يطلق عليه أهالي اللاذقية العديد من التسميات منها الطريق الساحلي والطريق الشاطئي وطريق النزهة والطريق الدولي غير أنه يبقى «الطريق الحلم» الذي طالما انتظره الأهالي والمهتمون بتطوير المدينة على حد سواء حيث تجاوز عمر هذا الحلم سنوات لطالما رسمت خطوطه العريضة في مخيلة الجميع بانحناءاته الطبيعية وإطلالته الرائعة على أمل أن يكون بديلاً لما ضاع من الكورنيش الغربى.
ويعدّ هذا الطريق من الناحية العلمية واحداً من المشروعات العمرانية المهمة للمدينة بشكل عام وللمنطقة الجنوبية منها بشكل خاص وينتظر أن يكون له أثر كبير على المدى البعيد ومنعكسات سياحية واقتصادية واجتماعية وعامل جذب وتنشيط إضافي وحيوي يساهم في تحقيق الرؤية الاستراتيجية لمجلس المدينة حيث تبلغ التكلفة الإجمالية التقريبية للمشروع ملياراً وخمسمئة مليون ليرة سورية تشمل قيمة الأراضي وأعمال تنفيذ الطريق والجسور وتغطية الخط الحديدي والأعمال البحرية والمنشأة المتممة.
ومنذ نحو خمس سنوات تقريباً ظهرت بوادر عمل حقيقية باتجاه ترجمة هذا المشروع إلى حقيقة واقعة حيث عقد أكثر من اجتماع لتنفيذ الطريق الساحلي الذي يمر في عدة محاور هي اللاذقية وجبلة وبانياس وصولاً إلى طرطوس وضمن المسار الواحد هناك أملاك بلدية وبحرية وأخرى مستملكة لمصلحة وزارة السياحة إضافة إلى بعض الأملاك الخاصة ومن هنا كان لابد من التركيز مطولا على دراسة مسارات هذا الطريق حيث تم تشكيل فرق عمل متخصصة لهذه الغاية. وفيما يتعلق بالدور الذي قام به مجلس مدينة اللاذقية بهذا الاتجاه أوضح المهندس صديق مطره جي رئيس مجلس المدينة أن المجلس أظهر اهتماماً ملحوظاً بهذا المشروع منذ البداية وعمد إلى تثبيت مساره وأبعاده على المخطط التنظيمي الجديد بدءاً من أول الكورنيش الجنوبي الحالي أو ما يعرف بنزلة سومر وانتهاء بنقطة التقاء النهر بالبحر بطول 4 كم وعرض 50 متراً وفق مسار متفاوت الارتفاع عن سطح البحر حيث يغطي سكة القطار في بدايته حتى جسر القطار ثم ينعطف بشكل مساير لخط الشاطئ حتى النهر ما يخلق طريقاً نزهوياً جميلاً ويقدم فرصاً استثمارية للمدينة من مسابح ومنتجعات ومقاه وملاعب شاطئية إضافة لتطوير مستوى المنطقة ورفع سويتها الاجتماعية والبيئية وتشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة.
وبيّن مطره جي أنه تم تشكيل لجان مختصة لإعداد الدراسات الاولية والأعمال المساحية وأخرى للمتابعة من المعنيين في وزارة النقل ومجلس مدينة اللاذقية وكان ذلك منذ ما يزيد على السنة إلا أن الأعمال لم تتقدم وعلى ما يبدو أنها اصطدمت بصخرة الروتين مشيراً إلى أنه تم تشكيل فريق عمل عام 2006 لتقديم دراسة أولية للطريق الساحلي اللاذقية- جبلة- بانياس وتم تزويده بتقنيات وبرمجيات وقاعدة بيانات.
ولفت إلى أن الفريق انطلق في عمله مستنداً إلى مخططات جوية تم خلالها تحديد النقاط الأساسية ونقاط العبور والنقاط الحمراء التي يمر بها المشروع من جهة ثانية فإن المشروع أو الطريق يراعي حدود الأملاك البحرية والمحافظة على الخلجان ويؤمن ربطاً بين الشبكة المركزية المحلية من خلال العقد التبادلية ومن خلال تأمين منافذ من الجهة الشرقية إلى البحر عبر ما يسمى معابر سفلية تحت الطريق إضافة إلى أن تصميمه بسرعات منخفضة بحيث لا يحدث عليه ضغط مروري وبشكل يضمن حركة متمازجة بين المشاة والسيارات البطيئة.
وبيّن المهندس مطره جي ما قام به مجلس مدينة اللاذقية تحديدا في مجال تفعيل العمل بالطريق الشاطئي حيث نشط مجلس مدينة اللاذقية في بداية عام 2008 بإعادة تفعيل الفكرة وقام بمراسلة وزارة النقل بكتاب يطلب التنسيق مع الوزارة بخصوص قيامه بدراسة الجزء من الطريق الشاطئي الواقع ضمن حدودها أي حتى مصب النهر حيث وافقت وزارة النقل عام 2008 وبينت انه لا مانع لدى الوزارة من قيام مجلس المدينة من التعاقد على الدراسة الأولية بشرط تحقيق الترابط اللازم مع باقي الطريق خارج حدود المدينة باتجاه جبلة وبانياس على أن تتم مراجعة المؤسسة العامة للخطــوط الحــديديــة فيمـــا يخصها حــول تغطية قسم من سكة الحديد بالطريق الشاطئ.
وقام مجلس مدينة اللاذقية بتكليف مكتب الدراسات في مؤسسة الإسكان العسكرية للمنطقة الساحلية بالمباشرة بدراسة المشروع وشكل لجنة مختصة تضم ممثلين عن مجلس المدينة ووزارة النقل ومؤسسة الإسكان العسكرية كجهة دارسة وجامعة تشرين كجهة مدققة. وقامت اللجنة بمتابعة الجهة الدارسة واجتمعت معها عدة اجتماعات وتمخض عن ذلك فكرة جديدة عرضها مجلس المدينة تتضمن تغطية الخط الحديدي للجزء الذي يفصل منطقة الكورنيش الجنوبي عن الشارع المار أمام المعهد الرياضي والاستفادة من استثمار سطح التغطية الذي تملكه وزارة النقل بالإضافة للعقارات المجاورة التي يملكها مجلس المدينة وفق برنامج تخطيطي يتمثل بإنشاء وحدات سكنية مع طريق بينهما حدائق ومسطحات خضراء ومنشآت تخديمية وترفيهية أخرى وأشار مطره جي إلى أن الدراسة الأولية للمشروع شهدت نقاط التقاء عديدة مع التوجهات الأخيرة حيث تم طلب تعديل بعض المسارات وتحديد مواقعها على مخططات عقارية وتنظيمية وتحديد ملكيات العقارات ووضع خريطة لكامل المسار وبعد إجراء التعديلات المطلوبة وإنجاز ما يلزم من فرق العمل سيصار فيما بعد إلى حصر عملية المتابعة بوزارة النقل تحديداً التي ستتولى الخطوة الإجرائية. وأوضح رئيس مجلس المدينة أن المشروع سيؤمن فرص عمل مباشرة لأهالي المنطقة المجاورة لتلبية احتياجات رواده وزواره من أماكن تسوق وإقامة وإطعام وسباحة وهواية الصيد البحري وسيترافق ذلك مع إعادة تأهيل المنطقة عمرانياً واجتماعياً واقتصادياً بما يساهم في تنفيذ عملية تنمية وإعادة بناء حقيقية لها.
وتوقع أن يشتمل البرنامج التخطيطي للمشروع أعمالاً طرقية وأعمال موقع عام من ساحات لوقوف السيارات وأعمالا تأخذ بالاعتبار مجاورة المشروع لمنطقة أعمال بناء سكني أو سكن سياحي ما قد يستدعي أعمال ردميات وأعمالاً صناعية بما في ذلك أعمال تغطية الخط الحديدي وأعمال معابر مشاة سفلية إضافة إلى أعمال إنشاء جسر سيارات على مجرى مصب نهر الكبير الشمالي وأعمال مدنية معمارية مختلفة بالإضافة إلى أعمال تنظيم الموقع العام والتي قد تشمل تراسات وممرات مبلطة ومرصوفة وأعمال سقاية إضافة إلى أعمال فنية ضرورية وإنارة الموقع العام وأعمال بحرية تشمل حماية الجبهة البحرية وصد الأمواج وربما لسان بحري على أعمدة لأغراض النزهة وهواة الصيد.. وكذلك تنظيم مصب النهر إضافة لنفقات التأسيس من أعمال شراء الأرض في أماكن مرور المشروع في أملاك الغير ونفقات هدم وتعويض وشراء وتأمين السكن البديل وأيضا نفقات تأسيس إعداد كافة الدراسات والاستشارات والأضابير الفنية اللازمة للمشروع وفق القوانين والأنظمة.
المصدر: صحيفة تشرين السورية