رغم إصدار تشريعات خاصة بالعقارات إلا أن الحال لم يتغير عما كان عليه قبل صدور تلك التشريعات، فمازال أصحاب المنازل والمكاتب العقارية المتحكم الأول في الأسعار.
وتشهد سوق العقارات نوعاً من الجمود، مع ضعف حركة البناء والعمران، إلا أن ذلك انعكس على الآجارات إيجاباً، حيث استغل أصحاب الشقق الفارغة وتلك غير المكسية الوضع، لرفع المبالغ التي يطلبونها مقابل تأجير ما يملكون من عقارات، بغض النظر عن حالها أو كسوتها أو موقعها البعيد، فضلاً عن الأثر الكبير لحركة النزوح للمناطق الآمنة على سوق العقارات، إذ بات الطلب يفوق العرض بأضعاف مضاعفة.
وتعتبر أحياء دمشق الأعلى سعراً في قيمة الآجارات، حيث يؤجر المنزل بمبالغ تبدأ من 25 ألف لغرفة غير مفروشة ومنافعها في الأحياء العشوائية، ويصل إلى 40-50 ألف للمنزل المفروش بمستلزمات قديمة سيئة الحال, وترتفع القيمة لتصل إلى 80 ألف للمنازل المفروشة إلى حد ما، في المناطق المنظمة، و50 ألف للمنازل غير المفروشة.
وعبر أسعد، مستأجر في إحدى مناطق دمشق العشوائية، عن معاناته في قضية الإيجارات، وهي فرض دفع أجار 3 أشهر دفعة واحدة، وقال: «لا يمكن أن يقبل أي شخص أن يكون الدفع بشكل شهري، وهنا تكمن المصيبة الكبرى، فتأمين مبلغ يصل إلى 150 ألف ليرة دفعة واحدة، أمر شاق ومؤرق، لأن هذا المبلغ طبعاً لا يشمل أياً من تكاليف المعيشة الأخرى ومستلزمات الحياة من نقل وطعام ودواء وغيره من أمور ضرورية كل شهر».
ويساوي أو يفوق غالباً المبلغ المطلوب كآجار للمنازل، قيمة دخل الموظف الشهري، والذي يبلغ وسطياً 30 ألف، بينما تحتاج الأسرة السورية إلى حوالي 150 ألف ليرة لتأمين متطلبات المعيشة الأساسية، وفي حال الأسر التي تعيش في منازل مستأجرة يصل المبلغ بالحد الوسطي إلى 200 ألف ليرة شهرياً.
ويقول الخبير العقاري عمار يوسف لجريدة (قاسيون) إن «نسبة ارتفاع الآجارات منذ بداية العام الحالي وحتى الوقت الراهن (شهر أيار) بلغت 17 %، وذلك بسبب الارتفاع لسعر صرف الدولار أمام الليرة السورية, وفيما يتعلق بتوفر عقارات للآجار حالياً، قال يوسف إن «كل ثلاثة أشهر، تفرز السوق شريحة من العقارات معروضة للآجار، وذلك بسبب حصر عقود الإيجار بمدة 3 أشهر لا أكثر».
وكان آخر مرسوم ناظم لقطاع العقارات صدر في تشرين الثاني الماضي، نص أن العقد شريعة المتعاقدين، وحدد قيم الأجارات بالنسبة للعقارات المؤجرة لمختلف الأغراض، إلا أن المشكلة الحقيقية تبقى في عدم وجود آلية واضحة تضبط أسلوب وأسس تقييم العقارات بما يتيح التوصل لقيم مجزية سواء لأغراض البيع أو الآجار، حيث ما زالت الأهواء الشخصية والجشع المتحكم الأول بهذا الجانب، في ظل غياب أسس رسمية واضح ودقيقة.