لو كان ثمة قرار وزاري يطبق على المواطن العادي سيكون كل المسؤولين يتحدثون عن وجوب الالتزام بالقرار، واعتباره جزء من هيبة الدولة التي لا يجوز التطاول عليها ... إن مخالفة مرورية قادرة على أن تسمعك محاضرة عن وجوب احترام القانون، وأننا في دولة سلطتها لا ينبغي لأحد الانتقاص منها .
بالمقابل عندما يتعلق الأمر بكبار المسؤولين، يصبح الاستثناء مسموحا بل مرغوبا وليس هذا وقته، ونحن الآن في حرب ولا يجوز أن ننشغل عن القضايا الكبرى.
واحدة من هذه الأشياء التي لم تطل المسؤولين هي الإعلان عن الذمة المالية.. من المفترض أن يقدم كل مسؤول كبير على مستوى وزراء ومحافظين ومعاوني وزراء ومديرين عاميين وطائفة مشابهة من المسؤولين في المراتب العليا حصرا للأملاك لديهم... سواء كانت مادية أم عينية.. من أموال وحسابات مصرفية داخل وخارج القطر وعقارات وشراكات وغير ذلك مما يعتبر من الأملاك .. ومن المفترض أيضا أن ينسحب ذلك على العائلة من الزوجة والأولاد ..
وفي هذه الحالة، فإن أمام أسلوبين إما يتم الاحتفاظ في جهة حكومية، وهي جهة رقابية التفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية، أو يتم الإعلان عنها للعامة بحيث يعرف المواطنين الأوضاع المالية لمسؤوليهم.
في الحالة الأولى عندما يتم الاحتفاظ بالبيانات المالية للمسؤولين فإن المقارنة والمتابعة تجري على مراحل، إلا أن أهمها بعد خروجه من المنصب وتجري أيضا على نطاق أوضح في حال الشبهات التي تحوم حول المسؤول بعينه. وهذا الأمر لا يقتصر على الذمة المالية للمسؤول فقط بل تشمل زوجته وأولاده وفي حالات معين يمكن التوسع لمن تحوم حولهم الشبهات أو يخضعون للتحقيق في قضايا فساد .
معظم المسؤولين في سورية تحولوا إلى رجال أعمال بعيد خروجهم من المنصب أو أصبح اولادهم رجال أعمال، وعندما تسألهم عن ثرواتهم ومن أين لك ذلك يتحولوا إلى عباقرة في الاقتصاد وأنهم أصحاب فكر اقتصادي متميز يحول التراب إلى ذهب .
هذا التبجح الذي نسمعه من رجال الأعمال أبناء المسؤولين هو في حد ذاته استغباء للناس، لكن القضية لا تنتهي هنا إلا إذا تم التعامل بجدية مع إعلان الذمم المالية للمسؤولين وزوجاتهم وأبنائهم قبل الكرسي وبعده .
وأقترح أنبدأ بحكومة رئيس الوزراء عماد خميس بحيث يعلن رئيس الوزراء والوزراء على أقل تقدير حالتهم المالية، وكل وزير يلزم مديريه بالشيء نفسه. كما يمكن للدكتور حسان النوري وزير الادارة في سورية أن يأخذ بعين الاعتبار هذه النقطة، وهو لا يزال يدرس موضوع معايير القيادات العليا .
الموضوع يأخذ أشكالا مختلفة لكنه يتمحور حول النزاهة التي نفتقدها في هذه المرحلة عند بعض مسؤولينا.. وفي مرحلة لاحقة لن يضر إجراء تحقيقات مع أبناء المسؤولين عندما يتحولوا على رجال أعمال بين ليلة وضحاها.
المصدر: صاحبة الجلالة