عام و3 أشهر مضت على عمر الأزمة السورية وبدء اندلاع الأحداث في البلد، ما أفضى لتدهور اقتصادي بكافة المعايير، فالصناعة خسرت الكثير من معاملها وعمالها معاً، والتجارة خسرت أسواقها التصديرية والتسهيلات الممنوحة لها سواء المصرفية منها أم المتعلقة بالتحويلات المالية، وتراجعت نسبة الإشغال السياحي إلى الصفر وارتفعت الأسعار حتى وصلت لحدود جنونية وانخفضت قيمة الليرة أمام الدولار بنسبة 54% وغير ذلك من تبعات لحقت بالمستهلك السوري الذي تحسس أزمة لم يشعر بها منذ نحو 30 عاماً سواء على مستوى ارتفاع أسعار أو نقص مواد الطاقة كالغاز والمازوت والبنزين وأحياناً الخبز. وفي المقابل جاءت الإجراءات الحكومية لمواجهة هذه العقبات قاصرة حسب تقييم المتأثرين فيها بشكل مباشر، فنائب رئيس غرف صناعة دمشق عصام زمريق يؤكد أن الحكومة السابقة لم تحقق مطلباً واحداً من مطالب قطاع الأعمال وأن زيارة رئيس الحكومة السابق عادل سفر لغرفة الصناعة لم تثمر عن تحقيق أي مطلب. وكذلك يؤكد رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي أن الحكومة الماضية لم تحقق مطلباً واحداً لدعم الصناعة السورية بل كبلتها بالعديد من القيود ورفعت أسعار الكهرباء ومواد الطاقة والأراضي في المدن الصناعية، وليست الصناعة فحسب بل حتى إن المواطن لايبدي امتتانه من هذه الحكومة التي شهد في ظلها أزمة خانقة طالت كل موارد عيشه. وبالمقابل فإن الكثيرون يرون أن الحكم على عمل هذه الحكومة وتقييمها يجب أن يخضع لمعايير منصفة وعادلة، لأن الأزمات التي مرت على رأسها لم تمر بها حكومة قبلها منذ عشرات السنين. ويرى رئيس اتحاد عمال دمشق جمال القادري أنه من سوء الحظ أن حكومة عادل سفر استلمت مهامها بظروف قاسية مع تركة كبيرة من الهموم والمشاكل والقضايا على كل المستويات ومارست عملها بظروف قاسية، وقال: بالتأكيد هناك مقصرين من الوزراء ولكن بتقديري لايجوز الحكم على أداء هذه الحكومة من خلال السنة الماضية لأنها سنة عصيبة على الجميع . وقبل أن نغوص كثيراً في الحديث عن حكومة تحولت اليوم لتصريف أعمال فإن يجدر الحديث عن المهام التي يفترض على الحكومة القادمة إنجازها والتي اعتبرها قطاع الأعمال على مدى السنين الفائتة كلها أولويات لكنها لم تكن كذلك بنظر الحكومة، فالتجار والصناعيين يطالبون كل من مرّ من حكومات على سورية ومنذ عشرات السنين بالتشاركية الحقيقية والفعلية معهم في إصدار القرارات التي تخصهم وتتعلق بهم، ويشددون على أن تكون الحكومات هي حكومات أفعال وليست أقوال ورغم أن نداءات حماية الصناعة الوطنية انحسرت لصالح نداءات أخرى تدعو بالانفتاح على الخارج، إلا أن الصناعيين لازالوا يعتبرون أن انفتاح السوق لا يجب أن يضر صناعتهم وعلى مبدأ (لاضرر ولا ضرار)، فانفتاح السوق لا يجب أن يتناقض مع مبدأ حماية الصناعة وهذا مايستلزم دراسة الاتقاقيات التجارية الموقعة مع الخارج بشكل متكامل قبل توقيعها فالكثير من الاتفاقيات التي وقعتها سورية مع دول الجوار جاءت لمصلحة الأطراف الأخرى كاتفاقية التجارة الحرة مع تركيا والتي أدت لإغلاق الكثير من معامل الألبسة المحلية. ويعول خبراء على أن لاتقع الحكومة الحالية في توقيعها لاتفاقية التجارة الحرة مع إيران في ذات المطب الذي وقعت به بالاتفاقيات التجارية السابقة. اليوم ومع تعيين د. رياض حجاب الذي كان يشغل منصب وزير الزراعة كرئيس للحكومة الحالية، وقبله عادل سفر والذي كان أيضاً يشغل منصب وزير الزراعة فإن الفكرة التي انطبعت بأذهان الجميع هي أن التوجه القادم هو للاهتمام بالزراعة وتشجيعها وتحفيزها ورغم أن هذا الأمر ليس سيئاً بنظر رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي، إلا أنه لايجب أن يكون مانعاً من تطوير الصناعة، ويمكن أن يدمج التوجه القادم بين أركان الاقتصاد السوري المتعلقة بالزراعة والصناعة معاً من خلال الاهتمام بالصناعات الزراعية والغذائية. وسواء أكان التوجه القادم هو دعم الزراعة أم الصناعة أم أي قطاع آخر، فإن المهم حالياً ومع بدء رياض حجاب بمهمته لانتقاء الوزراء المشكلين لسلة حكومته أن يتم تنفيذ الأولويات ودعم هذه التوجهات فعلاً دون أن نضعها عناوين عريضة لإجراءات قاصرة لاتحقق المطلوب منها وتتوه في قطاعات كثيرة لايعتبر أي منها أولوية. وتكون النتيجة هي تشتت اقتصادي أكبر وسياسة غير معروفة البوصلة.... على أمل ذلك ننتظر نتائج أول تقييم مرحلي لحكومة حجاب، وعلى أمل أن لايكون الإعلام فقط هو صاحب المبادرة التقييمية لهذه الحكومة بل أن تصدر توجيهات عليا بتقييم هذه الحكومة كل فترة 3 أشهر بما يجعلها أكثر جدية وفعالية بتحقيق التزاماتها.