ساهمت الحكومتان السابقة والحالية في خلق حالات عـدم استقرار، فالسابقة هرولت باتجاه اقتصاد السوق الاجتماعي دون تحضير يذكر، مع ارتماء قي اتفاقيات شهر عسل مع دول استفادت الكثير على حسابنا، والكلام للاستشاري الاقتصادي الدكتور سعد بساطة.
والحكومة الحالية التي لم يكن فيها خلية إدارة الأزمات، تباطأت في معـالجة حوادث النقص المتلاحقة في الأساسيات، حتى تفاقمت المشكلة وتحولت لما يشبه الأزمة.
وكنتيجة لتلك السياسات مضافاً إليها الظروف التي فرضت على سوريا، بلغت نسبة التضخم بين شهر كانون الثاني لعام 2012 شهر شباط من نفس العام 36.2 %، حسب نشرة الأسعار التنموية الصادرة عن مديرية دعم القرار في رئاسة مجلس الوزراء، حيث زاد معدل التضخم من 15.67% خلال شهر كانون الثاني 2012 إلى 21.34 % خلال شهر شباط 2012 .
وعند الحديث عن أرقام الحكومة، يبدي بساطة تحفظه مشككاً في صحة النسب المطروحة، مشيراً إلى اختلاف بين الأرقام التي تعتمدها الحكومة في حساباتها وبين الأرقام في الواقع، جرة الغـاز من 600 ل س إلى 2000 ل س، وليتر المازوت الرسمي من 16 ل س إلى 20 لير سورية وبالسوق هو 40 ل س!!
ربطة الخبز السياحي: 30- 35- 45 واستقرت على 50 ل س، أما الخبز العـادي في الأفران الرسمية فألوف الناس يتشاجرون ضمن طوابير طويلة!
أزمة بنزين، وغـلاء للخضروات والفواكه واللحوم، والبيض والفروج.
عداك عن الكثير الكثير من السلع والخدمات الأخرى..
ويفسر بساطة ذلك قائلاً إن الرقم الإحصائي الرسمي يمثل مهمة صعبة، ليس فقط من الناحية الحسابية والمسوح والجهود المطلوبة للوصول إليه، لكنَّ فيما يناله الرقم الإحصائي من تشكيك، يصل في بعض الأحيان إلى طعنٍ في مصداقيته، لا من قبل المختصين وحسب إنما أيضاً من الحكومة نفسها.
فالتشكيك موجود، على حد تعبير الدكتور بساطة، لافتاً إلى مقولة لمدير المكتب المركزي للإحصاء يصرح فيها بأن "أرقامنا مستقلة لكن مصادرنا مضلِّلة"، وهنا نطرح ضرورة تمتع أرقام مكتب الإحصاء بالدقة والصدق المطلوبين، لأنّ السياسات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد تبنى على أساسها.
إلا أن الظروف الموضوعية تفرض نفسها على المعادلة وتستوجب الاعتراف بقوة تأثيرها على اقتصادنا، فيقول الدكتور سعد إن الحرب ضد سورية ليست عـسكرية – فحسب- بل اقتصادية بالدرجة الأولى. .فهنالك مقاطعـة للسلع السورية، وحظر عـلى توريد الكثير من السلع والخدمات لنا؛ إضافة ً إلى منع تحويل الأموال وعـقوبات على مصارفنا ومؤسساتنا ورموزنا!
عـاصر هذه الأفعـال هبوط في سويات الإنتاج لأسباب تتراوح من تهديد المعـامل بالحرق والقصف، مع انعـدام الأمن عـلى طرقات الشحن..
كل هذا خلق ندرة في السلع، واختناقات في تواجدها..وهذا أحد أهم أسباب التضخم الذي أضحى جزءا ً من حياتنا اليومية، وأحد أسبابه قلة السلع التي يستطيع المستهلك شراءها، (لأسباب منها موضوع الأمان في الطرق بين المحافظات) وأيضاً ندرة المتاح منها كونها ذات مصادر مستوردة.
وهنا يؤكد الدكتور بساطة أن الاقتصاديين مهما اختلفوا في تحليل الواقع والأسباب المؤدية للتضخم، إلا أنهم يتفقون على أن ارتفاع الأسعار هو أول نتائج التضخم، وأن الأسعار ارتفعت عالمياً، لكننا سبقناها محلياً..
وعلى اعتبار أن الحكومة دائماً تشير إلى اهتمامها اللامحدود بذوي الدخل المحدود كونهم يشكلون شريحة واسعة وعريضة من مجتمعنا السوري، فلا بد للتنويه والإشارة إلى ما يبدو غافلاً عن الحكومات عند رسم سياساتها، وذلك بأن التضخم يلعـب دورا ً مؤذيا ً بالتهام المدخرات، ويجعـل الحساب الاقتصادي مضطربا ً، ويؤذي أول ما ينال من أصحاب الدخل المحدود، وهنا تظهر ثروات عـند الجوانب التي استفادت من تخزين سلع ومواد لديها!
ويلخص الاستشاري بساطة أسباب التضخم بأربعة عوامل مترابطة، أولها ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا ً، ثانياً ارتفاع أسعار الطاقة والمواد وبالتالي الخدمات المرتبطة بها، ثالثاً ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية، رابعاً الاختناقات في الإنتاج والتوزيع لأسباب متعددة.
كما يقدم بساطة أول الخطوات على طريق معالجة هذه الأزمة الاقتصادية (التضخم)، وتكون عن طريق رفع الأجور لتعويض النقص الحاصل في القوة الشرائية، كإحدى الوسائل المالية والاقتصادية وبما لا ينفصل عن سياسات معالجة قصيرة ومتوسطة المدى، بينما يكون تدخل الدولة لتصحيح تشوهات السوق بتأمين السلع من منافذها (المؤسسات الاستهلاكية، مؤسسات الخضار والفواكه واللحوم).