والمحتملون وشركات الوساطة المالية وغيرهم من مهتمين، يطالبون المصارف الخاصة التقليدية بتوجيه جزء من السيولة الفائضة لديهم للاستثمار في السوق بهدف تحقيق عوائد لا بأس بها ولإعادة اللون الأخضر إلى شاشات التداول، إلا أن القيود القانونية، بحسب سيف الدين، تحول دون القيام بذلك ولاسيما أن قطاع المصارف هو المسيطر ضمن الشركات المدرجة في السوق.
فقد نصت الفقرة الرابعة من المادة السادسة من القانون رقم (28) لعام 2001 بألا تتجاوز حصة الأشخاص الاعتباريين نسبة (49 بالمئة) من رأسمال المصرف والتي تم تعديلها بموجب المادة –ب- من الفقرة الأولى للقانون رقم (3) لعام 2010 حيث تم رفع هذه النسبة لتصل إلى (60 بالمئة) من رأس مال المصرف كمجموع لمساهمات الشخصيات الاعتبارية في أي وقت.
إلا أن مساهمات الأشخاص الاعتباريين الأجانب كمؤسسات أم لهذه المصارف قد غطت هذه النسبة بأكملها، حيث أصبح من الصعب القيام لأي مصرف أو شركة بالاستثمار بأسهم المصارف التقليدية في السوق بشكل كبير.
ومن هنا تظهر الحاجة لإيجاد منافذ استثمارية تقوم المصارف الخاصة التقليدية بتوظيف جزء من السيولة الفائضة لديها وتحقيق عوائد لا بأس بها وإن كانت متواضعة في بادئ الأمر.