أظهر تقرير أن إنتاج الأدوية في تراجع بشكل مخيف، حيث بات نقص أصناف معينة من الدواء في الصيدليات بدمشق أمراً شبه طبيعي، وباتت كلمة لا يوجد والتي غالباً ما يقابل بها الصيادلة الزبائن أمراً عادياً.
فقد انسحب نقص الأدوية بل وفقدان بعضها على العديد من الصيدليات في وسط دمشق حيث فرغت الرفوف من بعض أدوية مرضى القلب والسكر والضغط والأطفال نظراً لتوقف عجلة الإنتاج في عدد من المصانع.
وحتى فترة قريبة (قبل الأحداث) كان انتاج سورية من الأدوية يغطي حوالي 90% من حاجة السوق.
ومن أبرز الأدوية التي فقدتها السوق السورية، بحسب استطلاع أجرته "الاقتصادي" مؤخرا، هو بوتوفنت الربو 4 adamicron MR + Tri B للسكري، وادنترا 10 للضغط، و Florouracil مضاد للسرطان.
وقال أحد الصيادلة إن: "أغلب معامل الأدوية تقع في الأرياف سواء في حلب أو حمص أو دمشق، ونظراً للأوضاع الأمنية فقد أغلق معظمها نظراً لصعوبة الوصول إليها ما خلق حالة من نقص الأدوية لم نمر بها من قبل".
مشيراً إلى خطوة ذكية قامت بها "وزارة الصحة" سابقاً لتفادي مثل هذه الأزمات وللحيلولة دون انقطاع الأدوية من السوق بحيث سمحت للشركات بطرح أدوية عديدة لمرض واحد وهو ما يعرف اليوم بـ البدائل فالمريض الذي لا يجد الدواء المعتاد عليه لمرض محدد ومن شركة بعينها، فإنه يلجأ للحصول على دواء من شركة أخرى تحت مسمى آخر لكن بنسب المواصفات والفعالية.
وعلى حد قوله أصبح هذا الإجراء يفقد فعاليته نظراً لتوقف العديد من المعامل عن الإنتاج.
وفي المقابل وأمام نقص بعض أصناف الأدوية الحاصل، بات المواطن يتجه بشكل ملحوظ لتأمين أدويته من الخارج وخاصة من لبنان والأردن أو من السوق غير النظامية وهو ما يعرف بالأدوية "المهربة" رغم أسعارها المرتفعة والتي لا تلائم دخول المواطنين، فضلاً عن عدم ضمانها كونها خارج رقابة الصحة والمعنيين.
وقال صيدلي: "مشكلة الأدوية المهربة لم ننجح في كبحها قبل الأزمة فكيف الآن..". في إشارة منه إلى تعاظم تجارتها.
وفي سياق متصل دعا صيدلي آخر "وزارة الصحة" لتعديل أسعار الأدوية بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية وقال: "كان الصناعي يستورد المواد الأولية على سعر دولار 48 ليرة سورية قبل الأحداث وعليها وضعت التسعيرة.. اليوم الدولار بـ94 ليرة ولازال البعض يستورد مواد أولية لكن بسعر الدولار الحالي فهل يعقل أن يبيع المنتج بالتسعيرة السابقة؟".
وبات صيادلة في بعض المناطق وخاصة بريف دمشق يضعون تسعيرة خاصة أعلى على أصناف معينة من الأدوية حيث يضعونها فوق السعر الرسمي المخطوط من قبل وزارة الصحة على العبوة دونما رقابة من أحد.
وأكدت معاون وزير الصحة للشؤون الدوائية سوسن ماضي، في تشرين الثاني الماضي، على عدم نقص الأدوية في المستودعات رغم الظروف الصعبة التي تمر بها سورية، مشيرة إلى أن المخزون الموجود في المستودعات يأتي تحت تصنيف أدوية طوارئ أي أنه يشكل مخزون استراتيجي ثابت يستخدم في حالات الطوارئ فقط ويعوض على الفور في حال تم سحب أي كمية منه حتى لا يحصل أي نقص فيه.
وكان وزير الصحة سعد النايف، ذكر الشهر الماضي، أن الأسابيع القليلة القادمة ستشهد تأمين دفعات غير مسبوقة من التجهيزات الطبية والأدوية النوعية بما في ذلك أدوية مرضى الأمراض المزمنة الأمر الذي من شأنه تلبية المزيد من الاحتياجات الصحية للمواطنين وكذلك المحافظة على المخزون الاستراتيجي المدور من الأدوية والمواد الطبية في المؤسسات الصحية خدمة لصحة المواطنين.
وأشار استبيان، أجرته مجلة "الاقتصادي" مؤخرا، شارك فيه 1260 مواطناً من (دمشق، ريف دمشق، حلب، حماة، حمص، الحسكة، السويداء، اللاذقية)، إلى أنّ 71% من المشاركين في الاستطلاع يجدون صعوبة في تأمين الأدوية اللازمة لهم ولأسرهم.
وبيّن أن 41% من المستطلعة آراؤهم أنّه لايتوفر بديل محلي للدواء الأجنبي الذي يفتقدونه، بينما يعتقد 49% أن البديل المحلي يتوفر بصعوبة، وأبدى 26% من المشاركين في الاستطلاع عدم رغبتهم بتبديل الدواء الذي يعتادون عليه بسبب الشك في فعالية الدواء البديل، أو غلاء البديل الأجنبي.