تراوحت المعلومات المتعلقة بسيولة المصارف العامة بين سيولة مرتفعة لبعضها تصل حتى 54% مثل مصرف التوفير الذي أحجم عن الاستثمارات وتمويلها، ما أفرز هذه السيولة المرتفعة –بحسب ما خرج-، وبين سيولة منخفضة إلى حدود أعلى بقليل من الحدود الدنيا مثل المصرف العقاري
حسب ما قالت وزارة المالية يوم أبلغت العقاري قرار وقف القروض، على حين تتحدث مصارف أخرى عن توافر سيولة لديها يفوق معدلها 30% وتملك إمكانية الإقراض مثل مصرف التسليف الشعبي.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» حول السيولة المتوافرة لدى المصارف العامة، والأفق المتوقع لهذه السيولة في السنة الجديدة 2013، قالت مصادر مصرفية رسمية: إن كل ما يتصل بعمل المصارف من سيولة وإقراض متعلق بالظروف الراهنة، وبالأخص مسألة النقد ورؤوس الأموال والاستثمارات والنشاط الاقتصادي الوطني، ليس فقط في سورية، بل في أي بلد حول العالم، مبدية في الوقت نفسه تفاؤلها بوضع النقد والمال ومن ثم السيولة، مع الأخذ بالحسبان أن هذا التفاؤل هو تفاؤل نسبي لأن التعافي الاقتصادي والمالي يتشكل ببطء ولكن بثقة.
وحول وضع السيولة بعد 21 شهراً من الأزمة في سورية، وما يطرحه البعض عن وصول سيولة بعض المصارف العامة إلى الخطوط الحمر، قالت المصادر المصرفية الرسمية: إن الظروف التي مرت بها سورية وما حملته من قسوة طوال 21 شهراً بفعل الإرهاب، حملت تحديات كبيرة للعمل المصرفي ورغم كل ذلك ما زالت المصارف واقفة على رجليها وتعمل وفق نمطها المعتاد رغم بعض التغيير لمواكبة الظروف المستجدة، مع الأخذ بالحسبان أن المصارف العامة ليست في الوضع الأفضل، بل هي في وضع مستقر ضمن الحدود المقبولة تبعاً للظروف الراهنة، مؤكدة في الوقت نفسه أن المصارف العامة ستبقى على هذه الحالة ولن تتغير الظروف الخاصة بها إلا نحو الأفضل، أي وبعبارة أخرى ما من تدهور لوضع المصارف العامة عما هي عليه، مشيرة إلى أن استقرار وضع المصارف حالة تستقى من حركة الإيداعات والسحوبات التي تتفاوت بين أسبوع وآخر بحسب الحالة العامة، ولكن المسيطر عليها هو توازن الإيداعات مقابل السحوبات، وبعبارة أخرى فإن ذلك يعني أن السيولة ورأس المال يدوران ولا يتوقفان لدى أحد طرفي السحب والإيداع، وهو دليل حقيقي على الاستقرار النفسي الذي يدفع إلى السلوك المالي المعتاد، يضاف إلى ذلك تأقلم المجتمع السوري وأفراده مع الظروف المحيطة، ما خلق استقراراً نفسياً لم يعد قابلاً لصدمات، وهو ما ينعكس جلياً في سلوكيات الناس في أعمالهم وسحوباتهم وإيداعاتهم، على حين شهدت السنة الأولى للأحداث في سورية حركة سحوبات هائلة، مقارنة بإيداعات خجولة، وهي سحوبات تراجعت لمصلحة الإيداعات خلال الأشهر الأولى من السنة الثانية، وصولاً إلى مرحلة الاستقرار.
وتفيد المصادر المصرفية الرسمية بحسب " الوطن" إلى أن وضع المصارف حالياً من حيث السيولة أكثر استقراراً من الفترة الماضية، تبعاً لحركة السحب والإيداع، مبينة أن الجزء الأكبر من السحوبات التي تتم، تبقى في حسابات المصارف العامة، لأن من يقوم بالسحب بالنسبة للأغلبية العظمى من الزبائن يسدد ما سحبه في مصرف آخر، سواء كان وديعة تبعاً لأسعار معدلات الفائدة الممنوحة، أو تسديد قيم عقارات مشتراة أو قيم عمليات تجارية، أو أقساط مستحقة على الساحب من مصرف لدى مصرف آخر، وبالتالي تبقى هذه الكتلة من الأموال، ضمن القطاع المصرفي السوري دون أن يخرج منها ليرة واحدة خارج سورية، لأن من أراد تحويل أمواله فقد حولها، ومن اكتنزها بالدولار أو اليورو أو الذهب فقد اكتنز، وبقيت الأموال من أراد الادخار بالليرة السورية، ضمن المصارف وبالليرة السورية.